التجمع الوطني الديمقراطي يثمن الانجازات الاقتصادية والاجتماعية للجزائر الجديدة    تجارة: إدراج تعديلات على نظام تعويض أسعار القهوة    وهران : افتتاح الطبعة الثانية لمعرض التجارة الإلكترونية و الخدمات عبر الانترنت    دعوة الى جعل الثقافة جبهة حقيقية للمرافعة عن القضية الصحراوية    رئيس الجمهورية يشرع بولاية تيبازة في تدشين مصنع تحلية مياه البحر "فوكة 2"    نقل جوي: السيد سعيود يبرز الجهود المتواصلة لتعزيز أمن الطيران المدني    الحماية المدنية تنظم بولاية جانت مناورة في الأماكن الصحراوية الوعرة    عرض النسخة الأولى من المرجع الوطني لحوكمة البيانات    العمل بمنحة السفر الجديدة.. قريباً    جيبلي يعتزم التصدير    غياب المخزن مؤشّر على عزلته القارية    بوغالي يستقبل بالقاهرة من قبل رئيس البرلمان العربي    صِدام جزائري في كأس الكاف    بوغالي يؤكّد ثبات مواقف الجزائر    عطاف يلتقي لافروف    أمطار رعدية مرتقبة بعدة ولايات البلاد ابتداء من مساء اليوم السبت    تفكيك عصابة إجرامية حاولت بث الرعب بالأربعاء    وزير المجاهدين العيد ربيقة يشارك في تنصيب القائد الأعلى للجيش و القائد العام للشرطة بنيكاراغوا    هلاك 4 أشخاص وإصابة 228 آخرين في حوادث المرور خلال 24 ساعة    جائزة "الرائد سي لخضر" تحتضن توأمة تاريخية بين الزبربر وسي مصطفى    شباب بلوزداد يضيّع الصدارة في سطيف    تكييف عروض التكوين مع احتياجات سوق الشغل    الحقد الفرنسي أصبح يطال كل ما هو جزائري    لا مصلحة لنا في الاحتفاظ بالجثامين لدينا    القضاء على إرهابي خطير بالمدية    بيتكوفيتش يحضّر لبوتسوانا والموزمبيق بأوراقه الرابحة    2025 سنة تسوية العقار الفلاحي بكل أنماطه    قرية حاسي مونير بتندوف... منطقة جذب سياحي بامتياز    الانتهاء من ترميم القصبة بحلول 2026    توالي ردود الفعل المنددة بطرد الاحتلال المغربي لوفد برلماني أوروبي من الاراضي الصحراوية المحتلة    صحة: المجهودات التي تبذلها الدولة تسمح بتقليص الحالات التي يتم نقلها للعلاج بالخارج    أنشطة فنية وفكرية ومعارض بالعاصمة في فبراير احتفاء باليوم الوطني للقصبة    الدورة الافريقية المفتوحة للجيدو: سيطرة المنتخب الوطني للأواسط في اليوم الأول من المنافسة    ترسيم مهرجان "إيمدغاسن" السينمائي الدولي بباتنة بموجب قرار وزاري    تدشين مصنع تحلية مياه البحر بوهران: الجزائر الجديدة التي ترفع التحديات في وقت قياسي    تسخير مراكز للتكوين و التدريب لفائدة المواطنين المعنيين بموسم حج 2025    جائزة سوناطراك الكبرى- 2025: فوز عزالدين لعقاب (مدار برو سيكيلنغ) وزميليه حمزة و رقيقي يكملان منصة التتويج    الرابطة الأولى: شباب بلوزداد يسقط في سطيف (1-0) و يهدر فرصة تولي صدارة الترتيب    فرنسا تغذّي الصراع في الصحراء الغربية    غزّة تتصدّى لمؤامرة التهجير    اختيار الجزائر كنقطة اتصال في مجال تسجيل المنتجات الصيدلانية على مستوى منطقة شمال إفريقيا    لقاء علمي مع خبراء من "اليونسكو" حول التراث الثقافي الجزائري العالمي    مبارتان للخضر في مارس    الرئيس تبون يهنيء ياسمينة خضرا    هذا زيف الديمقراطية الغربية..؟!    "فيات الجزائر" تشرع في تسويق "دوبلو بانوراما"    أدوار دبلوماسية وفرص استثمارية جديدة للجزائر دوليا    أيوب عبد اللاوي يمثل اليوم أمام لجنة الانضباط    احتفالات بألوان التنمية    إثر فوزه بجائزة عالمية في مجال الرواية بإسبانيا رئيس الجمهورية.. يهنئ الكاتب "ياسمينة خضرا"    "حنين".. جديد فيصل بركات    حج 2025: إطلاق عملية فتح الحسابات الإلكترونية على البوابة الجزائرية للحج وتطبيق ركب الحجيج    هكذا تدرّب نفسك على الصبر وكظم الغيظ وكف الأذى    الاستغفار أمر إلهي وأصل أسباب المغفرة    هكذا يمكنك استغلال ما تبقى من شعبان    سايحي يواصل مشاوراته..    أدعية شهر شعبان المأثورة    الاجتهاد في شعبان.. سبيل الفوز في رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لقاءات الثلاثية بين ضغط الجبهة الاجتماعية وتحقيق التوازنات المالية
غياب اقتصاد خارج المحروقات قلص نجاحها
نشر في الشعب يوم 21 - 12 - 2009

أظهرت، قمة الثلاثية ال 13 التي انعقدت بداية الشهر الجاري، محدودية هامش المناورة لإقرار زيادة في الأجور تتماشى ومتطلبات الجبهة الاجتماعية، فالفترة التي سبقت الثلاثية تميزت بتصريحات غريبة جدا من قبل الاتحاد العام للعمال الجزائريين، وكذا بعض الأحزاب، تصب في خانة وضع حد أدنى للأجر القاعدي عند حدود 20 و35 ألف دينار جزائري، لكن عند انعقاد قمة الثلاثية ظهرت الحكومة في موقع قوة وأكدت أن الحد المسموح به هو 15 ألف دينار للأجر القاعدي بالنظر لمعطيات عديدة أهمها ضعف الاقتصاد الوطني خارج قطاع المحروقات وفشل القطاع الخاص في تحديد أهدافه التي تنتظرها الدولة مثل الإنقاص من فاتورة الاستيراد وغيرها من الرهانات التي تنازلت عليها الدولة للقطاع الخاص في سياق التوجه الليبرالي للاقتصاد.
تسقط مقترحات تحسين الأوضاع الاجتماعية للعمال المقترحة من أطراف الثلاثية في كل قمة بالنظر لعدم اعتمادها على مقاييس واقعية وعلمية تجعل السلطة التنفيذية تقتنع بها ويظهر أن تلك المقترحات شعبوية هدفها الدعاية لأمور أخرى خفية تسقط بمجرد تصريح للحكومة وهو ما جعل الطبقة الشغيلة تستغرب تلك المقترحات التي لم ولن تجد طريق التطبيق لأن تلك الأطراف تكون قد تجاوزت صلاحياتها ونسيت ما يخوله لها القانون، فالسلطة التنفيذية مسؤولة عن 35 مليون جزائري وهو ما يجعلها دائما في موقع قوة لأن أي قرار يجب أن يراعي التوازنات الكلية المالية والاقتصادية منها، وهو ما ظل يركز عليه الوزير الأول السيد أحمد أويحيى في مختلف تصريحاته.
وتبرر السلطة الزيادة التي تقرها في مختلف قمم الثلاثية بالوضع العام للاقتصاد الوطني الذي تسيطر عليه المحروقات التي لازالت تضمن أكثر من 97 بالمائة من مداخيل البلاد بالعملة الصعبة، وهذا منذ الاستقلال وحتى بعد تحرير الاقتصاد في 1990 بقيت المحروقات هي المسيطرة ولا ينافسها حاليا إلا الاستيراد الفوضوي الذي ينهب أكثر من نصف مداخيل النفط وسيصل هذا العام إلى الاستحواذ على أكثر من 90 بالمائة من عائدات النفط حيث بلغت عائدات النفط في العشر أشهر من هذه السنة 35 مليار دولار، بينما توقفت الواردات عند مستوى 32 مليار دولار وهي أرقام تدعم مواقف الحكومة وتؤكد ضعف مقترحات الأطراف الأخرى.
