عصر النظرية انتهى.. إنه عصر التجريب رافع الشاعر اللبناني الكبير، بول شاؤول، أمسية أمس، بالمكتبة الوطنية، لجمهور الشعراء الشباب، داعيا إياهم إلى الكتابة بحرية وحب، نافيا أن تكون هناك قيودا على كتابة الشعر مهما كان نوعها، مبديا ذلك في قوله أن عصر الايدولوجيا انتهى إلى الأبد، وزمن الرواد ولى دون رجعة، وما يحدث الآن مجرد بقايا جعجعة في طحين، محذرا من مغبة السقوط وراء المرشدين في الشعر، واصفا المرشدين في السياسة لا في الشعر. وصف شاؤول الفرد بالكائن الهش وهذه عظمة الشعراء حسب قوله، وخلال اللقاء الذي نشطه بالمكتبة الوطنية وحضره وزير الثقافة عز الدين ميهوبي والعديد من الوجوه الثقافية وجمع كبير من محبي الشاعر ورجال الإعلام، الذين استمتعوا بالأمسية الشعرية وهو موعد أدبي تشرف عليه الشاعرة المتألقة لميس سعيدي ينظم كل يوم الثلاثاء “موعد مع الشعر”. تحدث الشاعر شاؤول حول تجربته الشعرية والمشهد الثقافي، بعد أن تفنن الفنان المسرحي طارق بوعرعارة في قراءة العديد من قصائد الضيف بروح مسرحية مداعبة، كما تفنن في تحريك أنفاس الحضور من خلال شد انتباههم إليه، ومن بين ماقرأ من دواوينه “الأم والذبابة”، “منديل عطيل”، “العزلة المهولة” وغيرها من القصائد الجميلة، حاملة عدة محطات، كان لبول شاؤول فيها الكثير من الصدق، فحين عبر عن إعجابه بدور الممثل الذي سبقه إلى قراءة بعض من قصائده، قال عنه أنه فعل خير سفير له، ومما زاده أيضا هو تفاعل الجمهور مع نصوصه، هذه الأخيرة قال بشأنها، أنه لا يكتب القصيدة مرتين ولا يسمح لنفسه بذلك، مذكرا بأن تجربته في كتابة الشعر أخذت منحنى التجديد بحيث لا تتشابه مجموعاته الشعرية التي أصدرها منذ بدايته مع الكتابة في ما بينها. ونفس الأمر بالنسبة للأجناس الأدبية الأخرى، وفي مقام أنه صاحب تجربة شعرية وإعلامية كبيرة أكد شاؤول على أن شعر الجيل الجديد لا خوف عليه، لأن الشعر الآن هو تحرر وليست هناك قيود تفرض منطقها، فالمنطق الوحيد هو منطق التجريب لا منطق النظرية. وقال إن الكتابات الشعرية في عصرها الذهبي، رافضا منطق الرواد الذين يحجبون عن الأجيال قدرتها في التطور والتجديد، وهو اعتراف ضمني بشاعر له حضوره الشعري العربي والعالمي. محطات عدة جاب من خلالها ضيف “موعد مع الشعر”، أين تحدث عن السياسة والثقافة والأدب وفي قالب النكهة أيضا تحدث أنه عاصر أكثر من عشرين حربا في لبنان ومازال يبدع ويقول الشعر ويساهم بكتاباته الصحفية في إثراء المشهد الثقافي والإعلامي.