وضعت اللجنة الوطنية للمناهج منذ بداية سنة 2015 مخطّطا وطنيا للتكوين في ثلاث مراحل موجّها للمفتّشين المكلّفين بتبليغ المضامين التكوينية على مستوى مقاطعات الولاية من أجل أن يستفيد ويزود كلّ المدرّسين والإداريين المعنيّين بمقاصد التحوير البيداغوجي للتكوين قبل الدخول المدرسي في سبتمبر2016. وتمنح الأولوية- وفقا لما كشفت عنه مصالح وزارة التربية- لمدرّسيّ الطور الأوّل الابتدائي (السنة 1 والسنة 2) وكذا الطور الأوّل المتوسّط (السنة الأولى) ورؤساء المؤسّسات الابتدائية والمتوسّطة. بالموازة انطلقت استنادا لنفس المصدر عمليات تكوينية موضوعاتية متخصّصة من بينها ما يتعلق بتعليمية الرياضيات في التعليم الابتدائي تقويم المكتسبات المدرسية بيداغوجية الخطأ تركيب مختارات أدبية مدرسية (العربية الأمازيغية الفرنسية) الوساطة في المحيط المدرسي التربية التحضيرية قيادة المؤسّسات التربوية إشراك المواد في المناهج الجديدة المشروع الولائي التعلّم تصميم الكتب المدرسية المقروئية والمطالعة في العالم العربي المسرح المدرسي. ورقة طريق عمادها المناهج والكتب المدرسية ويستشف من ورقة الطريق لمناهج الجيل الثاني من إصلاح المنظومة التربوية التركيز على المناهج(اسندت مهمتها إلى اللجنة الوطنية للمناهج) والكتب المدرسية(مهمة تتكفل بها هيئات أخرى) من أجل تجسيد هدف الجودة في مجال البيداغوجيا (ترقية نوعية التعليم). ويجدر التذكير بأن اللجنة الوطنية للمناهج تأسّست أوّل مرّة سنة 1998 وكانت تتشكّل من حواليّ 200 شخص بين أعضاء اللجنة وأعضاء المجموعات المتخصّصة للمواد المكلفة بإعداد المناهج الدراسية للمراحل التعليمية الثلاث (ابتدائي متوسّط ثانوي). فأنشئت 23 مجموعة متخصّصة للمواد تشكّلت من أساتذة جامعيّين وباحثين ومن مفتّشين ومدرّسين من المراحل الثلاث وفق تخصّصات المواد الدراسية أساسا وأيضا من تخصّصات في ميادين التقويم والتوجيه والتربية التحضيرية وتعليمية المواد والبيداغوجيا. وأشارت وثيقة صادرة عن وزارة لتربية إلى أنه منذ 1998 بدأ طرح تساؤلات هامّة تشغل بال أعضاء اللجنة الوطنية للمناهج تتعلّق بطبيعة التغيير المنشود ومحتوياته وما ينبغي إدراجه أو اعتماده منها في تصميم المناهج المدرسية. وامتدادا لتقرير اللجنة الوطنية لإصلاح المنظومة التربوية (التي نصّبت سنة 2000) فقد كان العمل سنة 2003 يتمثّل في وضع صيغة بيداغوجية لكيان وطنيّ موحّد علميّ وثقافي. فكان إطار التصوّر يستغلّ الرصيد التاريخي لعدّة تجارب في إصلاح المنظومات التربوية وإشراك كلّ الفاعلين في الحقل التربوي الوطني إشراكا جدّيا وحقيقيا. وقد بنت اللجنة الوطنية مناهج المرحلة الابتدائية والمرحلة المتوسّطة بالسهر على مطابقة منتوجها للمعايير التي حدّدتها النصوص المرجعية( تقرير اللجنة الوطنية لإصلاح المنظومة التربوية برنامج الحكومة لسنة 2002 والقانون التوجيهي للتربية سنة 2008). وانتهجت في مسعاها ثلاثة سبل متزامنة لإعادة كتابة المناهج: شملت برامج سنة 2003 للتعليم الابتدائي والمتوسط وبرامج 2005 للتعليم الثانوي. وتجسّدت هذه الوتيرة البيداغوجية من خلال إعداد الأدوات الآتية: 207 مناهج للمراحل الثلاث؛ و207 وثيقة مرافقة. والمناهج الدراسية التي نصّبت سنة 2003/2004 تجيب عن السؤال الآتي: «كيف يضمن في أحسن الظروف نجاح الانتقال من النموذج القديم إلى نموذج بيداغوجيّ جديد في القسم بضمان خصوصية أحدهما وتكامل الآخر؟». القيم الجزائرية لحمة تضامن اجتماعيّ يحمله التاريخ كما الجغرافيا إنّ تصميم المناهج وإنجازها تركّز على درجة التنسيق قصد ضمان الوحدة والانسجام النسقي