ظهرت في الآونة الأخيرة بوادر تغيير واضح في مواقف أطراف دولية بخصوص الأزمة السورية والرئيس «بشار الأسد» بالتحديد، حيث صدرت تصريحات وأنباء تدعو إلى ضرورة مشاركته في المرحلة الانتقالية القادمة، بعد أن كانت لا ترى حلاّ للأزمة إلا برحيله وتنحيته على الفور. كانت آخر المواقف المؤيدة للأسد من وزيرة الخارجية الأسترالية «جولي بيشوب»، التي دعت فيه إلى ضرورة مشاركة الأسد في اتخاذ القرار بشأن تسوية النزاع في بلاده، مشيرة إلى ظهور وجهة نظر في بعض الأوساط تقول، إن خيار الحل الوحيد الممكن لسوريا يتمثل في حكومة وحدة وطنية تشمل الأسد. وأضافت، أن هناك توافقا على أن نظام الأسد هو دعامة الحفاظ على الدولة السورية والحرب على الإرهابيين وهو موقف يختلف عن موقف بلادها السابق. أما الموقف الروسي فهو يصرّ منذ البداية على أن حل الأزمة السورية غير ممكن إلا بتعزيز الحكومة الشرعية الموجودة وإقناعها بالحوار مع المعارضة السلمية، بإجراء إصلاحات ودعم مؤسساتها لمحاربة الإرهاب. كما أظهرت أمريكا موقفا ليّنا تجاه الأسد بقولها، إن ذهاب الأسد ليس شرطا أن يكون هذا الأسبوع أو هذا الشهر بل تدريجيا. قد يكون الدعم الروسي العسكري الأخير لسوريا من أهم العوامل لتي غيّرت موقف أمريكا، لاسيما وأن الحل العسكري لم يأت بنتيجة، بل إن محاربة الأسد زادت الطين بلة حيث استفحل الإرهاب وانتشر في ربوع سوريا، سواء تعلق الأمر بتنظيم «داعش» أو «النصرة». وقد تحولت مواقف الأطراف الدولية الفاعلة بالنسبة للأسد وبسرعة إلى ظاهرة دولية، حيث أدلى وزير الخارجية البريطاني «فيليب هاموند» والمستشارة الألمانية «أنغيلا ميركل» بتصريحات تحمل مضمونا متقاربا يقر بدور انتقالي للأسد. كما تبنّى أشد خصوم الأسد «أردوغان» هذا الموقف الجديد، حيث صرح أن الأسد يمكن أن يكون جزءا من مرحلة انتقالية في إطار حل الأزمة السورية. وقد احتاج الساسة الدوليون إلى تغيير موقفهم من الأسد أكثر من أربع سنوات من الحرب الأهلية والاقتتال ودعم بعضهم لما أسموه بالمعارضة الإيجابية بالمال والسلاح والتدريبات وذهب بعضها إلى تكوين حكومة للمعارضة السورية بالخارج وفتح قنصليات وسفارات موازية للحكومات والسفارات الرسمية. لقد دفعت سوريا خلال هذه الأزمة أكثر من 350 ألف قتيل وإلى تدمير سوريا تدميرا شبه كامل وانتشر التنظيم الإرهابي «داعش» و»النصرة» بربوع سوريا وهجر أكثر من نصف سكانها في نزوح داخلي و4 ملايين سوري خارج الأراضي السورية، مما يثبت فشل المجتمع الدولي من حل أزمة سوريا، لأن الدول الغربية وبعض العرب كانوا يعتقدون أن الحل سيكون عسكريا من دون التنسيق مع الحكومة السورية الشرعية مع ذهاب الأسد وهذا ما لم يتحقق لهم.