زاد الحرمان من مواساة الاهل والبعد عن الوطن الام من معاناة اعضاء الجالية الجزائريةبغزة التي تعاني، على غرار باقي اهالي القطاع، من بطش ووحشية العدوان الاسرائيلي الذي اوقع حتى الآن مئات الشهداء و آلاف الجرحى. ويصعب تحديد عدد هذه الجالية في قطاع غزة لغياب الاحصائيات الدقيقة، كما يقول مسؤولو القنصلية الجزائرية بالقاهرة، لكن الاتصالات موجودة مع بعض اعضائها للاطلاع على اوضاعها والسعي لمساعدتها خاصة بعد العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة. ومما يزيد من معاناة هذه الجالية كون غالبيتها، ان لم نقل مجملها، نساء متزوجات من فلسطينيين قدمن الى غزة بدء من سنة 1994 عند استلام السلطة الفلسطينية ادارة القطاع. وقد وصفت السيدة عائشة حملاوي و هي مقيمة بغزة منذ 94 في اتصال هاتفي مع واج، الظروف التي تعيشها الجزائريات ب ''جد صعبة'' حيث تواجهن واطفالهن اهوال العدوان الاسرائيلي. وقد تضاعفت معاناة هذه السيدة بعد استشهاد زوجها الشرطي عماد ابو الحاج في اليوم الاول من الغارات الاسرائيلية حيث اصبحت، كما قالت، مسؤولة عن ستة اطفال اكبرهم في الاولى اعدادي و اصغرهم يبلغ من العمر 14 شهرا. وبصوت ملؤه الحزن والاسى على ما آلت اليه حالتها بعد فقدان زوجها، تحدثت عن تلك الماساة اليومية التي تعيشها اسرتها و كل الاسر الفلسطينية في غزة جراء هذا العدوان الغاشم الذي سلط على شعب أعزل كان يعاني الجوع و الحرمان بسبب الحصار الخانق منذ نوفمبرالماضي. كل الجزائريات في غزة يكابدن نفس معاناة سكان القطاع، لكن الغربة والبعد عن الاهل تزيد من حدة آلامهن، تقول السيدة عائشة، مشيرة الى ان ذلك ساعدهن على التواصل فيما بينهن لمواساة بعضهن البعض و لو عن طريق الهاتف. وتضيف ''لقد كان زوجي، رحمه الله، قريبا من هذه الجالية يحاول دائما تقديم يد العون خاصة فيما يتعلق باستخراج الوثائق و غيرها من الامور''. وتأبى هذه السيدة ان تكون هي و اطفالها عبئا على اخ زوجها، الذي تكفل بهم بعد وفاة أخيه و هي الآن على اتصال بالسفارة الجزائرية بالقاهرة سعيا لمساعدتها في العودة الى بلدها. ولكن يبقى مشكل الاحتلال عائقا دائما امام تطلعها الى العودة حيث لا يمكن الانتقال الى رام الله لاحضار جواز سفرها ولا الخروج عن طريق معبررفح. ومن جهتها، ترفض السيدة نبيلة مصطفى يحيى بحدة وصف قصف الطيران الاسرائيلي ب ''العمليات الجراحية'' كما تدعي اسرائيل قائلة ''لقد دمر بيتي المتواجد بتل الهواء بغزة عن آخره جراء سقوط صاروخ و ضاع كل ما أملك من متاع و وثائق واموال''. وتتذكر السيدة نبيلة بحسرة كل التضحيات التي قدمتها و زوجها منذ 1998 تاريخ زواجهما من اجل امتلاك بيت يضمهما و اولادهما الثلاث، ولكن ضاع كل شيء في لحظات. وتضيف متسائلة ''اين هي الدقة في هذا القصف الهمجي عندما يقتل الاطفال والنساء و الشيوخ و تهدم البيوت والمساجد''. واثناء الحديث مع السيدة نبيلة، سمع دوي انفجار انقطع بسببه الخط الهاتفي لنعاود الاتصال و يتضح من كلامها ان دبابة اسرائلية اطلقت قذيفة على سيارة مدنية كانت تمر بالقرب من مكان تواجدها . وكانت السيدة نبيلة تتحدث، و هي مرعوبة خوفا من اقتحام الجنود الاسرائيليين البيت الذي آوت اليه واطفالها في اي لحظة من اللحظات مرددة بصوت خافت ''إنهم يتقدمون شيئا فشيئا في اشارة الى جنود الاحتلال و لا ادري ما كان مصير الاسر التي اقتحموا بيوتها''. ويتجلى الرعب والخوف الذي استولى على سكان غزة من خلال شهادة هذه السيدة التي تقيم بشمال القطاع. ولم تستطع السيدة نبيلة امساك دموعها، فاجهشت بالبكاء و هي تقول ''كيف لي ان اضمن لقمة العيش لابنائي و انا الآن لا املك شيئا بعد ان تحطم بيتي ونجوت واطفالي باعجوبة حيث شاءت الاقدار ان نخرج من البيت لحظات قبل ان يدمره الصاروخ''. نفس الالم و الحزن كان في نبرة السيدة عونية عزايزي المقيمة في غزة منذ 1994 حيث وصفت الظروف التي تعيشها الجالية الجزائرية، و ان كانت لا تختلف من ناحية المعاناة و الرعب اليومي الذي تعيشه كل الاسر الفلسطينية، الا انها تتالم اكثر لبعدها عن ذويها و صعوبة الاتصال بهم. وتسعى سفارة الجزائرفي مصر لاحصاء عدد اعضاء الجالية الجزائريةبغزة. وفي هذا الصدد، قال القنصل عبد الحق عياضات ان مصالحه لديها قائمة باسماء الجزائريين و الجزائريات المتواجدين هناك الا انها غير دقيقة. واوضح المسؤول، انه تم ارسال القائمة المتوفرة باسماء الجزائريات المقيمات في غزة واسرهن »الازواج و الاطفال« الى السلطات المصرية للسماح لهم بالدخول الى الاراضي المصرية في حالة فتح معبر رفح . واكد ان المصالح القنصلية على استعداد للتكفل بالامر و استخراج جوازات السفر لهؤلاء، شريطة ان تكون لديهم اوراق اثبات جنسيتهم كجواز سفر قديم او بطاقة هوية، كما ستمنح لهم و اسرهم التاشيرات مجانا للدخول الى الجزائر. وكانت السفارة الجزائرية و المصالح القنصلية قد تكفلت في شهر اوت الماضي بحوالي 50 شخصا من اطفال و امهات جزائريات من غزة و وفرت لهم الوثائق الضرورية للدخول إلى الجزائر.