سلط، أمس، منتدى جريدة "الشعب" في خرجة ثانية له خارج الجزائر العاصمة، الضوء على الأحداث التاريخية لمظاهرات ال11 ديسمبر 1960، من خلال ندوة نقاش، احتضنتها المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية "مالك بن نبي" بولاية عين تموشنت، نظمت بالتنسيق مع المنظمة الوطنية للمجاهدين في احتفائية مزدوجة بالذكرى ال52 لتأسيس "أم الجرائد" في11 ديسمبر1962 والتي تتزامن مع الذكرى ال54 لمظاهرات 11 ديسمبر1960 المجيدة، تدخل أيضا في إطار تخليد ستينية الثورة التحريرية.وقد سطرت بالمناسبة محاضرة تاريخية تحت عنوان «مظاهرات 11ديسمبر1960، الطريق إلى المفاوضات»، نشطها الأمين العام للمنظمة الوطنية المجاهدين سعيد عبادو والأستاذ الجامعي محمد قنينش، بحضور السلطات المحلية للولاية والأسرة الثورية والطلبة والإعلاميين. كشف الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين، سعيد عبادو، في منتدى "الشعب"، المنظم بولاية عين تموشنت بمناسبة الذكرى ال54 لمظاهرات 11 ديسمبر 1960 والذكرى ال52 لتأسيس الجريدة، أن هناك قوى سياسية تحاول الاستنجاد بأعداء الجزائر بالأمس للمساس بالأمن الوطني، داعيا الشعب الجزائري إلى أخذ الحيطة والحذر للوقوف ضد هذه المخططات مثلما وقف الأجداد في وجه الاستعمار الفرنسي إبان الثورة التحريرية. وقال عبادو في منتدى «الشعب» المنظم بالتنسيق مع المنظمة الوطنية للمجاهدين، إن الجزائر تجاوزت كل المحن التي كانت تقف في وجهها سواء بعد الاستقلال أو خلال محاربتها للإرهاب لوحدها دون قبول أي تدخل أو مساومات، ما يستوجب الحفاظ على المبادئ الأساسية التي رسمها الشهداء بدمائهم. وأكد عبادو بالمناسبة على ضرورة الاعتماد على جيل الاستقلال الذي تقع على عاتقه معركة البناء والتشييد، مشيرا إلى "أنه إذا كان على جيل الثورة الجهاد والاستشهاد من أجل الاستقلال فإن على جيل اليوم الجهاد من أجل البناء والتشييد". وقال عبادو أن الجزائر كانت دائما وحتى أثناء الثورة ثابتة في مواقفها الرافضة للتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد الذي اعتبره خطا أحمر بقوله "كنا نقبل المساعدات لكننا لا نقبل التدخل في الشؤون السياسية"، موضحا أن الجزائر لم تتدخل في شؤون أي دولة أجنبية وهي ترفض أي محاولة للتدخل في سياستها أو التشويش عليها، خاصة بعدما وصلت إلى الاستقرار والسير نحو التطور الاقتصادي وفقا للنهج الذي رسمه الشهداء. لكن وجود بعض الأطراف التي تستغلها أياد خارجية للتشويش على سياسة الجزائر الرشيدة، أرغم الجميع على التجنيد للتصدي لهذا الخطر. وشدد عبادو على ضرورة المحافظة على ذاكرتنا التاريخية، بحكم أنها المرجعية الحقيقية من خلال تدريس التاريخ للأجيال الصاعدة حتى يكونوا على اطلاع بالتاريخ الوطني ومسيرته، داعيا الأساتذة والمعلمين إلى التركيز على المحاور التاريخية الكبرى التي مرت بها الجزائر إبان الثورة التحريرية ونقلها للأجيال لتكون محطة انطلاقة نحو ثورة التشييد والبناء. وأشار عبادو في ذات السياق إلى أن التعديل الجديد للدستور الذي أقره رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة أعطى أهمية كبيرة لكتابة التاريخ الوطني لوجود ترابط كبير ما بين معركتي التحرير والاستقلال والبناء والتشييد، مضيفا أن ذاكرتنا التاريخية تملي علينا واجب العمل ووضع الحقائق والاطلاع عليها وهو ما حدث في عهد رئيس الجمهورية "الذي مكن الجزائر من تجاوز محنة الإرهاب إلى المصالحة الوطنية حتى أصبحت الجزائر اليوم تنال احترام كل الدول وقبلة لعشرات الوفود التي تسعى إلى الاستفادة من تجربة الجزائر. عن تاريخ ال9 ديسمبر، أكد الأمين العام لمنظمة المجاهدين أنه يوم مشهود بولاية عين تموشنت، لأنه كان بداية لسيل مظاهرات11 ديسمبر 1960 والتي توسعت إلى كافة أنحاء الوطن وامتدت إلى غاية 15 ديسمبر كاشفة عن ارادة الجزائريين في الاستقلال مهما كان الثمن. كما أشاد الأمين العام لمنظمة المجاهدين، بالدور الفعّال الذي تلعبه جريدة "الشعب" لإحياء هذه التظاهرة، مشيرا "أنها يومية وطنية معروفة بوطنيتها وبقوتها في الاهتمام التاريخي الذي هو الواصل ما بين جيل الثورة وجيل الاستقلال". وأكد عبادو أن عين تموشنت دخلت التاريخ بفعل اندلاع أحداث 09 ديسمبر التي حاولت فرنسا من خلال المعمرين أن تبين للرئيس ديغول الذي زار المنطقة قادما من تلمسان أن الجزائر فرنسية ولا بقاء للجزائر من خلال تجنيد عمال الكولون وتلامذة المدارس لتنظيم مسيرة وسط عين تموشنت للمناداة بالجزائر فرنسية. لكن سرعان ما وقع ما لم يكن في الحسبان بعدما تحولت الصيحات إلى الجزائر جزائرية وتحيا الجزائر، ما أرغم ديغول على الفرار بعدما عجز عن إلقاء كلمته أمام مقر بلدية عين تموشنت لتنطلق شرارة الاحتجاجات عبر كافة انجاء الوطن وصداها دوى منهاتن حيث اعترف العالم بعدالة القضية الجزائرية ودخولها إلى منبر الأممالمتحدة. وأكد الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين، أن هذه المظاهرات كانت الفصل في الثورة الجزائر، خاصة بعدما وصل صداها إلى الأممالمتحدة التي أعطت القضية الجزائرية اهتماما بالغا خاصة في ظل الوقوف على التضحيات الجسام التي قام بها الشعب الجزائري الأعزل الذي واجه رصاص المستعمر وجبروته بصدر رحب. ورغم أن مظاهرات 11 ديسمبر برهنت عن حب الجزائريين للحرية ودفعت فرنسا للتفاوض، لكنها كشفت عن مخططات فرنسا في فصل الصحراء عن الجزائر، حيث أكد عبادو "أن فرنسا حاولت الاتصال بأعيان الجنوب من أجل ضمان فصل الصحراء، لكن ذلك لم يكن، وحتى ادّعائها بأنها هي من أكتشفت الصحراء سقطت في الماء".