ترتبط النّشاطات الترفيهية وبرامج الراحة والاستجمام المسطّرة من قبل العائلات خلال العطل المدرسية ونهاية الأسبوع، بما هو متوفّر من فضاءات عمومية مهيّأة ومساحات خضراء توضع تحت تصرف الأطفال وتلاميذ المدارس من أجل اللعب والاسترخاء النفسي والفكري بعيدا عن صخب المدرسة وأماكن العمل، لكن كل هذه الرغبات تصطدم على مستوى ولاية بومرداس بانحصار أماكن الراحة والترفيه على فضاءات تعد على الأصابع، ولم تعد تلبي الطلب، مما اضطر الكثير من العائلات إلى البحث عن وجهات خارج الولاية. ظلّت البرامج القطاعية للسياحة ببومرداس تراوح مكانها منذ عقود، كما يبقى المخطط التوجيهي للتهيئة السياحية عبر 11 منطقة توسع سياحي على مساحة 4738 هكتار يجابه عقبات في الميدان وإشكالية العقار السياحي، ما عدا بعض المشاريع المتعلقة بهياكل الاستقبال من طرف الخواص التي تحاول معاكسة هذا الاستثناء، لكنها منحصرة على عاصمة الولاية ومدن ساحلية بصفة محتشمة. إن حديثنا عن غياب فضاءات الترفيه والاستجمام بولاية بومرداس أكيد يقودنا إلى مشاريع قطاع السياحة كجزء من هذه الاستراتيجية الهادفة إلى تشجيع السياحة الداخلية والاستفادة من مورد اقتصادي خام يبقى دون استغلال، وهذا بناء على برنامج المشاريع التي أعلنت عنها مديرية السياحة خلال سنوات ولم تتجسد في الميدان، وهنا يمكن التركيز على السياحة الجبلية، حيث تم الكشف عن مشاريع لتهيئة عدد من المناطق السياحية والفضاءات الغابية لتغيير وجهة العائلات في إطار تثمين السياحة الجبلية والحموية أبرزها مناطق بني عمران، سد الحميز، قاعدة الحياة "الكحلة"، غابة الساحل بزموري، الميناء القديم لدلس ومنتزه جبل اسواف، منطقة سد قدارة والناصرية، إلى جانب بعض المعالم التاريخية في مجال السياحة الدينية والثقافية منها قصبة دلس، زموري البحري، لقاطة وغيرها من المناطق الأخرى التي تبقى في حاجة إلى تهيئة واستغلال. هذه الوضعية وبحسب الكثير من المتتبّعين، لا تتحمّلها مديرية السياحة لوحدها، حيث كشفت تقارير سير برامج التنمية والاستثمار المحلي بولاية بومرداس مدى التخبط الذي تعيشه المجالس المنتخبة في مواكبة التطورات والسعي لاستغلال كافة القدرات الاقتصادية في مجالات السياحة، الفلاحة، ترقية الصناعات التقليدية وباقي الموارد الأخرى. ونخصّ بالذكر هنا البلديات التي تقع على الشريط الساحلي، حيث اكتفت فقط بتسيير موسم الاصطياف على غرار مديرية السياحة دون التفكير في تشجيع الخواص على الاستثمار في القطاع السياحي وتهيئة الفضاءات الطبيعية العذراء التي طالها النهب والاستغلال العشوائي على حساب مشاريع التنمية المحلية. وعليه يمكن القول أنّ أحد أسباب تفكير العائلات في التوجه خارج الولاية خلال كل عطلة، وبالخصوص إلى منطقة الشريعة بالبليدة، تيكجدة بالبويرة، وحظائر العاصمة وحتى خارج الوطن هو غياب البدائل داخل الولاية، فماعدا فضاء غابة قورصو وحديقة النصر بحي 800 مسكن، لا نجد فضاءات واسعة ومهيأة بإمكانها جلب العائلات وتلاميذ المدارس، وبالخصوص مساحات اللعب للأطفال، وهو دليل على هيمنة التفكير الموسمي للمسؤولين المحليين الذي حصروا السياحة في موسم الاصطياف وتهيئة الشواطئ لفترة محددة، بعيدا عن النّظرة الشاملة للقطاع وما يمثله من إضافة اقتصادية للمنطقة.