لم يدم انتعاش اسعار النفط المسجل خلال الاسبوع الماضي طويلا اذ سرعان ما عاودت التراجع بوتيرة تكاد تكون اسرع من وتيرة الارتفاع الذي طبع اسواق النفط مباشرة بعد بداية العدوان الاسرائيلي على غزة الذي تزامن مع دخول قرار أوبيك الاخير بخفض امداداتها من النفط حيز التنفيذ اعتبارا من الفاتح من جانفي الحالي، اسعار النفط التي بلغت اعلى مستوى لها في سنة ,2009 سجلت في منتصف الاسبوع الماضي بتخطيها لعتبة 50 دولارا للبرميل بالنسبة لسعر البرنت المرجعي و49 دولارا للخفيف الامريكي، بينما عرفت تراجعا متواصلا في نهاية الاسبوع ليصل البرنت الى 44 دولارا والخفيف الامريكي الى 40 دولارا فقط في نهاية تعاملات الجمعة، وامام هذا التراجع السريع فان منظمة الاوبيك قد تلجأ الى خفض آخر في انتاجها، وذلك حسب ما صرح به وزير النفط الكويتي الذي ستستضيف بلاده في 19 جانفي الجاري القمة الاقتصادية العربية حيث من المحتمل جدا ان يعقد لقاء على هامش هذه القمة يجمع وزراء النفط في اوبيك للتشاور حول امكانية اقتراح خفض جديد في انتاجها، اذا استمرت اسعار النفط في التراجع. وكان وزير الطاقة والمناجم الجزائري السيد شكيب قد اعلن عقب الاجتماع الاستثنائي لاوبيك الذي عقد في شهر ديسمبر الماضي في مدنية وهران احتمال عقد لقاء اخر في الكويت اذا لم تستجب السوق النفطية لقرارات الخفض المتتالية وخاصة الاخيرة منها والمتعلقة بسحب ما لا يقل عن 2,2 مليون ب/ي. ولكن يبدو ان الارتفاع النسبي في الاسعار مع بداية الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة والذي غذته عوامل أخرى مثل النزاع الروسي الاوكراني حول تصدير الغاز الروسي الى اوروبا ونوايا امريكا في رفع مستوى الاحتياطي عن المستوى العالي وبداية تنفيذ قرار اوبيك الاخير الذي يكون قد عكس الرغبة الجماعية في الالتزام بهذا القرار.. هذا الارتفاع في الاسعار لم يكن الا مؤقتا وظرفيا طالما ان الاسباب الحقيقية التي تقف وراء التراجع القياسي في الاسعار من 147 الى 33 دولارا للبرميل فقط، لم يتم القضاء عليها والتي تترجم بتراجع متوقع في الطلب على الذهب الاسود خلال السنة الجارية بسبب استمرار تداعيات الازمة المالية وبسبب صدور المزيد من البيانات والمؤشرات حول تراجع النمو في بعض القطاعات الحساسة والحيوية كصناعة السيارات والطائرات وغيرها، وفقدان المزيد من مناصب الشغل على نحو غير مسبوق. ولمواجهة حدة الازمة المتعددة الاشكال لا تزال الجهود متواصلة من قبل العديد من الدول لاعادة انعاش القطاعات التي مسها تراجع كبير في النمو، حيث تسعى هذه الدول الى ادخال المزيد من الآليات المالية قصد التأثير على مستوى الاستثمار من خلال تحفيزه ورفع مردوده كتخفيض معدلات الفائدة الذي مس العديد من المؤسسات المصرفية العالمية وآخرها كان بنك انجلترا حيث اتخذ اول امس اجراء تخفيض سعر الفائدة الى 1,5٪. من جهة اخرى فان الرئيس الجديد للولايات المتحدةالامريكية الذي يستعد لتولي تسيير شؤون البلاد السيد باراك اوباما يحمل معه تصورا خاصا لحل معضلة الركود الاقتصادي وستتضح ملامحه قريبا، لكن تجسيده ولو كان سريعا لن يحرك بسرعة النمو والكساد، انما ينبغي انتظار المزيد من الوقت للوقوف عند انعكاسات الجهود التي ستتجسد في القريب العاجل. ويتأكد مرة اخرى ان عودة الاسعار النفطية نحو الارتفاع قد لن تتحقق على المدى القصير الذي قد يشهد تراجعات اخرى في الاسعار مما سيدفع بدول اوبيك الى اقرار خفض المزيد من الانتاج قد يكون الرابع من نوعه في مدة لا تتجاوز الستة اشهر. ------------------------------------------------------------------------