إن المصغي لخارطة الطريق التي قدمها، أمس، وزير الثقافة عز الدين ميهوبي من منبر منتدى «الشعب»، يلتمس من الوهلة الأولى الإرادة القوية والأهمية القصوى التي توليها الحكومة والقطاع للنهوض بالثقافة الجزائرية بكل مجالاتها، دون استثناء. هذا بالتركيز كما يقول ميهوبي أولا وقبل كل شيء على الجودة والمهنية وحسن التسيير وإشراك أهل الاختصاص من أدباء ومثقفين وفنانين، وكذا المجتمع المدني في كل المشاريع المتعلقة بتنظيم المهرجانات والتظاهرات الثقافية، والصناعة السينمائية والإنتاج المسرحي والموسيقي. وجاءت دعوة الوزير صريحة جدا، لكل المعنيين بتنظيم التظاهرات الثقافية والفنية للالتزام بحسن التسيير والشفافية وإعطاء الوزن اللازم للمهرجان، حتى نخرج من الروتين، مؤكدا أنه وبالرغم من التعليمات التي أعطاها لحسن الترشيد، لم يتم إلغاء أي تظاهرة مبرمجة لحد الساعة. ويرى ميهوبي أن الجودة لا تكمن في الكم ولا في عدد المشاركين في المهرجان أو في التظاهرة بل في النوعية وحسن الاختيار وفيما تقدمه هذه الأخيرة من فائدة للجمهور ومن زيادة للمثقفين، متأسفا لما «آلت إليه المهرجانات من لقاءات فلكلورية تنحصر على الغناء والرقص فقط تنظم في كل سنة وتعاد بنفس الوجوه والتوقيت والأدوات مما تسبب في ملل للجمهور». إن الثقافة النوعية التي يربو إليها اليوم القطاع، تبدأ يقول الوزير بإبعاد الإداريين عن التنظيم والتسيير وتشجيع التكوين كونه مسألة مهمة للوصول بكل إنتاج ثقافي إلى النوعية المطلوبة، أي إلى المعايير الدولية التي ترقى بالفن والأدب والسينما والمسرح والتأليف والشعر والموسيقى والكتاب إلى المهنية والجودة المعترف بها عالميا، والتفكير مسبقا ومليا في أي مشروع ثقافي وفي انعكاساته على المجتمع وفي مردوده الفكري والفني والأدبي، قبل الموافقة على تنظيمه وكذا التحلي بالحكامة والترشيد في النفقات.» ويبقى إشراك المثقفين والفنانين والأدباء وذوي الاختصاص في كل المشاريع الثقافية الأساسية من الركائز القوية التي قد تقوم عليها سياسة إعادة للثقافة الجزائرية إلى مكانتها المرموقة التي عرفتها مسبقا، وإلى أهلها تلك الصورة الطيبة لسفراء يمثلون الفن والأدب الجزائرية الأصيل في كبريات المحافل الدولية.