توجيه الاهتمام إلى تعقيدات المرحلة مثل الأمن الغذائي والتغير المناخي 1400 مخبر محل التقييم والبقاء للأنجع «إن الأزمة الإقتصادية الصعبة التي يعرفها العالم، تحتم على الجزائر أكثر من ذي قبل إعادة النظر في العلاقة الموجودة بين مجالي البحث العلمي و»السوسيواقتصادي» حيث أن للأول أهمية كبيرة في تطوير الثاني وبالتالي الرفع من قيمة الاقتصاد الوطني وترقية الإنتاج والإبتكار». هذا ما تعكف عليه حاليا الحكومة، حسبما جاء يوم الخميس الماضي في رسالة وزير التعليم العالي والبحث العلمي الطاهر حجار بمناسبة اجتماع المكتب الوطني الجديد، للمجلس الوطني لتقييم البحث العلمي بإقامة الميثاق. أكد حجار على ضرورة اهتمام المجلس الوطني بتقييم وتقدير نوعية البحث العلمي بطريقة استراتيجية وبإدماج آليات تأطير تواكب العصرنة والمعايير العالمية وتصب في صالح إنشاء وتطوير المؤسسة الصغيرة والمتوسطة التي يعول عليها كثيرا في تقوية وتعزيز الاقتصاد الوطني بخلق الثروة ومناصب الشغل. وفي سياق آخر، أشار من جهته رئيس المكتب الوطني للمجلس البروفيسور مصطفى خياطي إلى أن المعايير الدولية تقتضي وجود 88 ٪ من الباحثين بالقطاع السوسيو- اقتصادي، والباقي منكب على أبحاثه العلمية والتكنولوجية بالجامعات غير أن المعادلة يضيف خياطي مقلوبة تماما بالجزائر إذ تحتضن الجامعة بمراكزها ومخابر بحثها مايعادل 90 بالمائة من الباحثين والمبتكرين في حين يستوعب القطاع السوسيو مهني سوى 10 بالمائة فقط. ومن المقرر أن يقلب القانون التوجيهي للبحث العلمي الموازين ويصحح الخلل الذي تعرفه الجزائر بالرغم من المجهودات الجبارة التي بذلتها للرفع من مستوى البحث العلمي وتشجيعه،حسب البروفيسور حفيظ أوراغ المدير العام للبحث العلمي والتطور التكنولوجي. قال أوراغ في هذا الشأن، أن القانون الذي ينتظر حاليا مصادقة مجلس الأمة سيحدث تغيرا كبيرا في ميدان البحث والمجال الرابط بينه وبين القطاع السوسيو اقتصادي لاسيما وأن الجزائر تسجل حاليا 35 ألف باحث ومبتكر والذي يسمح توظيفهم إذا ماعدل سلم المناصب بإعطاء قفزة نوعية لقطاع الصناعة والابتكار والإنتاج التقني والتكنولوجي. وأضاف أوراغ قائلا أن الجامعة الجزئرية تسجل 60 ألف طالب لنيل شهادة الدكتوراه في حين أنها لا تقدر أن توظف سوى 4 أو 5 آلاف منهم فقط فما مصير الباقي؟ وأشار أوراغ إلى أن الجزائر التي عرفت منذ 1977 لحد يومنا هذا قفزة نوعية في مجال البحث العلمي حيث من 493 باحث ( 1977) قفز العدد إلى 35 ألف سنة 2015، كما أن عدد نشريات الأبحاث ارتفع من 71 نشرية إلى40 ألف خلال السنة الجارية. متأسفا كونها أبحاث تبقى محصورة في الوسط الجامعي ولا يستفاد منها في مجال التصنيع والابتكار والاقتصاد. كما يرى أوراغ أن هذا الاختلال في التوازن لا يمكن تصحيحه إلا عن طريق التطبيق الجيد والعقلاني لنصوص القانون الجديد والذي يطالب اليوم بتوطيد العلاقة جيدا بين القطاع السوسيو اقتصادي والجامعة، ناصحا بالمناسبة أصحاب المؤسسات الوطنية ذات الطابع العلمي والتقني بتوظيف الأموال التي تعطيها للجباية في إنشاء منح بحث خاصة بنشاطها الاقتصادي وبالتالي تساهم في ترقية البحث والإبتكار وتساعد على الاستفادة من البحث العلمي والتطور التكنولوجي. وعن تطبيق القانون الجديد على أرض الواقع، أشار البروفيسور أوراغ إلى ضرورة وضع نصوص خاصة والابتعاد عن عراقيل الإدارة والبروقراطية في التسيير والتي تعطل كثيرا الأبحاث وتجعلها بعيدة كل البعد عن المنجزات التي يعرفها العالم. ودعا أوراغ بإخراج البحث العلمي من دائرة قانون الصفقات العمومية وتوجيهه نحو المشاكل الراهنة مثل التغيرات المناخية وأزمة الغذاء التي يعيشها العالم لاسيما والجزائر تحتكم على ثروات بيولوجية طبيعية ومواد أولية تحتمل كل المتغيرات وتتأقلم مع كل الظروف. وكشف البروفيسور أوراغ عن عملية تقييم تمس حاليا ال1400مخبر بحث، معتبرا أن نصف العدد لم يجد له مكانة وجدوى، على أن العملية ستبقي فقط على المخابر الناجعة والمنتجة. وأوضح أوراغ في سياق آخر، على ضرورة وضع الميكانيزمات اللازمة لتمكين قطاع البحث العلمي من دخول مرحلة الإنتاج وخلق اليد العاملة، مثلما برهنت عن ذلك التجربة التي قادها مركز البحث والتطوير التكنولوجي، بخلق 3 فروع تجارية في مجال مراقبة وصيانة أنابيب البترول والغاز على كافة التراب الوطني التجربة التي سمحت بإنشاء300 منصب شغل مباشر.