جدد رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، التأكيد على أهمية الطاقات المتجددة في تنويع مداخيل البلاد وتحريرها من التبعية المفرطة للمحروقات وتداعياتها الخطيرة على استقلالية القرار والسيادة. وهي مسألة عاشت تجربتها المرة الجزائر في مراحل سابقة، عندما هوت أسعار البترول إلى دون ال9 دولارات وما تبعها من تهديدات على خيارات التنمية ومشاريعها. بل وقد أدى بالجزائر إلى امضاء اتقافية مع “الأفامي” وما تبعها من املاءات قاسية خرجت منها بتحد، بفضل سياسية الرئيس بوتفليقة، الذي لم يتوقف عند تسديد الديون المتراكمة التي كادت أن ترهن استقلال البلاد وتوجهاتها، بل أعاد الجزائر إلى سابق عهدها من الاحترام والاعتبار والمصداقية. هذه التجربة الرائدة، التي صارت مضرب المثل للكثير من الدول الغارقة في أزمات كشفت عن رؤية استشرافية سديدة لرئيس الجمهورية في مواجهة تقلبات الظرف وتداعيات المرحلة. هي خارطة طريق جديرة لأن تكون الحل الأنسب للوضع الصعب، الذي تعيشه الجزائر في هذه الآونة جراء انهيار أسعار البترول إلى درجة تفرض حتمية البحث عن البدائل بأقل كلفة وأقوى خيار وبعد نظر. هي خارطة طريق تستشف من التعليمات التي أعطاها رئيس الجمهورية في المجلس المصغر أمس، مؤكدا على حتمية تفعيل برنامج تطوير الطاقات المتجددة التي تسمح للجزائر التحرر من التبعية للنفط، ولم لا أن تتبوأ الريادة في هذا المجال، بحكم توفرها على أنجع الشروط وأكثرها متانة وفاعلية. ولا ننسى أن الجزائر قد شرعت في تطوير الطاقات المتجددة في أواسط الثمانينيات وكانت لها تجارب في الطاقات الشمسية والغازية والرياح. لكن هذا البرنامج لم يعرف الوتيرة المنتظرة بفعل نقص التمويل جراء الانهيار البترولي وخيارات السياسة المنتهجة آنذاك. وبقي الوضع على هذا المنوال حتى انتخب رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، الذي حدد معالم سياسة طاقوية جديدة غايتها زيادة قدرات البلاد وتنوع مصادرها لتأمين استقلالية طاقوية تامة. وكانت مختلف القوانين التي صدرت في هذا المجال والإصلاحات الهيكلية التي عرفها القطاع، تصب في حتمية ضمان استمرارية الاستقلال الطاقوي، وبعث ديناميكية جديدة في هذا المجال. وشدد على هذا الطرح مجلس الوزراء في ماي الماضي، الذي حدد أولويات السياسة الطاقوية التي تعطي إجابة شافية عن السؤال المحير: ما العمل في ظل الظرف المالي الصعب؟ وأي الخيارات الممكنة لتجاوز تعقيدات الحاضر وتحضير المستقبل؟ إنها خارطة طريق تضبط أولويات لسياسة طاقوية انتهجها ولا زال الرئيس بوتفليقة، لإعطاء الجزائر مكانة قوية وآمنة في هذا الحقل، الذي يعرف تجاذبات وصراعات. خارطة طريق اظهرت نجاعة خيارات الرئيس، الذي استطاع أن يجمع كبار منتجي الغاز في منتدى وهران وادماجهم في مسعى واستراتيجية تدمج أسعار الغاز بالبترول. خارطة طريق قدمت حلولا أخرى وبدائل طاقوية آنذاك عقب التأكيد على تراجع صادرات الجزائر وتقلص حصتها في السوق الدولية، بسبب دخول قوى أخرى على الخط واستغلال غاز الشيست، الذي قلب الموازين بتحويل دول مستهلكة للطاقة إلى منتجة ومصدرة لها. في ظل هذه الزوبعة بات من الضروري للجزائر أن تعزز نفسها بتنويع مصادر الطاقة.. والطاقات المتجددة الطريق الآمن والخيار الحتمي.