تحسين مناخ الأعمال خيار والتزام أظهرت ندوة "الشراكة الجزائرية - الأمريكية: مبادلات تجارية، فرص استثمار"، المنظمة بفندق الهيلتون، جدية أكبر في التعامل مع ملف الاستثمار والأعمال بين البلدين، كاشفة عن براغماتية وواقعية قلّما ألفناها في مثل هذه المنتديات. الندوة، التي أشرف على افتتاحها وزير الصناعة والمناجم عبد السلام بوشوارب، ونظمها مجلس الأعمال الجزائري - الأمريكي، بالتعاون مع منتدى رؤساء المؤسسات، كشفت عن إرادة كبيرة في الذهاب بمستوى العلاقات الثنائية إلى الأبعد دون التوقف عند وضعها الحالي التي يسيطر عليها قطاع المحروقات. بدليل أن من مجمل الاستثمارات الأمريكية في الجزائر التي تجاوزت 5 ملايير دولار تمثل المحروقات النسبة العالية فيها وما تبقى يخص القطاعات الأخرى. لهذا كان تركيز المتدخلين في الندوة، التي تعد بحق جلسة عمل للشروع في التفاوض بين المتعاملين، حول تجسيد المشاريع أكثر من إلقاء خطب التمني والطموح على حتمية ترقية مستوى الشراكة إلى استراتيجية. فقد أكد بوشوارب خلال عرضه فرص الاستثمار، على إرادة السلطات العمومية في تنويع الاقتصاد الوطني وبناء قاعدة صناعية يعول عليها في التقليل من الاستيراد المكلف للخزينة العمومية. وذكر بوشوارب، أن الجزائر تريد الاستفادة من التجربة الأمريكية الرائدة في مجالات الفلاحة، الطاقات المتجددة، تكنولوجيات الإعلام والاتصال، مستندة في ذلك على أنجح شراكة أمضيت مع مؤسسات أمريكية في الصيدلة، الأدوية والميكانيك ممثلا في مصنع الجرار فارغيسون بقسنطينة. وبعد عرضه السياسة الاقتصادية التي سطرتها البلاد، لتحديث النسيج الصناعي واندماجه ومنح المؤسسات استقلالية في تسيير أمورها وتنظيمها وتمويلها عبر تجمعات كبرى، قال بوشوارب إنه معجب بما رآه في جامعة شيكاغو أثناء زيارته للولايات المتحدة من مبادرات تجعل البحث العلمي حلقة مركزية في شبكة الإنتاج المؤسساتي. وهذا الثالوث المقدس، ممثلا في المؤسسة، الجامعة والبحث العلمي، هو أساس انطلاق القاطرة الاقتصادية محل الاهتمام والتطلع. وبحسب بوشوارب، فإن قاعدة الاستثمار 51-49 لم تكن في يوم ما عائقا أمام إنجاز الأعمال والشراكة في الجزائر. وهي قاعدة لم يرها متعاملون أمريكيون عرقلة لنشاطهم، بدليل مواصلة 114 شركة نشاطها في البلاد في مجالات استراتيجية، منها "بفايزر" التي أمضت عقودا مع صيدال في الإنتاج الدوائي والصيدلاني، واهتمام "جنرال إلكتريك" بإقامة مشاريع مع مؤسسة "إيني" ببلعباس حول صناعة تجهيزات الطاقة الشمسية بعد تدشين المعمل الجزائري. وعزز هذا الطرح إسماعيل شيخون، رئيس مجلس الأعمال الجزائري - الأمريكي، مؤكدا في تصريح صحفي، على أهمية زيارة الوفد الاقتصادي الممثل ل18 مؤسسة مختصة في مجالات الإنتاج الفلاحي وتربية الحيوانات ورسكلة النفايات والاقتصاد الأخضر. وقال، إن هناك 4 اتفاقات شراكة في مجالات الفلاحة والطاقة الشمسية من قبل شركات تراهن على إنتاج الحليب واللحوم السامحة للجزائر ليس فقط في الاكتفاء الذاتي بل التصدير إلى دول إفريقية وعربية. من هذه الشركات "إيداهو" المختصة في إنتاج البطاطا، "فاريون" التي اتفقت مع مجموعة حداد على إنجاز معمل لصناعة أجهزة طبية وإشعاعية ومدرسة تكوين للموارد البشرية المؤهلة لمراكز مكافحة السرطان. وتحدث شيخون عن إنجازات تمت في إطار الشراكة بين الجزائريين والأمريكان، منها مجموعة "ماريوت" التي تتعامل مع "ريدمات" من أجل إنجاز فنادق بعدة مناطق بترولية وصناعية كحاسي مسعود، أرزيو، سكيكدة وغيرها. من جهته مساعد كاتب الدولة الأمريكي للاقتصاد والتجارة شارل ريفكينغ، نوه بالعلاقات الجزائريةالأمريكية، مطالبا بتنويع أكثر الشراكة الثنائية، مطالبا بمزيد من الجهود لتحسين مناخ الأعمال والتسهيلات الممنوحة للاستثمار. أخير، رافع علي حداد، رئيس منتدى رؤساء المؤسسات، من أجل براغماتية أكبر في العلاقات بين الطرفين وتجاوز الخطاب الفلسفي. قائلا، إن الزيارة التي قادته، قبل توليه رئاسة منتدى المؤسسات، إلى الولاياتالمتحدة، زادته قناعة بالعمل معاً لشراكة تتقاسم فيها الأرباح. وهي مسألة كانت محل مداخلة دفيد حمود، رئيس غرفة التجارة العربية - الأمريكية قائلا، إن فرص الاستثمار كبيرة لتوظيفها وتشييد شراكة مرجعية لإفريقيا والعالم العربي. مع العلم، أن ندوة الاستثمار سبقت بقراءة رسالة سفير الجزائر بواشنطن مجيد بوقرة، الذي أثنى خلالها على جهود الجزائر وتفتحها على مشاريع الشراكة يحسب لها الحساب.