وبالمقابل، يبقى تغني البعض باحتياطي الصرف غير مبرر لأن الدولة تكون قد باشرت استثمارات عملاقة فاقت 150 مليار دولار، وهي المبالغ التي تحتاج إلى إستراتيجية مالية صارمة توفق بين ما هو موجود وما تسعى الدولة لانجازه وتؤكد الدولة أن التنمية المستدامة لا تتوقف عند الزيادة في الأجور، بل بإقامة المشاريع الاستثمارية الإنتاجية والخدماتية التي تسمح بخلق الثروة ومنح قيم مضافة لأن الزيادات الكبيرة في الأجور سيستحوذ عليها المستوردون الذي يعملون على إنشاء ''اقتصاد بازار''.
القطاع الخاص لا يطالب إلا بالإعفاءات الضريبية ورفع القروض
وبالموازاة مع ذلك، يتحمل القطاع الخاص في بلادنا جزء كبيرا من مسؤولية تردي الاقتصاد لأنه يسبق دائما المصلحة الشخصية ويظل يتحدث عن تقليص الضرائب وإعفائه منها، ورفع استفادته من القروض التي فاقت 200 ألف مليار سنتيم في السنوات الأخيرة، وهي الإجراءات التي لم تنتج شيئا، بل بالعكس كلفت الدولة أعباء جديدة وتنصل القطاع الخاص من مسؤولياته منذ 1990 وكل مرة يطالب بالإعفاء، كما تسبب هذا القطاع في خسائر وفضائح مالية بالجملة ومنه الإساءة لسمعة الدولة حيث باتت الجزائر تحتل المراتب الأولى في تقارير الفساد والرشوة دون أن تجد حلا لهذه الآفات الاقتصادية.
وبالرغم من التحفيزات الكبيرة التي منحتها الدولة للقطاع الخاص إلا أنه فشل في المنافسة وفرض منطقه في السوق وعرفت العديد من المشاريع الاستثمارية طريقها إلى الإفلاس على غرار مجمع تونيك ومصنع المركبات والشاحنات بالجلفة وغيرها من المشاريع الأخرى التي هزت أركان البنوك العمومية التي وجدت نفسها ضحية الرداءة وغياب الوعي بمخاطر الاقتصاد، وهو ما عطل النمو الاقتصادي وجعله يتراجع.
كما تسبب القطاع الخاص في متاعب إضافية لصناديق الضمان الاجتماعي حيث تسيطر المعاملات التعسفية كعدم التصريح بالعمال لدى الضمان الاجتماعي، وإذا تم التصريح بهم، فإنهم لا يدلون بالأرقام الصحيحة، وهو ما يعكس العقلية الريعية للقطاع الخاص الذي يدفع أجورا زهيدة بالمقارنة مع القطاع العام ويظل يتحجج دائما بالسوق الموازي في تبرير فشله.
المؤسسات الصغيرة من حل إلى مشكلة
فشلت، المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، في دفع الاقتصاد الوطني وتدارك التأخر في النمو وهذا بالنظر لغياب إستراتيجية وطنية واضحة ودقيقة لأن التحولات الاقتصادية العالمية السريعة تقتضي بناء صناعة صغيرة ومتوسطة مبنية على الإبداع والتصدير والتحفيز، وهو ما يغيب عندنا، فهذه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تجاوز عددها ال 400 ألف والمنشأة بقروض من عند الدولة، يعاني معظمها من الإفلاس لعدم قدرته على المنافسة وتحمل تحولات السوق التي لا ترحم، وعليه لم تتغير لا فاتورة الاستيراد ولا التصدير، بل تسببت هذه المؤسسات في الرفع من ميزانية التجهيز دون جدوى وبات الكثير منها يطالب بإلغاء الديون والإعفاء لأن الأموال عمومية ومطالب الإعفاء وإلغاء الديون باتت ثقافة جزائرية محضة تؤكد النظرة الريعية للمستثمرين.
