أظهرت مؤشرات نمو قطاع الفلاحة بولاية بومرداس، نقلة نوعية في ترقية النشاط والرفع من مردودية الإنتاج في مختلف الشعب المنتشرة عبر مساحة إجمالية صالحة للزراعة تقدر ب 64.7 ألف هكتار، منها 20.5 ألف هكتار مسقية، بفضل سياسة الدعم عن طريق أجهزة الدولة النابع من برنامج رئيس الجمهورية الذي أعطى أهمية كبيرة لهذا القطاع الاستراتيجي من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي، ومنه الأمن الغذائي للبلاد في ظل الوضعية الاقتصادية المضطربة وأزمة تدّني أسعار البترول في السوق العالمي وانعكاسها السلبي محليًا. أعطت الدولة اهتماما كبيرا للقطاع الفلاحي، وأدركت أهمية النشاط في دعم الاقتصاد الوطني وخلق ثروة ومصادر دخل بديلة عن المحروقات، وبالتالي توجيه كل الجهود لإستغلال هذه القدرات الكامنة وتنويع النشاط بفضل المساحة الشاسعة التي تتوفر عليها الجزائر وتنوع الأقاليم الزراعية من الشمال إلى منطقة الهضاب والجنوب ومناخ متنوع أيضا وصفه وزير الفلاحة في زيارته الأخيرة لولاية تيزي وزو «بأنه ميزة اختصت بها الجزائر عن غيرها من الدول، لأن الفلاح في الجنوب بإمكانه إنتاج محاصيل زراعية وخاصة الخضروات في أوقات لا يمكن الآخرين إنتاجها، وهي الفرصة التي لابد على المستثمرين استغلالها لتصدير المنتوج. كما شكل جلب الاستثمارات المحلية والأجنبية عاملا رئيسيا في تطوير الفلاحة بالجزائر ومنها بولاية بومرداس التي بدأت تستقطب عشرات المتعاملين الاقتصاديين الراغبين في تجسيد مشاريعهم في الميدان والاستفادة من عقار فلاحي أو عقار صناعي في ميدان الصناعات التحويلية، وبالتالي يمكن ذكر عدد من التجارب الفلاحية الناجحة التي استفادت من دعم الدولة وكانت محل إعجاب الوزير في زيارته للولاية، وهي مستثمرة»لاردي» ببلدية حمادي المتخصّصة في إنتاج الحمضيات والبطاطا على مساحة 141 هكتار، مسقية منها 60 هكتارا أشجار مثمرة متنوعة، 52 هكتارا من الحمضيات بالإضافة إلى 30 هكتارا لإنتاج البطاطا الاستهلاكية و20 هكتارا مخصّصة لإنتاج بذور البطاطا التي تبقى أكبر تحدٍ للفلاحين الناشطين في هذه الشعبة، بالاضافة الى وزارة الفلاحة المطالبة بتوسيع المساحة المخصّصة لإنتاج البذور لتقليص نسبة الاستيراد وسعرها المرتفع، كما استطاعت هذه المستثمرة النموذجية التي تشّغل 30 عاملا دائما و120 عاملا موسميا من توسيع نشاطها لإنتاج بذور الحبوب من نوع «فيترو» على مساحة 20 هكتارا و30 هكتارا أخرى لإنتاج البذور الاستهلاكية من نوع «فابيلا». كما أعطت أيضا سياسة الدعم التي خصّصتها الدولة للقطاع دفعا قويا لنمو حركية الإنتاج بالولاية لمختلف الشعب، بما فيها الصيد البحري، وتربية المائيات عبر مختلف البرامج الخماسية التي حملها برنامج رئيس الجمهورية منذ سنة 1999، عن طريق الصندوق الوطني لتنمية الاستثمار الفلاحي والمخطط الوطني للتنمية الفلاحية والريفية، مثلما توّضحه بعض الأرقام المحققة في الميدان، بداية من ارتفاع عدد اليد العاملة الفعلية في القطاع من 35 ألف ناشط إلى أزيد من 43 ألف عامل من أصل 165 ألف ناشط بالقطاع، تضاعفت مساحة إنتاج الكروم من 5 آلاف هكتار إلى 14 ألف هكتار بإنتاج تجاوز 2,5 مليون قنطار واحتلال المرتبة الأولى وطنيا، ارتفاع نسبة إنتاج البطاطا من 200 هكتار في القنطار إلى 300 قنطار بفضل تحسن وسائل الإنتاج وإدخال التقنية الحديثة، تضاعف المساحة المسقية من 7 آلاف هكتار إلى أزيد من 20 ألف