ثلوج كثيفة تساقطت على ولاية معسكر، كستها حلة بيضاء ناصعة، ولا زالت المناطق الجنوبية تحت العاصفة الثلجية، حيث خصت مرتفعات جبال سعيدة والهاشم وعين فراح، امتداداً إلى مرتفعات بني شقران بعين فارس والبرج. هذا ما توقفت عنده جريدة «الشعب» في استطلاع ميداني. تساقط الثلوج بمعسكر الذي استمر إلى غاية ليلة الجمعة، أضفى صورة شتوية جميلة، لم يتمكن سكان معسكر من التفريط في الاستمتاع بها، بالرغم من الأجواء الباردة، حيث استبشرت العائلات بها، وخرجت لالتقاط الصور في الساحات والحدائق العمومية التي زينها بياض الثلج. فرضت كتل الثلوج على عاصمة الولاية والمناطق المرتفعة في دوائر البرج وعين فارس شرقا، وماقضة والحشم وادي الأبطال وتغنيف ونسمط في الناحية الجنوبية حصارا. أحدثت الازدحام المروري وصعوبة التنقل التي تسبب فيها الصقيع وكميات الثلوج المتراكمة وأدت أيضا إلى غلق العديد من المنافذ من وإلى عاصمة الولاية معسكر. عاش سكان معسكر أجواء إحتفالية، لم تؤثر بها أزمة حركة النقل التي شلت تماما صبيحة الخميس، ومنعت عددا كبيرا من الموظفين من الالتحاق بمناصب عملهم، وهي الفرصة التي لم يفوتها تلاميذ المدارس في التجمع أمام المؤسسات التربوية، للهو بكرات الثلج والتمتع بالمناظر الشتوية الخلابة. قال الطالب في ثانوية جمال الدين الأفغاني، ح.نورالدين، ل»الشعب»، أنه أعجب بتساقط الثلوج بالكمية المعتبرة في ساعات مبكرة من الصباح، مضيفا أنه استعجل لقاء زملائه في الدراسة من أجل مشاركتهم الفرحة بالأجواء الاحتفالية، وسرعان ما تحول تخوفه من عدم التحاق زملائه بمقاعد الدراسة إلى فرحة عارمة، أنست الجميع متاعب التحضير للواجبات المدرسية. آمال وهي صحفية، قالت لنا وهي تتحضر للخروج في زيارة عمل إلى المحمدية، أنها استيقظت ومعنوياتها النفسية محبطة، لكن سرعان ما تحول ذلك الشعور إلى سعادة غير مبررة، بعد رؤيتها للحلة البيضاء. وأضافت آمال وقالت إن الحلة البيضاء، لم يمنعها من اللهو واللعب في ساعات الفجر الأولى التي عرفت تساقطا مثيرا للثلوج. عمال النظافة أيضا كان لهم رأيهم الخاص بتساقط الثلوج، في حدود الساعة السادسة صباحا، ومن أمام ساحة الأمير عبد القادر، كانوا يزاولون مهامهم النبيلة بأيدي عارية، ويتقاذفون بكرات الثلج بين الحين والآخر. وعبر «قادة» عامل نظافة شاب، أن صبيحة الخميس كانت من أبهى الأيام الخالية من التذمر، من مشقة العمل في ساعات متأخرة من الليل، وأن الثلوج بالرغم من برودة الطقس، بعثت في عمال النظافة شعورا متجددا بالطاقة والرغبة في العمل. عمال جامعة معسكر، وطلبتها عاشوا نفس الأجواء الاحتفالية الشبيهة بأيام العيد، لعب ولهو وفرحة لا مثيل لها، بعد أن اضطر هؤلاء إلى التنقل للجامعة مشيا على الأقدام، غير أبهين للمسافات الطويلة من وجهات مختلفة. «نسيمة» طالبة في كلية العلوم السياسية، قدمت من سيق عبرت ل»الشعب»، عن دهشتها لدى توقف حافلة نقل المسافرين، أمام النصب التذكاري للأمير عبد القادر، في منعرجات جبال بني شقران، بالمدخل الغربي لمعسكر، عن طريق وهران، على مستوى الطرق الوطني رقم 06 الذي شلت فيه حركة المرور، لمدة ساعتين. وكانت دهشة « نسيمة «، متلازمة لدهشة باقي المسافرين، القادمين من سيق والمحمدية إلى معسكر، وأغلبهم طلبة وموظفين، اضطر بهم شلل حركة المرور، بسبب الجليد الممتد على الطريق الوطني، إلى النزول من الحافلة ومواصلة السير مشيا على الأقدام عبر منعرجات بني شقران، على مسافة كيلومترات طويلة نحو عاصمة الولاية. كما تسببت الثلوج في تسريح تلاميذ المدارس بالمناطق التي تهاطلت بها، بسبب غياب وتأخر الأساتذة والموظفين إثر توقف حركة المرور طيلة صبيحة يوم الخميس. قافلات تضامن وخلية أزمة في طوارئ وقد سارع المواطنون ومستعملو الطريق، إلى التضامن والتدخل قصد مساعدة المركبات العالقة