رغم نقص الاعترافات وغياب الأدلة إلا أن كل المعطيات تشير إلى أن فرنسا المجروحة تاريخيا نتيجة الهزائم الحربية المتتالية التي تكبدتها على يد الألمان والفيتنام تحالفت مع الكيان الصهيوني لإنجاح مشروعها النووي الذي كان يهدف حسب تصريح وزير داخليتها في سنة 1959 إلى إخماد حالات التمرد التي كانت تشهدها فرنسا آنذاك والتي لم تكن سوى ثورة التحرير الجزائرية. ويقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر السيد عمار جفال في مداخلة ألقاها في ندوة فكرية حول التجارب النووية الفرنسية في الصحراء الجزائريةڤ نظمها مركز الشعب للدراسات الإستراتيجية، أن رغبة فرنسا القوية لمعالجة جروحها التاريخية وإعادة نفسها إلى مصف القوى الكبرى إضافة إلى أطماعها التجارية من وراء المشروع جعلها تحط يدها في يد الاسرائليين لصنع أولى القنابل النووية وتفجيرها في صحراء الجزائر جاعلة من سجناء تلاغ فئران تجارب لأسلحتها الفتاكة ضاربة بذلك عرض حائط كل المواثيق ومعاهدات منع انتشار التي لم توقع عليها. التسلح النووي.. رفع معنويات ومداواة جرح تاريخي مسار التسلح النووي الفرنسي أو مسار القنبلة النووية الفرنسية مشروع يختلف عن بقية المشاريع يقول الأستاذ جفال الذي أوضح أن المشروع الفرنسي لم يكن يهدف إلى توازن القوة ولا إلى مواجهة خطر كبير جدا لأنه لم يكن لفرنسا مؤهلا لذلك بل كان يهدف إلى الانتصار على التاريخ ففي فترة وجيزة حوالي 60 سنة، تعرضت فرنسا أكثر من بقية القوى إلى هزائم متتالية 3 هزائم مع ألمانيا وواحدة مع الفيتنام، الأمر الذي كون لدى النخبة الفرنسية قناعة بضرورة انجاز شيء ما يعيد المعنويات لفرنسا ويعطيها مكانة جديدة وقوة تفاوضية على الأقل مع بقية الدول الكبرى وهو الرأي الذي يؤكده أغلبية الباحثين الفرنسيين وأغلبيتهم من ضباط الجيش الفرنسي الذين تكون لديهم نفس الانطباع بأن التسلح النووي الفرنسي هو تقريبا لمعالجة جروح تاريخية أكثر منها لإقامة ميزان قوة مع بعض الأطراف الأخرى. إضافة إلى هذا، تعرضت فرنسا لضغوط في تلك الفترة يضيف الأستاذ جفال جعلها تلجأ إلى مشروع التسلح النووي حتى أن وزير دفاعها في سنة 1959 أصدر تصريح غريب يقول فيه أن السلاح النووي أصبح له نفس الأهمية لمقاومة حالات التمرد وحالة التمرد التي كانت آنذاك معروفة هي الثورة في الجزائر. والملاحظة الثانية فيما يخص هذا المشروع انه مشروع تجاري مقارنة بمسارات التسلح النووي لبقية القوى يقول جفال الذي أكد أن المشروع النووي الفرنسي مشروع تجاري بامتياز بحيث استغلت فرنسا الطلبات المتزايدة للتجارب النووية وعدم التزامها بمعاهدة منع الانتشار وأيضا التكاليف الباهظة لهذه التكنولوجيا لتمضي في مسار التسلح النووي وتصبح اكبر مساهم تقريبا في الانتشار النووي خارج القوى الكبرى بدا مع التعاون مع الهند ثم التعاون مع كوريا الجنوبية ثم التعاون مع باكستان ثم إفريقيا الجنوبية والعراق. مشروع التسلح النووي الفرنسي الوحيد الذي تم بشكل مشترك، فكل القوى النووية توصلت إلى القنبلة النووية بمفردها وبإمكانياتها الخاصة باستثناء فرنسا التي بدأت مشروعها منذ مطلع الخمسينيات مع إسرائيل وكانت العلاقة وطيدة جدا معها لدرجة أن بيريز كان له مكتب دائم في الخارجية الفرنسية، كلف بتنسيق العمل في هذا المجال. فالمؤكد في الموضوع أن فرنسا كانت بحاجة للخبرة الحديثة والهامة لإسرائيل في الموضوع وكانت في حاجة كبيرة لقدرات التغلغل لدى الاسرائليين عند البريطانيين والأمريكيين وكما كانت فرنسا بحاجة لإسرائيل من هذه الناحية إسرائيل كانت في حاجة إلى ميدان تجارب ولعل في يوم من الأيام تصدر بعض الاعترافات من دول أخرى لتوضيح هذه النقطة. فرنسا إذن وبعد تمكنها بمساعدة اسرائيلية من إنهاء مشروعها النووي كان عليها تجربته لتعرف مدى قوته وليكون عزاء لها ينسيها انهزاماتها مع ألمانيا والفيتنام فكانت تجاربها الخطيرة على أراضي المستعمرات عبر مرحلتين، المرحلة الأولى وهي الوسخة جدا تحملتها الجزائر والمرحلة الثانية هي التي تمت في بولينيزيا.