هكتار، انطلاقا من 4 سدود وعشرات الحواجز المائية التي أنجزت وأخرى خضعت لعملية تهيئة لإعادة إنعاش المساحات المسقية بالولاية، إنتاج الحليب يقفز من 5 مليون لتر إلى 25 مليون لتر حاليا و30 مليون في حدود سنة 2019، ونتائج أخرى مشجعة في مجال الصناعات التحويلية حيث سجلت الولاية عدة مشاريع لانجاز وحدات في الصناعة الغذائية لامتصاص الفائض في بعض الإنتاج، إحصاء 39 معصرة زيتون، 82 غرفة تبريد ووحدتين لإنتاج الحليب بطاقة 10 آلاف لتر يوميا مع إعطاء أهمية خاصة للتنمية الريفية بفضل العمليات المبرمجة من طرف البرنامج الوطني للتنمية الفلاحية والريفية لدعم الأنشطة الفلاحية الجبلية وفتح 100 كلم من المسالك، إضافة إلى صندوق التنمية الريفية واستصلاح الأراضي عن طريق الامتياز الذي خصّص 263.5 مليون دينار لتنمية الأنشطة الفلاحية الريفية وإعادة تشجير المساحات الغابية. كما حظي قطاع الصيد البحري وتربية المائيات بإهتمام خاص في هذه الإستراتيجية باعتباره قطاعا حساسا في تنمية الاقتصاد الوطني، حيث تحصي بومرداس 4436 مهنيا، مع تدعيم النشاط ب 5 مشاريع استثمارية في مجال الصيد البحري وتربية المائية في الأقفاص العائمة والحواجز المائية، منها مشروعين دخلا النشاط بطاقة إنتاج تقدر ب 2200 طن في السنة مع خلق 6205 منصب شغل وعدة مشاريع أخرى على غرار منطقة النشاطات لزموري ومسمكتين للبيع بالجملة في كل من دلس ورأس جنات في إطار مخطط اكواباش. تسليم 3979 عقد امتياز واهتمام بالجانب الاجتماعي للفلاحين كان من البديهي لإنجاح هذه السياسية المسطرة من طرف الدولة، أن تنبع من إستراتيجية شاملة لتطوير قطاع الفلاحة بولاية بومرداس بالنظر إلى ما يمثله من أهمية وقدرات كبيرة، وهو أن تنطلق أولا من عملية تحيين القوانين والتشريعات المنظمة للنشاط وتطهير مدونة المستثمرات الفلاحية التي أسالت الكثير من الحبر نتيجة الوضعية الغامضة لبعضها التي حادت عن نشاطها الفعلي إلى نشاطات تجارية وعقارات، وبعضها غير مستغل بصفة كلية لظروف عديدة أو متوقفة تماما عن النشاط، وبالتالي فتح الباب أمام الراغبين الجدد في الاستثمار الحقيقي، الأمر الذي سرّع من صدور القانون 03/10 المتعلق بتحويل المستثمرات من حق الانتفاع إلى حق الامتياز لتسوية وضعية 6009 مستثمرة فلاحية معنية بعملية التطهير، وهنا تشير الأرقام المقدمة من طرف المصالح الفلاحية والديوان الوطني للأراضي الفلاحية عن استلام ومعالجة 5994 ملف، انجاز 3979 عقد امتياز أي بنسبة 67 من المائة مع رفض أو إلغاء 1200 عقد لأراضي تابعة للأحواش لم تسو وضعيتها بعد. كما تم إعطاء دفع جديد لمجال التكوين والتكفل بانشغالات الفلاحين في المجالين المهني والاجتماعي لتشجيعهم على العمل والاستقرار في المهنة، حيث تظهر الأرقام عن استفادة 2203 إطار فلاحي من تكوين لتأطير 16 ألف فلاح، فيما تم مراجعة منظومة التغطية الاجتماعية لهذه الفئة بالتنسيق مع الصندوق الوطني للعمال غير الإجراء «كازنوس» الذي قدم كل التسهيلات للفلاحين بفتح شبابيك موحدة على مستوى صندوق التعاضد الفلاحي لتأمين أنفسهم والاستفادة من امتيازات الصندوق منها بطاقة الشفاء، حق التقاعد وتأخير دفع حقوق الانتساب إلى غاية شهر سبتمبر كاستثناء لهذه الشريحة وغيرها من إجراءات الدعم المادي بوسائل العمل من آليات وقروض في إطار قرض الرفيق لتنمية النشاط الفلاحي بولاية بومرداس بناء على التصوّر العام المسّطر من قبل الحكومة.