الحركات تؤكد احترامها للوحدة والسلامة الترابية والطابع الجمهوري أعطيت، أمس، إشارة انطلاق المرحلة الأولى للمفاوضات بين الحكومة المالية و6 حركات مسلحة من شمال مالي، بالجزائر العاصمة، وتبادل الطرفان داخل قاعة واحدة وجهات النظر حول المبادئ الأساسية والمنهجية وورقة الطريق لمباشرة الحوار وجها وجها، وفيما أكدت باماكو على نيتها الخالصة لبلوغ التسوية النهائية عبرت الحركات عن احترامها للوحدة الترابية وسيادة البلاد. لاحت نفحات التفاؤل الأولية بحل الأزمة المالية من أرض الجزائر، عبر القنوات السلمية، وعبرت الأطراف المعنية داخل قاعة الاجتماعات بفندق "الأوراسي" محاطة بالممثلين السامين للمنظمات الإقليمية، القارية والدولية عن إرادتها في دخول هذه المفاوضات التي سعت إليها الجزائر بطلب من الرئيس المالي ومباركة المجموعة الدولية والمعنين أنفسهم. على ماذا يتفاوض الطرفان؟ سؤال سيجد الإجابة الشافية والكافية عليه اليوم، عندما يتقابل وفد الحكومة المالية الذي يقوده وزير الخارجية، عبد اللاي ديوب، ويتشكل من الممثل السامي للرئيس كيتا ووزارء المصالحة والداخلية والأمن، اللامركزية والمدينة وإعادة اعمار مناطق الشمال والإغاثة الإنسانية مع الحركات المسلحة والسياسية في شمال مالي على طاولة واحدة. تفاصيل المفاوضات جاءت بعد الاتفاق على احترام المبادئ الأساسية وجوهر القيم المكرسة في دستور مالي، وتشمل الوحدة الوطنية والترابية، السيادة والطابع الجمهوري واللائكي للدولة والتي ضمنت في "إعلان الجزائر" الموقع عليه من طرف 3 حركات في 06 جوان المنقضي و«أرضية الجزائر الأولية" الموقع عليها من طرف 3 حركات أخرى في 14 من ذات الشهر. هذه المستندات والوثائق وجدت طريقها إلى الصياغة نظير التسهيلات التي هيئتها الجزائر باعتبارها وسيطا للأزمة وتوصلت لذلك بعد مشاورات واتصالات دائمة مع الأطراف المعنية. وزير الخارجية رمطان لعمامرة الذي توسط الحضور بصفته مشرفا على اللقاء التاريخي صرح للصحفيين "أنه سيتم التوصل إلى خارطة طريق الحوار الشامل مع نهاية شهر رمضان كأقصى تقدير، لأن المستندات الموقع عليها من طرف الحركات لا تحمل اي خلاف حول المبادئ والتزمت كل جهة بها". ما يعني أن الفرقاء الماليين على مشارف بلوغ مخرج النفق المظلم الذي أدى إلى انهيار مساحة شاسعة من رقعته الجغرافية. وزير خارجية مالي عبد اللاي ديوب، صعد المنبر أولا وألقى خطابه أمام الحركة العربية الأزوادية، المجلس الأعلى لتوحيد أزواد والحركة الوطنية لتحرير أزواد، وهم الموقعون على إعلان الجزائر، وقال محييا أشقاء الشمال على قرارهم التاريخي على حد قوله بقبول دخول المفاوضات "أننا اخترنا طريق السلم وجئنا هنا، أمامكم، وجها لوجه لنبني في أفق قريب مالي آمالنا جميعا ونضع يد بيد لتحقيق ذلك" مضيفا انه "في ظل السياق الدولي المضطرب يبقى الحوار بيننا أولوية قصوى ويكتسي أهمية بالغة للحفاظ على الطابع الإنساني بعد الحرب وتلبية تطلعات كل الماليين على حد سواء". وجدد أمامهم استعداد الرئيس المالي والحكومة للتفاوض وتبادل وجهات النظر برحابة صدر وشفافية تامة وبمرافقة المجموعة والجزائر "لان لدينا مسؤوليات تاريخية وإذا كنا اليوم وجها لوجها سنكون غدا جنبا إلى جنب" خاتما بأن للجمهورية الجريحة كل القدرات لطي الصفحة وتمزيقها للأبد والعيش في كنف السلم والاستقرار. لم تصفق الحركات الثلاث التي جلست على يمين القاعة، لهذه الكلمة، لكنها سرعان ما أكدت أن لديها نفس النية والإرادة وبشكل يوحي أنها على القدر ذاته من رغبة الحكومة المركزية في دخول المفاوضات، ودعا جيري محمد أومايغا نائب رئيس الحركة الوطنية لتحرير الأزواد والذي صعد المنبر بصفته منسقا للجماعات "إلى جعل لقاء الجزائر منطلقا لمناقشات صريحة وذات مصداقية حتى نصل إلى اتفاق نهائي". وتابع "نحث الجميع على طي صفحة الضغينة وأن نفتح صفحة الحب مابيننا"، مردفا "نؤكد استعدادنا للشروع في مفاوضات شفافة ونزيهة وعلينا ان نعالج المشكل ونكون على وعي بحقيقة الأزمة". وطالب أومايغا باشراك الحركات في إعداد خارطة الطريق الخاصة بالمفاوضات قائلا "نحن لا نعرقل ولكن علينا المشاركة في المنهجية ونحن نقبل بالسلامة الترابية والوحدة والسيادة والطابع اللائكي الجمهوري للدولة أما الحوار الضمني فهو يخص داخل البيت". لعمامرة أعطى وقتا مستقطعا ب5 دقائق، عبر خلالها للصحفيين عن تفاؤله بالتوصل إلى حل والمضي قدما في الحوار الشمال، وفسح المجال لمغادرة الحركات الثلاث ودخول الحركة العربية الأزوادية، التنسيقية من أجل شعب أزواد وتنسيقية الحركات والجبهات القومية للمقاومة التي وقعت على "أرضية الجزائر الأولية" ولم تعين ممثلا عنها للكلام وإنما نابت كل واحدة عن نفسها وعبرت أمام المجموعة الدولية عن رغبتها الجامحة في إنهاء الخلاف الذي دام 5 عقود، ودعت إلى ضرورة مساعدة البلاد على محاربة الإرهاب وعصابات الجريمة المنظمة بالشمال، كما طالبت بأن يشمل الحوار مع الحكومة الجانب السياسي المؤسساتي، الأمني، الاقتصادي الاجتماعي والثقافي. وتشاركت في التعبير عن انشغالاتها بالأمن والاستجابة لتطلعات شعب المدن الشمالية مؤكدة استعدادها للتفاوض مع الحكومة وإقرار حوار ينهي المعاناة ويشمل كل جوانب الأزمة، واعتبرت أن العراقيل التي لا تعني استحالة حل المشكلة وإنما هذه الأخيرة لم تطرح بالشكل المناسب. وعَقّب وزير خارجية مالي على ممثلي الحركات بتجديد تحمس السلطة لهذه المفاوضات، قبل أن تستمع الحركات ال6 مجتمعة داخل القاعة على نصائح المجموعة الدولية المشددة على التسريع في مسار السلام والتشجيع على تجاوز كافة العراقيل. وسيدخل الطرفان بدءا من اليوم في مفاوضات مباشرة ينتظر ان تفضي إلى حل أولي يسبق دخول الحوار المباشر مع نهاية شهر رمضان الفضيل.