تجري غدا في بريطانيا الانتخابات العامة التي تشهد منافسة حادة بين حزب المحافظين بزعامة رئيس الوزراء الحالي ديفيد كاميرون وحزب العمال بزعامة إد مليباند، إضافة إلى خمسة منافسين سياسيين آخرين. ويخيّم على هذا الموعد الانتخابي الهام بالإضافة إلى مصير اسكتلندا في المملكة المتحدة، مسألة جوهرية بالنسبة للبريطانيين تتعلّق بقرار بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي من عدمه. تراقب الحكومات والشعوب الأوروبية عن كثب ما ستؤول إليه الانتخابات البريطانية بعدما أثار ديفيد كاميرون الخشية حول مستقبل الاتحاد الأوروبي بتعهّده إجراء استفتاء حول عضوية بلاده بالاتحاد حال إعادة انتخابه غدا. ولا يبدو أنّ الأوروبيين مستعدّون للتوصل إلى تسوية حول كافة المطالب البريطانية بتعديل المعاهدات الأوروبية، خصوصا في ما يتعلق بحرية الحركة، وهي واحدة من أهم ركائز الاتحاد الأوروبي بالنسبة لدوله ال 28. وتراقب دول أوروبا الشرقية، من الأعضاء الجدد في الاتحاد الأوروبي، الانتخابات البريطانية باهتمام كبير، خاصة أنّ مئات الآلاف من مواطنيها انتقلوا إلى بريطانيا بحثا عن فرص عمل، مستفيدين من تخفيف القيود على الهجرة منذ عقد من الزمن. ويريد كاميرون تعديل القواعد المرتبطة بالهجرة، وبالمخصّصات التي يفترض أن يحصل عليها المواطنون الأوروبيون في بريطانيا. ولكن تتزايد الشّكوك حول تصويت البريطانيين فعليا لصالح خروجهم من الاتحاد الأوروبي في حال نظّم كاميرون الاستفتاء الذي يعد به في 2017، والذي سيعود بالفائدة على ألمانيا القوة السياسية والاقتصادية في أوروبا وفرنسا. وفي بروكسل تزيد الخشية من احتمال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، خاصة أنّ لندن أثبتت نفسها كعضو فعّال على اعتبار أنها ثاني أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، وواحدة من أهم القوى العسكرية، فضلا عن كونها عضوا في مجلس الأمن الدولي ودولة نووية عضو في حلف شمال الأطلسي. وبدا رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود جونكر الأسبوع الماضي كأنّه يلوح بالتسوية عبر حديثه عن احتمال إجراء تغييرات على معاهدات حول قضايا معينة، ولكن حرية الحركة ليست ضمنها. وليس سرّا على أحد أنّ بعض المسؤولين في بروكسل يفضّلون فوز رئيس حزب العمال البريطاني، اد مليباند، لتفادي الاستفتاء الذي يخطط له كاميرون،وفي حال فوز كاميرون بالانتخابات، فإنّ قضية خروج بريطانيا ستكون على رأس برنامج القمة الأوروبية في جوان. وكان رئيس الوزراء البريطاني أعلن تأييده، إجراء استفتاء حول ما إذا كان يتعين على المملكة المتحدة البقاء داخل الاتحاد الاوروبي، مؤكّداً أنّه يفضل إبقاء بلاده في الاتحاد (نصف تجارة بريطانيا الخارجية مع الاتحاد)، ولكن بشرطين، أولها أن تُجرى إصلاحات على الاتحاد، وثانيهما أن يقبل هذا الأخير بإجراء مفاوضات مع بريطانيا بشأن العلاقات الجديدة، حيث يطالب البريطانيون بإعادة بعض الصّلاحيات الموجودة حالياً في بروكسل إلى لندن، لاسيما فيما يتعلق بقوانين العمل وبعض الامتيازات الاجتماعية التي تسمح على سبيل المثال للرعايا الأوروبيين الاستفادة منها إن قرّروا الإقامة في بريطانيا، وهو ما تريد لندن الحدّ منه. وأرجع كاميرون أسباب قراره بالدعوة لتنظيم الاستفتاء إلى ما سمّاه الامتعاض الحالي للرأي العام، وخيبة أمل النّاس في الاتحاد الأوروبي. خصائص نظام التّصويت البريطاني يتميّز نظام الانتخابات البريطاني ببعض الخصائص تجعله فريدا من نوعه، من يحدّد موعد الانتخابات؟ ومن يشارك في الاقتراع؟ وكيف يجري التّصويت؟ ومن يشكّل الحكومة الجديدة؟ فيما يلي أجوبة عن هذه الأسئلة وأخرى. ❊ من يحدّد موعد الانتخابات؟ موعد الانتخابات التشريعية في بريطانيا غير محدّد مسبقا كما هو الشأن في غالبية الأنظمة. رئيس الوزراء هو الذي يقرر في آخر المطاف تاريخ إجراء الانتخابات. ❊ كيف يتمّ الإعلان عن موعد الانتخابات؟ رئيس الحكومة هو الذي يطلب من الملكة (أو الملك) حلّ البرلمان والسّماح بإجراء انتخابات في غضون شهر كموعد أقصى. وفي حال قبول الطّلب، تُعلن بداية الحملة الانتخابية فور الإعلان عن حلّ البرلمان، وتستغرق (الحملة) ثلاثين يوما. وأصبحت من العادة أن تنظّم الانتخابات العامة في أول يوم خميس من الشّهر. ❊ من ينتخب؟ المواطنون البريطانيون كلهم، بمن فيهم الإنجليز والايرلنديين الشمالين والاسكتلندين ومواطنو جمهورية إيرلندا والكومنولث القاطنون في بريطانيا، يحق لهم المشاركة في الانتخابات، شريطة أن يبلغ سنّ النّاخب 18 سنة يوم الاقتراع، ويكون اسمه مدوّنا في القوائم الانتخابية. ❊ كيف يجري التّصويت؟ النظام الانتخابي المتعامل به في بريطانيا هو نظام يجري في دورة واحدة، ويتم التصويت على مرشح واحد. ويفوز المرشّح الذي يحصل على أكبر عدد من الأصوات حتى إذا لم تتعد نسبة الأصوات خمسين بالمائة. وبإمكان أي حزب الفوز في الانتخابات حتى ولو تحصّل على أقل من 50 بالمائة من الأصوات في جميع مناطق البلاد. ويمثّل كل برلماني مقاطعة انتخابية واحدة في قصر "ويستمنستر". ❊ من يحظى بتشكيل الحكومة الجديدة؟ الحزب الذي يفوز بأكبر عدد من النواب في البرلمان هو الذي يشكّل الحكومة الجديدة، لكن إذا لم يتمتّع أي حزب بالأغلبية، فهناك طريقتان لحل المعضلة، فإمّا أن يتحالف حزبان في كتلة موحّدة ويشكّلان حكومة ائتلاف، وإمّا أن تتحالف الحكومة الجديدة، التي لا تتمتع بالأغلبية مع أحزاب أخرى عند إجراء أيّة عملية تصويت.