ذكر محمد لخضر بدر الدين المستشار العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين، وأمين وطني سابق للفيدرالية الوطنية للبترول، بأجواء الفرحة التي عاشها العمال الجزائريون بعد إعلان الرئيس الراحل هواري بومدين عن قرار تأميم المحروقات في 24 فيفري 1971، كون العمال الجزائريين عانوا من التمييز المسلط عليهم من الأوروبيين آنذاك، واصفا القرار بمثابة استرجاع السيادة الوطنية للمرة الثانية، كون هذه الأخيرة لا تكتمل إلا باسترجاع الثروات الوطنية، مؤكدا أن الإطارات والعمال الجزائريين رفعوا التحدي للنهوض بالقطاع . كما أشار إلى أن الجزائر تملك الإطارات الكفؤة والطاقات للخروج من الأزمة الاقتصادية. أكد محمد لخضر بدر الدين، لدى نزوله أمس ضيف التحرير للقناة الإذاعية الثالثة أن لحظة إعلان الرئيس الراحل هواري بومدين قرار تأميم المحروقات بتاريخ 24 فبراير 1971، لا توصف وكانت بالنسبة للعمال الجزائريين بمثابة استقلال ثان و استرجاع للسيادة الوطنية، باعتباره كان ممن عايشوا هذه اللحظة، وحسبه بدون استرجاع الثروات الوطنية لن يكون هناك سيادة وطنية. وتحدث المستشار العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين، مطولا عن هذه المرحلة الحاسمة في تاريخ الجزائر المستقلة، قائلا أن عمال الاتحاد وفيدرالية البترول خاضوا معركة نقابية، بحكم الأوضاع المزرية والتمييز العنصري الذي كان يعانيه العمال والإطارات الجزائريون على حد سواء بالمؤسسات المسيرة من طرف الأوروبيين والمتواجدة بالجنوب، حيث لم تكن لديهم نفس الحقوق، كما لم يسمح لهم بدخول مقهى ومطعم الأوروبيين. وذلك عبر رفع مطالب مشروعة لتحسين ظروف عملهم. وأضاف أنه يوم 24 فيفري 1971، حين جاء هواري بومدين للاحتفال بذكرى تأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين، لم يكن العمال يتوقعون أن خطابه سيكون إعلان عن قرار تأميم المحروقات ب51 بالمائة بترول، 100 بالمائة غاز، و100 بالمائة أنبوب النقل البري، حيث انتفضت القاعة بالفرحة لسماع القرار وموازاة مع ذلك احتفلت كل القواعد البترولية بالجنوب بهذا القرار . وبالمقابل، أوضح بدر الدين أن هناك ثلاث مبادرات في تاريخ تأميم المحروقات، اثنين نجحتا وهما الثورة البلشفية للاتحاد السوفياتي سنة 1917 ، والتأميم الثاني قامت به المكسيك سنة 1939 في ظروف الحرب العالمية الأولى التي ساعدت على ذلك، في حين المبادرة الثالثة التي قام بها الوزير الأول الإيراني مصدق سنة 1950 فشلت بسبب ضغط الشركات الأجنبية، وأدخل مصدق على إثرها السجن وتم إلغاء قرار التأميم، مشيرا إلى أنه منذ ذلك الوقت لم يتجرأ أحد على الاقتراب من البترول إلى غاية 1971 عندما قرر الفقيد بومدين تأميم المحروقات. وأكد ضيف التحرير في هذا السياق، أن الجزائر كانت مستعدة لهذا القرار الخطير آنذاك، كون كل الظروف كانت محضرة وكان هناك رؤية اقتصادية سياسية واجتماعية، مبرزا إرادة عمال وإطارات مؤسسة سوناطراك وتجنيدهم لرفع هذا التحدي ببذل المزيد من الجهد، كما ظن الفرنسيون أنه بمغادرتهم المؤسسات سيتوقف كل شئ عن العمل وكانوا مخطئين، مشيرا إلى أن البعض لم يعجبهم قرار تأميم المحروقات كما لم تتلق الجزائر أي دعم نقابي أو من أي دولة سوى من دولة ليبيا التي أقرضتنا مبلغ مالي، وأعربت فيدرالية الكيمياء الفرنسية عن تقديم الدعم. وحسب بدر الدين أن قرار التأميم سبقه شراء الجزائر مؤسسة التوزيع سنة 1967، وبعد حرب الشرق الأوسط قام بومدين مباشرة بتأميم كل مؤسسات التوزيع والإنتاج البترولي ومحطة التصفية سنة 1968، كما قامت الجزائر بإنشاء المركز الإفريقي للمحروقات والنسيج ببومرداس لتكوين الإطارات الذين بذلوا مجهودات لتعلم كل الخبرات من عند الأجانب لاستغلالها فيما بعد لتسيير مؤسستهم. يمكن تجاوز الأزمة باستغلال الثروات المخزنة وقال أيضا أنه بعد استكمال هذه الخطوات، قامت فيدرالية الاتحاد العام بإضراب مدته شهر، لإظهار أن المؤسسات البترولية الأجنبية بعين أميناس تغش الجزائر، مضيفا أنه بعد قرار الجزائر التأميم قامت العراق بنفس الخطوة سنة 1972 وتبعتها بقية الدول. وفي رده عن سؤال حول مدى قدرة شباب اليوم على رفع التحدي مثل الذين سبقوهم، أكد أن شباب اليوم قادرين على رفع المشعل وعلى المسؤولين حسن الظن بهم وإعطائهم الفرصة بحكم أن الجزائر تملك إطارات. ودعا في هذا الشأن، إلى استغلال الموارد الطبيعية المخزنة مثل الفوسفات بتبسة والرخام في قسنطينة، وأكبر منجم للمعادن في العالم ببجاية ، وإنعاش النسيج الصناعي، وتحسين ظروف العمال والإطارات المادية، وحسبه أن الجزائر يمكنها تجاوز الأزمة الحالية بكل سهولة إذا استطاعت التحكم في التسيير ووضع الثقة في إطاراتها مع استغلال ثرواتها الطبيعية.