يحاول المغرب هذه الأيام تدارك خسائره الدبلوماسية في قضية الصحراء الغربية بكل الطرق، فبعد أن رفض السيد كريستوفر روس المبعوث الشخصي للأمم المتحدة مبادرة مشروع الحكم الذاتي المغربي لحل قضية الصحراء الغربية وتأكيده على أهمية تطبيق حق تقرير المصير للشعب الصحراوي، لجأ المغرب الى اصطناع أزمة دبلوماسية مع إيران لتوجيه الرأي العام العالمي عن انتكاسة نظام المخزن. استغربت الدبلوماسية العالمية تدخل المغرب في الخلاف القائم بين البحرين وإيران حول بعض الأراضي وهي الأمور التي تعتبر عادية بين عديد الدول والتي يحتكم فيها الى هيئات دولية معروفة على غرار محكمة العدل الدولية للفصل فيها، وبطبيعة الحال تحركت إيران لطلب تفسيرات من دبلوماسية المغرب حول هذا الموقف المنحاز دون دراية كاملة بالملف أو كما يجري بين الدولتين (البحرين والمغرب) وقامت إيران وفقا لأعراف الدبلوماسية باستدعاء القائم بالأعمال بالنيابة للملكة المغربية بإيران للاحتجاج عن ما ورد في بيان للخارجية المغربية. ويظهر أن ما قام به المغرب ليس بريء لأن حديثه عن الوحدة الترابية للبحرين حق يريد به باطل من خلال محاولة إسقاط الخلاف الدائر بين ايران والبحرين على نفسه في قضية الصحراء الغربية، وبالتالي كسب الكثير من التعاطف والود بعد انتكاسة الدبلوماسية المغربية بعد زيارة روس. وقد يكون تحرك المغرب ضد ايران بإيعاز من الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل لجر ايران الى صراع دبلوماسي مع المغرب يزيد من تحامل العالم على ايران وهو الهدف الذي تسعى إليه إسرائيل والولاياتالمتحدةالأمريكية لتبرير توجيه ضربة عسكرية الى ايران. وعودنا المغرب على مثل هذه السلوكات الدبلوماسية الغريبة عن الأعراف الدولية حيث تصرف مع فنزويلا بطريقة غريبة بعد قرار هذه الأخيرة طرد السفير الإسرائيلي من كراكاس بعد المجازر التي ارتكبتها الدولة العبرية في حق الفلسطينيين بقطاع غزة، ورد المغرب بأن نقل سفارته من فنزويلا الى بلد آخر وكان هذا التصرف المغربي نابعا من ضغط أو إظهار الولاء لإسرائيل والولاياتالمتحدةالأمريكية ضد فنزويلا مقابل دعم المخزن في القضية الصحراوية. كما أن دعم ايران لقضية الصحراء الغربية يكون وراء تصرفات الدبلوماسية المغربية . واستدعى وزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي يوم الأربعاء السيد وحيد أحمدي سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالرباط، و عبر له عن استغراب حكومة الملك محمد السادس الشديد للاستدعاء الغريب لوزارة الشؤون الخارجية الإيرانية للقائم بالأعمال بالنيابة للمملكة المغربية بطهران، حيث عبرت ايران عن رفضها القوي لبعض التعبيرات غير المناسبة التي تضمنها البلاغ الذي نشرته وزارة الخارجية والتعاون المغربية حول الخلاف القائم مع البحرين. وأبلغ الوزير، السفير الإيراني أن الموقف الذي عبر عنه المغرب بخصوص التصريحات الأخيرة لبعض الدوائر الإيرانية التي تمس بسيادة ووحدة أراضي مملكة البحرين، ينطلق من تشبث المملكة بالشرعية الدولية وبعلاقات حسن الجوار بين البلدان ومن تضامنها الكامل مع دولة شقيقة عضو في الأممالمتحدة وفاعلة داخل الجامعة العربية. غير أن الغريب في رد الفعل المغربي على خطوات طهران هو حديثه عن مشاطرة عديد البلدان العربية، بل وأيضا العديد من البلدان غير العربية الوازنة من خلال زيارات رؤساء دول للمنامة أو زيارات وزراء شؤون خارجيتها أو كذلك من خلال رسائل أو بيانات رسمية لدعم البحرين، ويعكس هذا التبرير المغربي ضعف الدبلوماسية المغربية لبناء مواقف حول قضية معينة حيث يتخفى وراء الدول الوازنة كما يتحدث عنه وكأنه يقول لإيران نحن لسنا وحدنا من صرح وهو ما يعني الإفلاس في المجال السياسي . ووضع السيد كريستوفر روس المبعوث الشخصي للأمم المتحدة دبلوماسية المغرب في حرج كبير حيث لم تجد ما تعبر عنه في بياناتها بعد اختتام زيارته للمغرب سوى إعادة التذكير بحرارة الاستقبال الذي حظي به. وأخطر ما جاء في بيان للخارجية المغربية هو اتهامهم لكريستوفر روس بعدم تفهم الربط الذي تقيمه الجزائر بين ما هو ثنائي محض من قبيل تطبيع العلاقات الثنائية وفتح الحدود، وبين تطور ملف الصحراء، مضيفا أن المغرب يطمح إلى ''فتح مخيمات تندوف في التراب الجزائري وإلى المصالحة وإلى التواصل من جديد ما بين الأسر''. وتؤكد هذه التصريحات المغربية اعتراف ضمني بقوة الدبلوماسية الجزائرية في إقناع الرأي العام العالمي وخاصة الأممالمتحدة بحقيقة ملف الصحراء الغربية، كما أن الدبلوماسية الصحراوية التي تتحرك على أكثر من صعيد تسير بخطى ثابتة لتحقيق مبتغاها وهو حق تقرير المصير. وعليه فارتباك الدبلوماسية المغربية الذي انجرت عنه تصريحات غير مسؤولة مع ايرانوالجزائر وكذا مع المبعوث الأممي، تؤكد إفلاس نظام المخزن في إقناع الرأي العام العالمي بشرعية امتلاكه للصحراء الغربية التي قد تحل بحر سنة 2009 اذا أرادت الأممالمتحدة.