حققت تجربة المصالحة الوطنية خلال ال 10 أعوام الأهداف المرجوة بنسبة 95 بالمائة، وأصبحت مرجعا رغم أن دولا أخرى سبقت الجزائر إليها، وفق ما أكّده ناشطون وحقوقيون، الذين تقاطعوا في ضرورة المرور إلى مرحلة أخرى لتفعيلها، لاستكمال معالجة الملفات المتبقية وفي مقدمتها الأطفال الذين ولدوا في الجبال وملف معتقلي الصحراء، وأولئك الذين تكبدوا خسائر مادية. قطعت مبادرة المصالحة الوطنية شوطا هاما، وبعد مرور عقد كامل عن استفتاء الشعب الذي تبناها وزكاها بعد عرضها من قبل رئيس الجمهورية في إطار المعالجة السياسية لتدهور الوضع الأمني بسبب الإرهاب الذي تسبب في مأساة وطنية، دفعت الجزائر فاتورة باهظة في حربها عليه، ولأنه كان لا بد من حل جذري للأزمة بعد المرور عبر عدة محطات في مقدمتها قانون الرحمة متبوع بالوئام المدني، جاءت المصالحة الوطنية التي شملت جميع الفئات من ضحايا الإرهاب والعائلات التي لأفرادها ضلع فيه، وفتحت الباب أمام الأشخاص الذين أرادوا العودة إلى جادة الصواب، دونما تحديد آجال لضمان معالجة على المدى البعيد. ولعل أبرز ما تحقق وانعكس في الواقع باستتباب الأمن في ربوع الوطن، جملة الإجراءات المتخذة في معالجة مختلف الملفات، حيث تم تعويض المفقودين والضحايا وإدماج المفصولين حسب الحالات، بالإضافة إلى تدابير أخرى استفاد منها التائبون منها الكف عن البحث، وانقضاء الدعوى العمومية، وإطلاق سراحهم من المؤسسات العقابية. وبرأي المختصين على غرار رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لحماية وترقية حقوق الإنسان مصطفى فاروق قسنطيني ورئيس خلية متابعة ميثاق السلم والمصالحة الوطنية مروان عزي والأستاذ بوجمعة صويلح، فإن استكمال تطبيق المصالحة الوطنية التي حققت نجاحا في وقت قياسي، قياسا إلى دول أخرى اعتمدتها في معالجة أوضاعها باعتبارها أنجع الحلول الداخلية، وذلك من خلال تجاوز الطرق البيروقراطية، وإيجاد حلول ملموسة لفئات أخرى غير المفقودين على سبيل المثال التي اتخذ منها ورقة للضغط على الحكومة الجزائرية بإسقاط ملفات أخرى، لا تقل أهمية مثلما هو الشأن بالنسبة للذين تم اعتقالهم في الصحراء، وكذلك الأطفال الذين ولدوا في الجبال، إضافة إلى ملف تعويض المتضررين من خسائر مادية. أما فيما يخص العفو الشامل، فيبقى من صلاحيات رئيس الجمهورية وفق ما أكد قسنطيني، الذي أقرّ بأن الدول الأخرى التي سبقت الجزائر إلى خيار المصالحة الوطنية، بلغت مرحلة العفو الشامل كنتيجة حتمية، لكن المصالحة حسبه حققت نجاحا جعل منها مرجعا للدول تماما كتجربة مكافحة الإرهاب.