وعليه، فهذه المؤسسات التي تتبجح بمناصب العمل التي استحدثتها، تهمل دائما ما تتسبب فيه من خسائر للخزينة والاقتصاد الوطني، ويبقى ضبطها وتطهيرها أحسن وسيلة للنهوض بالاقتصاد الوطني، بينما التركيز على الكم والإحصائيات دون التقييم على أساس المردودية والنجاعة لن يفيد البلاد في شيء .
التضخم والسوق الموازي والإستيراد العدو الكبير للأجور
يجهل الكثير من أوساط الطبقة الشغيلة أن الزيادة في الأجور لن يكون لها معنى في ظل تواصل وتيرة الاستيراد التي ارتفعت من 13 مليار دولار في 2004 إلى 40 مليار دولار في ,2008 لأن هذا الرقم يعكس ضعف الاقتصاد الوطني الداخلي خارج قطاع المحروقات، فالسلع والمنتجات التي تأتي من الخارج تكون تكاليفها كبيرة وبالعملة الصعبة، وبالتالي، فالزيادة في الأجور لن تكفي في تغطية تكاليف شراء السلع حيث ما نستهلكه جله من الخارج، وبالتالي، فورقة 1000 دج تصبح بدون قيمة، وهذا ما يعرف بالتضخم.
كما أن طغيان السوق الموازي واستحواذه على حوالي 60 بالمئة من المعاملات الاقتصادية بما يعادل رقم أعمال ب 14 مليار دولار، حسب الخبير الاقتصادي مسدور فارس، يجعل الدولة لا تستفيد من الضرائب وصناديق الضمان الاجتماعي لا تحصل الاشتراكات، وهو ما يجعل الحركة التجارية تسير عكس طموحات الاقتصاد الوطني، وبالتالي، نجد مجموعة محدودة من الأفراد تستفيد من كل هذه المعطيات التي قد تعكس صحة الاقتصاد، لكن في الواقع تظهر آثارا عكسية على الوضع المالي والاقتصادي للبلاد.
وبالتالي، فلا يمكن أن تضمن الطبقة الشغيلة تحسين القدرة الشرائية على حساب حقوق الدولة التي تجهض من قبل المتطفلين وأشباه المستثمرين ويبقى الخاسر الأكبر هو المواطن الذي يجد دائما نفسه في مواجهة مع الدولة، بينما تبقى مافيا الاستيراد والشبكات الأخرى في الظل وبعيدة عن المشاكل، وهو ما يجب أن تتكاثف من أجله جهود الجميع.
الإستراتيجية الصناعية وقانون المالية التكميلي لتحقيق التوازن
تعول، الدولة، لتأمين الزيادات في الأجور والنهوض بالاقتصاد الوطني، على الإستراتيجية الوطنية الصناعية وإجراءات قانون المالية التكميلي لصد هجمات المستوردين ومحاصرة المتربصين بالنسيج الوطني الصناعي الذي لا بديل عنه لخلق الثروة وزيادة الإنتاج ومنه توفير مناصب العمل وتموين السوق الوطنية بما تحتاجه لتقليص فاتورة الاستيراد وتحقيق التنمية المستدامة.
ويأتي تدخل الدولة هذا كإجراء وقائي من شأنه مقاومة تداعيات الأزمة المالية العالمية التي ظهرت كزئبق لم يستطع أحد التحكم فيها، وبالتالي، لا نجاة منها إلا الوقاية وتحويل الأموال لصالح الجبهة الاجتماعية للحفاظ على الإستقرار الاجتماعي والسياسي الذي يعتبر أساس كل نجاح اقتصادي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.