كنا نعتقد لوقت ليس ببعيد أن المرأة لا يمكن أن تقود سيارة أجرة، وقد نبدي استغرابا عند مشاهدتنا لها وهي تمارس هذه المهنة والسؤال الذي يتبادر إلى الأذهان في تلك اللحظة هل تستطيع المرأة بحكم بنيتها الجسدية أن تصمد في هذا العمل الذي يتطلب مقاييس معينة لا تتوفر إلا عند الرجال ؟ لمعرفة الظروف التي تشتغل فيها سائقة سيارة الأجرة والاطلاع على خبايا هذه المهنة التقت الشعب بالسيدة حموش كريمة التي تمارس هذه المهنة منذ 2011، حيث كشفت لنا أن المرأة بإمكانها ممارسة هذه المهنة وبالتالي فهي ليست حكرا على الرجل كما يعتقد الكثير منا، والدليل على ذلك أن النساء اللائي يقدن سيارات الأجرة في ازدياد مستمر إذ يقدر عددهن على مستوى العاصمة وحدها بخمسين سائقة مقابل عدد لا يستهان به في باقي ولايات الوطن . وقالت السيدة حمو ش أنه باعتبارها ربة بيت وأم لطفل فإن ذلك لا يحول دون أداء واجباتها الأسرية على أكمل وجه بل على العكس من ذلك فهي ترى بأن المرأة العاملة أفضل من الماكثة في البيت لأن الأولى تكون أكثر نشاطا وحيوية في تحمل الأعباء ومواجهة صعوبات الحياة . ولأن مثل هذه المهنة لا تخلو من المخاطر على اعتبار أن هناك العديد من القضايا التي تفصل فيها المحاكم الجزائرية تشمل أيضا اعتداءات تعرض لها العديد من سائقي سيارات الأجرة من قبل زبائنهم، فإن ذلك يجعلنا نجزم بأن سائقات سيارات يتعرضن لمثل هذه الأمور إلا أن السيدة كريمة حموش كشفت لنا العكس، حيث أكدت لنا في سياق حديثها أنها تعمل في راحة تامة مع جميع الزبائن و لم يسبق لها وطيلة مشوارها المهني أن تعرضت لاعتداء أو عنف لفظي لأنها ببساطة تحكم العقل والرزانة في كل ما تقوم به باجتنابها للمسافات الطويلة أو ما بين الولايات، انطلاقا من الجزائر العاصمة باتجاه الولايات الأخرى كقسنطينة وعنابة ووهران، اللهم إلا إذا كان ذلك مع العائلات والأسر التي تربطها بهم علاقات خاصة مفضلة بذلك المسافات القصيرة داخل العاصمة وذلك من باب توخي الحيطة والحذر لاجتناب أي خطر من الممكن أن يلحق بها. ورغم كل ذلك فإن السيدة حموش كريمة تفضل التعامل مع بني جنسها خاصة وأن ذاكرتها تخزن عدة ذكريات وقعت لها أثناء ممارستها لعملها، ويتعلق الأمر بالمضايقات التي تصدر من بعض الرجال، وهي ظاهرة على حد قولها متجذرة في المجتمع الجزائري دون أن نجد لذلك حلا للقضاء عليها بشكل نهائي ...مؤكدة في سياق حديثها أنها تتعرض لذلك أحيانا خاصة وأن هناك بعض الرجال من يتمادى في استفزازاته وذلك بإبداء ملاحظات لا تروق لها، غير أن مثل هذه السلوكات المشينة لم تثن من عزيمتها في مواصلة عملها، ولا تعتبرها مشكلة إطلاقا لأنها وكما جرت العادة فإنها تتجاوز الأمر برزانتها وحكمتها ورجاحة عقلها التي تؤدي دائما بالفرد إلى النجاح والتألق في مساره المهني وتنبه السيدة حموش كريمة النساء العاملات إلى أن مثل هذه السلوكات حتى لا ينبغي أن تشكل عائقا لتحول دون تحقيق طموحهن، بل بالعكس لابد أن يتمتعن بشخصية قوية مما يدفعهن للاستمرار وعدم التفكير في التوقف عن العمل والمكوث بالبيت.