بين مناهج مختلف المراحل التعليمية. وكان لزاما في بناء مضامين المناهج أن نتوخى المصممات التالية: - يرتبط المنهاج بالمؤسّسة.: «إنّه مخطّط تعلمي يشمل المضامين والطرائق والوسائل التعلّمية ووسائل التقييم « (Depoyer 2005). ويجري هذا المخطّط في الزّمن ويركّز على المتعلّم. لذا فان المناهج تحدّد تعلّماتها وفق الغايات التربوية والأهداف التعلّمية. إنّها تصف إمكانيات التي تمكّن من تحقيق هذه الأهداف وفق المساعي والمواقف المنتظرة من المتعلّم. ويعرّف المنهاج على ثلاث درجات: كلّي macro (سياسة تروية )؛ وسطي (تسيير التربية) وجزئي (المستوى التقني). - تحديد المعارف المهيكلة للمادّة التي تضمن الانسجام الداخلي، - المعارف والمفاهيم والمبادئ المهيكلة للموادّ، - درجة الانسجام العمودي للموادّ، - تقديم وظيفي للمواد يبرز مساهمة المادّة في تحقيق الملمح الشامل. - التركيز على التمفصلات الكبرى والمنظّمة لإعادة هيكلة السلوك البيداغوجي - المقاربة النسقية (المناهجية) في اشتقاقها البيداغوجي تهدف إلى توجيه البرامج التعليمية نحو المتلقي الوحيد وهو التلميذ. ويرتكز هذا التوجيه على الكفاءات العرضية التي ترتكز بدوها على المحاور المشترطة (التربية الصحيّة التربية على المواطنة التربية على وسائل الإعلام التربية على المحيط...) التي تتناولها عدّة مواد متفرّقة أو بواسطة مشاريع متعدّدة المواد. المناهج الجديدة: التركيز على القيم الجزائرية والتعلّمات الأساسية إنّ الإطار الملائم لهذا المسعى هو مدخل يعطي الأولوية للمعارف والتحكّم في المساعي الفكرية التي تتجسّد في السلوك والمواقف الفردية والجماعية. ومن المحاسن التي تتميّز بها المناهج الجديدة وفقا لرؤية الوزارة تلك الجوانب التي تتمثّل في اعتبار المدرسة كيانا شاملا من حيث المعارف والمهارات التي تعمل على توظيف الجانب المعرفي وتفعيل البنيوية الاجتماعية (معرفة كيفية بناء الإشكال الاستقراء والاستنتاج التلخيص والتعميم الخيال النقاش المعارضة تسيير الصرعات العمل الجماعي...) إلى جانب السلوك والتصرّف وذلك مسعى بناء الهويّة وتحقيقها باعتبارها نتاجا لمسار تاريخيّ طويل ومفعول فرديّ وجماعيّ(مكون من مواقف وسلوكات) في حصيلة المسارات الثقافية لبلادنا. كما ان مناهج الجيل الثاني تركّز على القيم الجزائرية لكونها لحمة تضامن اجتماعيّ يحمله التاريخ كما تحمله الجغرافيا والتراث الثقافي والقيم الروحية. وإلى جانب السياق الوطني لمضامين البرامج والمناهج المقبلة فقد كان التأكيد أيضا على فك التعقيد الذي تتصف به اليوم الأمور في المجتمع والعالم أجمع والذي يفرض تجنيدا مختلفا للمعارف المبنية على أساس مهارات فكرية إنّ تنظيم أطر تصميم المناهج المدرسية الجزائرية منذ ما يقارب خمس عشرة سنة في شكل أجهزة مكلّفة بإعداد المناهج بعنوان: المجموعات المتخصّصة للمواد تضمّ أكثر من 200 مصمّم للمناهج (من مفتّشين جامعيّين مدرّسين رؤساء مؤسّسات) تحت قيادة اللجنة الوطنية للمناهج قد مكّنت (على مستوى الهيئة التربوية) من تحقيق تقدّم معتبر أهم ما فيه. تثمين التجربة الوطنية في مجال تصميم المناهج تحقيق إرادة وضع سياق للأجهزة التعليمية (didactiques) والبيداغوجية الوطنية في مجال تصميم البرامج والمناهج المدرسية. ولا يتعلق الأمر في الحقيقة بالنقل الآلي لنماذج أثبتت نجاعتها في بلدان عديدة بل يلتزم بالعمل على التجذّر المجتمعي،وفق خطوات حقيقية إدارية وبيداغوجية من بيئة مؤسّساتية وربط نظام أهداف بالوسائل التي تمكّن من تحقيقها بفضل الاقتباس من العناصر التقليدية والموروث المعرفي الوطني وعالمية المعارف.