أقام رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة أمس بوهران مأدبة غداء على شرف رؤساء الوفود المشاركة في الاجتماع الطارئ ال151 لمنظمة البلدان المصدرة للنفط. وكان رئيس الجمهورية قبل ذلك قد أخذ صورة تذكارية مع رؤساء الوفود المشاركة. وقد تميز افتتاح هذا الاجتماع الطارئ بخطاب الرئيس بوتفليقة الذي وجه فيه نداء الى المنظمة لمواصلة جهودها من أجل استقرار السوق خدمة لمصالح كافة الأطراف المعنية. كما أعرب الرئيس بوتفليقة عن ثقته في المنظمة وضرورة توصلها الى قرارات تأخذ في الحسبان الانعكاسات المترتبة على الاقتصاد العالمي من أجل "نمو اقتصادي تطبعه الديمومة ويتقاسمه الجميع" . وخلص رئيس الجمهورية مخاطبا المشاركين في اجتماع وهران بالقول : »أرجو أن تقرروا ورجائي أن تنفذوا« الالترام بالقرارات من أكبر التحديات آخر عبارة جاءت على لسان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في تدخله خلال افتتاح الدورة الاستثنائية للدول الاعضاء في منظمة الاوبيك هي: »قرروا ونفذوا«. ذلك لان التحدي لا يكمن في اتخاذ القرارات المناسبة لمواجهة وضعية السوق المتدهورة فحسب، وانما في تنفيذ هذه القرارات واخذها مأخذ الجد عند تجسيدها ميدانيا، هي التحدي الاكبر الذي يواجه المنظمة. واجهت الدول الاعضاء في اوبيك تحديات عديدة عبر السنوات الماضية وما صاحبتها من عقبات وانتكاسات بفعل تقلبات السوق النفطية التي كادت في بعض الاحياء ان تعصف بها، لكن التحدي الاكبر الذي واجهته المنظمة وقد تواجههه في الفترة القادمة هو مدى التزامها بقرارات وهران حول تخفيض مستوى انتاجي منذ بداية الانتكاسة الراهنة المتميزة بتراجع مفاجئ وسريع في اسعار النفط من 147 دولارا الى اقل من 50 دولارا، والمنظمة تواجه تحدي تداعيات الازمة المالية التي نجم عنها ركود اقتصادي يبدو انه يأبى اعادة البعث من جديد، رغم كل ما بذل من جهود من خلال ادخال ادوات وآليات مالية ونقدية لانعاش الاستثمار من جديد، الى جانب ذلك، التحدي الآخر الذي افرز فائضا كبيرا في مخزونات النفط بعد ان كانت اوبيك تضخ مزيدا من النفط دون حاجة حقيقية واقتصادية لذلك، الامر الذي اغرق السوق النفطية وكون فائضا، فشلت كل الجهود في امتصاصه بسبب عدم الجدية التي طبعت تصرفات بعض اعضاء المنظمة، ولا سيما كبار المنتجين في المنظمة الذين تبادلوا في وقت سابق التهم فيما بينهم بشأن الالتزام من عدمه. آخر الارقام التي نشرتها المنظمة حول تخفيض الانتاج، كما تقرر في 24 اكتوبر الماضي، تشير الى ان اجمالي ما تم خفضه لم يتجاوز 800 الف برميل في اليوم، وذلك بالنسبة لشهر نوفمبر، في حين ان قرار المنظمة كان يقضي بتخفيض 1,5 مليون ب/ي، وهذا يعني ان القرار الذي كان يفترض دخوله حيز التنفيذ، بداية من اول نوفمبر، لم يلق الاحترام والالتزام، مما يكون قد ساهم الى حد ما في عدم اخذ مأخذ الجد لاية مقررات قد تصدر عن اوبيك، وبالتالي الانقاص من مصداقيتها في التحكم في اسعار النفظ، وخلال اجتماع اوبيك امس وعلى الرغم من تداول معلومات قبل انطلاقه بترجيح خفض الانتاج بمليوني برميل في اليوم، وهو رقم تاريخي وقياسي لم يبلغ اي خفض فيما مضى، الا ان الاسواق النفطية لم تتفاعل ابدا مع ذلك، بل وبعد ان انتعشت نسبيا في بداية التعاملات عاودت التراجع، ويعود سبب الانتعاش الى الاجراء المفاجىء الذي اتخذه الفدرالي الاحتياطي بخفض اسعار الفائدة التي ما بين الصفر وربع النقطة، قصد اعادة بعث الاقراض لاعادة انعاش الاقتصاد الامريكي. غير ان هذا الاجراء الذي وصفه رجال المال بأنه مصيدة للسيولة لم يكن ذا اثر مباشر على المستوى الاقتصادي ولم يحفز المستثمرين على الاقتراض وبالتالي فانه لم يؤثر طويلا على مستوى الاسعار النفطية التي تبقى متدنية ولم تبلغ الحد الذي يعطي ولو بصيص من التفاؤل لاعضاء اوبيك للابقاء على بعض التحفظات بشأن مستوى الخفض الذي كان ينتظر ان يكون كبيرا للتأثير المباشر على الاسعار، وذلك في حالة واحدة هي الاحترام الفوري لمستويات الخفض وتنفيذه مباشرة او، كما قال رئيس الجمهورية في رسالة مباشرة وواضحة لممثلي الدول المنتجة والمصدرة للنفظ اوبيك، بعد القرار ينبغي ان يأتي التنفيذ الفوري، والا فان الاسعار ستعرف انتكاسات اخرى لا يعتقد انها ستخدم مصالح اي طرف في المنظمة سواء المتشدد او المحافظ او المعتدل، لان مزيد من التراجع في الاسعار يعني المزيد من الخسائر ويعني ان تأثيرات وانعكاسات سلبية على كل اقتصاديات دول المنظمة دون اي استثناء يذكر. ------------------------------------------------------------------------