في الثلوج، وكذا المساهمة في تسهيل حركة المرور، في الوقت الذي تمكنت فيه المصالح الأمنية والحماية المدنية بالتنسيق المحكم من التدخل والانتشار عبر المحاور والنقاط التي شهدت عسر في الحركة المرورية، من أجل فتح الطرق والمسالك التي سدتها الثلوج، دون أن تسجل أي حوادث مرورية تذكر. هذا ما كشف عنه مدير الحماية المدنية بمعسكر، الناصر بوشريفي لنا قائلا إن مصالحه «جندت جميع عناصر وسخرت إمكانياتها ووسائلها قصد التدخل الفوري». من جهتها المصالح الولائية، وعلى لسان المسؤول التنفيذي الأول أولاد صالح زيتوني، قال لنا أن الخلية الولائية لليقظة، قد رفعت درجات التأهب لمواجهة أي طارئ بسبب كميات الثلوج المتساقطة، تحسبا للتقليل من مخاطر التقلبات الجوية، مستبشرا أيضا، بما يمكن أن تجلبه الثلوج من خير وبركة للموسم الفلاحي. وذكر الوالي أن خلية اليقظة، قد أصدرت نشرية طقس خاصة أبلغت فيها السكان بوجود اضطراب جوي مصحوب بتساقط الثلوج، من باب الحيطة والحذر واتخاذ ما يلزم من إجراءات وقائية تحول دون أي حادث. تم تسخير جميع وسائل التدخل وتعبئة الموارد البشرية لاتخاذ إجراءات احترازية استثنائية حسب أولاد صالح زيتوني، مع تعليمات صارمة لمصالحه التنفيذية، بالتنقل إلى المناطق الجبلية النائية والمأهولة بالسكان، التي شهدت تساقطا كثيفا للثلوج، بغرض التكفل باحتياجاتها وتوفير قارورات غاز البوتان، على غرار قرية سيدي أمبارك في أعلى قمة جبلية بإقليم دائرة عوف، التي تم تزويد سكانها ب500 قارورة غاز بوتان عشية الاضطراب الجوي. مبادرة للشرطة والحماية للتكفل بالأشخاص بدون مأوى رافقت «الشعب»، ليلة أمس الأول، عناصر الشرطة في مبادرة أطلقتها مصالح الأمن الولائية بمعسكر، لجمع الأشخاص دون مأوى والتكفل بهم بتقديم وجبات ساخنة، وقد مست هذه المبادرة 24 شخصا، من بينهم 9 نساء لا مأوى لهن. ومن بين الحالات التي وقفت عليها «الشعب»، السيد ب.ع 45 سنة من معسكر، أعزب وطرد من مسكنه بسبب نزاع عائلي، منذ حوالي شهرين، وهي الفترة ذاتها المتزامنة مع غمرة الشتاء والبرد القارص الذي ميز منطقة معسكر هذه السنة، خلاف السنوات الماضية التي عرفت تذبذبا في الأحوال الجوية. هذا المواطن وغيره من الذين دون مأوى، تم التكفل بهم بدار العجزة بخصيبية، وقد أعرب عن امتنانه العميق لمجهود السلطات في توفير الدفء العائلي ولقمة العيش الساخنة له ولغيره، في الوقت الذي كان يتعذر على تلك الفئة الإقامة بدار العجزة، بسبب إجراءات مديرة المركز الموقفة عن مهامها منذ حوالي 15 يوما، بقرار وزاري، لإخلالها بمهام التضامن والرحمة التي يقرها القانون الوضعي والإنساني للتكفل بتلك الشريحة خاصة في ظروف يجتمع فيها الشتاء مع قساوة الجو والوضعية الاجتماعية المزرية لهم. مدير الحماية المدنية، بوشريفي، أوضح ل»الشعب»، أن المبادرة التضامنية بالتنسيق مع مصالح الأمن ليست جديدة على مصالحه، حيث تفتح المبادرة على مدار السنة، لجمع الأشخاص بدون مأوى عبر مختلف تراب الولاية، والتكفل بإطعامهم وإيوائهم. وتشمل المبادرة عمليتين، حسب رئيس لجنة التكفل بتلك الشريحة من المواطنين، بوط قادة عبد الحكيم، الذي أكد لنا، أن اللجنة المختلطة المنصبة على مستوى دائرة معسكر، كعينة، رفعت من حجم جهودها خلال الاضطراب الجوي الأخير لجمع هؤلاء الأشخاص من 3 نقاط بمدينة معسكر في عمليتين، أولاها تبدأ من الساعة 6 إلى 7 وتستمر العملية الثانية من 8سا إلى حدود العاشرة ليلا. وقال المتحدث إن عدد الأشخاص بدون مأوى يختلف، بين 16 و20 في عاصمة الولاية بينما يقل هذا العدد إلى 4 و5 في الدوائر الكبرى للولاية، حسب مدير الحماية المدنية، التي خصصت فرقة من 7 عناصر وطبيب الحماية المدنية وسيارة إسعاف للبحث عن الأشخاص الذين يفترشون الأرض في هذه الأجواء الباردة قصد التكفل بهم من جميع النواحي.