تمثل البورصة "باروميتر" لقياس قوة اقتصاد بلد ما، ومن ثمّة يعطي مؤشرها صورة عن السوق المالية، مما يساعد على تشخيص أحوال الاقتصاد من حيث النمو والركود مقارنة بنسبة الدخل الوطني الخام. ولذلك كما أوضح رفيق بوسة مرقي ببورصة الجزائر، أن هذه الأخيرة وهي حديثة النشأة مقارنة بأسواق مالية أخرى، تعطي إضافة للسوق المالية في الجزائر، مما يمنح للمستثمرين والمؤسسات فرص تمويل ذات طابع اقتصادي. وأوضح في ندوة نقاش أنه من الضروري الاستفادة من تجارب بورصات أجنبية، موضحا أنه مقارنة بتلك الأسواق المالية، فإن ثقل بورصة الجزائر لا يزال يحتاج إلى مزيد من النمو وهو ما تحرص عليه إدارتها الراهنة من خلال الدفع ببورصة الجزائر إلى مقدمة المشهد الاقتصادي. وأضاف أن وزنها من القوة المالية لا يتعدى حاليا 1 بالمائة من الدخل الوطني الخام وتم تسطير هدف بلوغ نسبة 10 بالمائة. وبخصوص تحفيزات إدراج المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في البورصة (توجد 700 ألف مؤسسة صغيرة ومتوسطة والطموح بلوغ أكثر من مليون مؤسسة)، اعتبر إنها ليست وليدة اليوم إنما وردت في قانون المالية 2014، وبالذات في المادتين 66 / 67 وهي سارية بحيث وردت جملة من التحفيزات الجبائية التي تصبّ في إطار تدعيم السوق المالية من خلال إدراج أكبر عدد ممكن من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في البورصة. فكل مؤسسة تفتح رأسمالها بنسبة معيّنة تستفيد بإعفاءات ضريبية بنفس القدر لمدة 5 سنوات ونفس الامتياز لمن يقتني الأسهم والسندات وسواء كان المستثمر شخص طبيعي أو معنوي. وأكد رفيق بوسة الذي يرأس جمعية خريجي المدرسة العليا للمصرفة أن الساحة الاقتصادية الجزائرية تتوفر على قدرات وفرص ثمينة للنهوض بالبورصة، خاصة وأن لدى السلطات العمومية المختصة قناعة راسخة بضرورة إنعاش البورصة حتى تحتل مكانتها اللائقة. وأشار إلى أن هذا الهدف ممكن التحقيق خلال هذه السنة بإدراج مرتقب ل8 مؤسسات جديدة، كما أعلن عنه سابقا، مسجلا أن مؤسسات القطاع العام لا تزال تمثل القاطرة التي تدفع بنمو البورصة في انتظار إقبال من المؤسسات الاقتصادية للقطاع الخاص. ويمثل هذا إشارة قوية للمتعاملين الاقتصاديين، إلا أنه دعا إلى وضع رزنامة محددة لتجسيد هذا التحول، خاصة وأن الوصاية وافقت على برنامج الدفع بأربع مؤسسات إلى البورصة في غضون السنة الجارية. غير أنه أبرز أهمية توسيع ثقافة التعامل مع البورصة كساحة مالية شفافة ومضمونة التمويل بمختلف الصيغ الاقتصادية منبها إلى تدني مستوى ثقافة التعامل مع البورصة واتساع مساحة جهل رسالتها، وذلك بسبب عوامل مختلفة منها مسألة التواصل بين المتعاملين. وأكد في هذا السياق على دور الاتصال مع المحيط بكافة عناصره لجذب المؤسسات والمستثمرين، خاصة بوجود إجراءات تنظيمية وتحفيزية ذات جدوى. وعن المزايا التي تخدم مستقبل المؤسسة الصغيرة والمتوسطة بدخولها البورصة أوضح محدثنا أن هناك مكاسب تتحقّق مباشرة منها تدعيم سمعة المؤسسة في السوق وإحاطتها بالشفافية وتجاوز الطابع العائلي نحو الديمومة في حالة رحيل صاحبها وكذا الرفع من قيمة الرأسمال، مع احتفاظ بإمكانية اللجوء إلى التمويل البنكي. وتوقف عند تردد فئة من المستثمرين أفرادا ومؤسسات في التعاطي مع البورصة، موضحا أن الأسهم المتداولة في البورصة ليست ربوية، إنما تقوم على عنصر المخاطرة وهي سوق ملائمة لاستقطاب السيولة المالية من خلال تنمية ثقافة الادخار مضيفا أنه تمّ اقتراح العمل بنظام الصكوك، ويشجع استحداث هذا المنتوج غير الربوي باستقطاب شريحة واسعة من الأشخاص الطبيعيين والمعنويين نحو البورصة خاصة وأنها معفاة من الضرائب. وعن سؤال حول فرص انخراط الجالية الجزائرية المقيمة بالخارج في نشاط بورصة الجزائر اقترح رفيق بوسة منح مساحة لهذه الفئة من الجزائريين لاقتناء أسهم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المدرجة بالسوق المالية، مما يضمن استقطاب موارد مالية بالعملة الصعبة ويجسد هذا خيار توسيع الانفتاح على المستثمرين بمختلف قدراتهم المالية. ويمكن القيام بعمليات تحسيس جوارية تجاههم في إطار إرساء جسور التواصل الفعالة التي تقوم بها إدارة بورصة الجزائر.