أكد المشاركون في الملتقى الدولي حول «الدولة الإقليمية اللامركزية والحكم المحلي، تجربة الدول المغاربية» المنظم من طرف جامعة ڤالمة كلية العلوم السياسية والحقوق بهيليبوليس، أمس، أن أنصار الديمقراطية التشاركية يركزون على المشاركة المستمرة للمواطنين في النقاش وفي رسم السياسات المحلية، حيث تسمح للمواطن بأن يحس بأنه فاعل في تنمية الإقليم الذي يعيش فيه، والمشاركة من بين العناصر الأساسية للحكامة، حيث تظهر الديمقراطية المحلية بوجه الديمقراطية التشاركية. وبخصوص دول المغرب العربي، أشار المتدخلون بان اللامركزية ليست بموضوع جديد باعتبار التنظيم الإداري والهيكلي (المؤسساتي) للدولة، لكنه يعتبر موضوع متجدد لأنه ادخل وادمج كطريقة حكم في إطار التحول نحو الديمقراطية. وحسبهم يتضح أن مفهوم اللامركزية إذا تعلق الأمر بالدول المغاربية قد يرتبط وقريب من مفهوم الحكم الراشد، الذي يعتبر العامل الأساسي في العلاقة بين الحكام والمحكومين مع تطبيق قواعد الشفافية، الفعالية، المسؤولية والمساءلة في التسيير على أساس القيم ومبادئ الخدمة العامة والإدارة العمومية. وقد تم تسليط الضوء على مفهوم الدولة الإقليمية والتعرض إلى الوسائل والآليات الموضوعية للوصول إلى الدولة اللامركزية والوسائل القانونية للرقابة الموجودة في الدول المغاربية، كما تضمنت محاور الملتقى تحديد ما مدى قابلية تطبيق قواعد الحكامة في الدول المغاربية. إلى جانب ميزات اللامركزية، يمكن التطرق لسلبيات اللامركزية؟ هل الإصلاحات التي قامت بها كل دول المغرب العربي هي مؤسسة بشكل محكم؟ هل النظام الديمقراطي المتبع حاليا في دول المغرب يسهل ويسمح بتطبيق مسار اللامركزية؟ هل يمكن الكلام عن تجربة ناجحة للامركزية عبر العالم؟ الشراكة اللامركزية والحكم الراشد المحلي في دول المغرب واقع ورهانات. وفي ذات السياق، قدم الأستاذ حسين فريجة من جامعة المسيلة مداخلة بعنوان اللامركزية، حيث تناول ما تشهده الفترة الحالية من اهتمام واسع ومتزايد لتبني المركزية فقال: «أصبحت اللامركزية هي المسيطرة على العالم في مجالات التعليم والصحة والإدارة المالية، خاصة وان الاهتمام بهذا الجانب أخذ في الازدياد نظرا لكثرة التفاعل بين الأفراد والمجموعات المحلية وتعدد حاجاتهم وتطلعاتهم، وترتبط فكرة اللامركزية بعملية منح اتخاذ القرار إلى الجهات الإدارية المحلية فكلما زادت الثقة في الجهات الإدارية المحلية وأعطيت سلطة اتخاذ القرار توسعت اللامركزية وقلت البيروقراطية ولا يتم ذلك إلا إذا كان من مفوض لهم اتخاذ القرار على قدر كبير من الثقة والدراية والغيرة لكي يتحقق النجاح المأمول من هذا النظام. وقال الأستاذ بن اعراب محمد من جامعة سطيف في مداخلة حول «اللامركزية وإشكالية تمويل التنمية، تجربة صندوق التضامن والضمان للجماعات المحلية نموذجا»، إن الديمقراطية التشاركية تشمل مختلف أنماط تدخل المواطنين في إعداد القرارات العمومية عبر ما يصطلح على تسميته بالحكامة الجيدة التي تعد من أكثر المفاهيم المتداولة اليوم في مختلف النقاشات الدائرة بخصوص إصلاح الدولة والمجتمع، في حين أبرز الدكتور ناجي عبد النور من جامعة عنابة أهمية الشراكة في تفعيل دور الفاعلين في التنمية المحلية. فيما تناول الأستاذ عيساوي عز الدين من جامعة بجاية في مداخلته بعنوان الديموقراطية المحلية (من الديمقراطية السياسية إلى الديمقراطية التشاركية)، ما أشار إليه موريس هوريو، أن مبررات اللامركزية الإقليمية ليست ذات طبيعة إدارية لكن ذات طبيعة دستورية سياسية، فلو تعلق الأمر بالجانب الإداري فان عدم التركيز يضمن للدولة إدارة أكثر مهارة، أكثر أمانة، أكثر اقتصادا من اللامركزية، غير أن الدولة الحديثة ليست بحاجة إلى إدارة جيدة فقط، بل هي بحاجة للحرية السياسية. ومن هنا يؤكد بأن اللامركزية الإقليمية ليست مجرد تقنية إدارية بل لها معنى سياسي، من خلال تكريسها في وثيقة سياسية (الدستور)، وكذا من خلال ارتباطها بالانتخاب وممارسة العمل السياسي والحزبي، فجعل البلدية وبصفة أقل الولاية مجموعة إقليمية هو إنشاء لديمقراطية محلية.