أعطى عميد كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة تيزي وزو، ايدير عبد الرزاق، قراءته في المشهد الإعلامي التعددي بالجزائر، مستندا الى حقائق واقعية. ربط العميد في ملتقى “واقع وآفاق قطاع السمعي” بالجزائر، بمناسبة إحياء اليوم العالمي لحرية التعبير، بين الجانب النظري الأكاديمي الذي يتلقاه الطلبة بقسم الإعلام والاتصال والجانب التطبيقي للممارسة. من جهتهم أبرز عدد من المهنيين أهداف اللّقاء الذي انصب على واقع الممارسة الإعلامية في الجزائر، انطلاقا من التشريعات والقانون العضوي للإعلام لسنة 2012، موّجهين انتقاداتهم لبعض القنوات الخاصة التي لم تعتمد على المهنية. من جهته قدّم الصحفي مراد بوعلام الله في مداخلة تشريحا دقيقا للمشهد الإعلامي العربي وواقع الممارسة في ظل تحديات التهديد والمنافسة من قبل الإعلام الجديد، مشيرا في هذا الصدد إلى “أن 58 صحفيا قتلوا خلال سنة 2015 بحسب تقرير المنظمة العربية، مسجلا 4 آلاف اعتداء و69 حالة اختطاف من طرف ما يعرف بتنظيم “داعش” الإرهابي.. حدّد بوعلام الله، أثناء المداخلة، تهديدين أساسيين يواجههما الإعلام العربي في الوقت الراهن على رأسها ظاهرة التهديد والقتل في مختلف مناطق النزاعات، أثناء تأدية الواجب المهني في عدد من البلدان العربية وأكبر قمع للصحفيين يأتي من اسرائيل بحسب المتدّخل، إضافة إلى تحدي وسائط الإعلام الحديثة عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو ما يعرف بصحافة المواطن من خلال المنافسة الكبيرة التي أصبحت تفرضها على وسائل الإعلام التقليدية وخاصة التلفزيون الذي لم يعد لوحده يحتكر المعلومة المدعومة بالصوت والصورة. قدّم الصحفي جملة من المقترحات الموضوعية والخطوات العملية لمواجهة هذا التحدي وكيفية صناعة الخبر الموضوعي الدقيق الذي يتطلع إليه الجمهور، منها ضرورة تركيز الصحفي أو القناة الإعلامية على المنتج ونوعية المنتج والجانب التحليلي للخبر وتداعياته، إضافة إلى عامل الإبهار ونوعية الصورة لدعم المعلومة المنقولة للجمهور، معتبرا عنصري الدقة وأخلاقيات المهنة شرطان أساسيان في إنتاج وإيصال الخبر، وقال”صناعة الخبر في نهاية المطاف هي مسؤولية كبيرة، لأن تأثيرات هذه الصناعة مرتبطة بالجوانب السياسية، الاقتصادية والثقافية”. ولدى تقييمه للمشهد الإعلامي الجزائري، أكد الصحفي “أنها تجربة فتية وتستحق كل التشجيع، كما هناك خطوات كبيرة يجب قطعها والمضي فيها لترقية القطاع وإثراء المجال والارتقاء أكثر بالمنتوج الإعلامي استجابة لرغبات المواطن الجزائري. من جهته، حاول الصحفي من قناة “كا،بي،سي” كريم كالي نقل تجربة فتح المجال السمعي البصري في الجزائر، معتبرا إياها “تجربة تستحق التوّقف والتقييم، كما جعلت نشاط القنوات الخاصة التي وصلت الى 45 قناة حاليا، منها 5 مرّخصة موضوع بحث ودراسة من طرف الأساتذة الأكادميين ومنها لقاء اليوم الذي احتضنته جامعة تيزي وزو.. كما طرح المحاضر إشكالية الاحترافية ونقص المهنية لدى بعض القنوات الإعلامية وحتى الصحفيين، متسائلا عن ظاهرة التنافس غير الأخلاقي وسبل الارتقاء بالعمل الإعلامي لإنجاح التجربة الإعلامية في الجزائر بما يخدم الوطن والمواطن. يذكر أن اليوم الدراسي الذي احتضنته كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بمناسبة 3 ماي شمل عددا من المحاور والمداخلات لخّصها الأستاذ شفيق ايكوفان، المشرف على التظاهرة في مداخلة تطرقت إلى معالجة القانون العضوي للإعلام لسنة 2012 وسلطة الضبط السمعي البصري، تجربة القنوات التلفزيونية الخاصة في الجزائر بين الحرية الإعلامية والخدمة العمومية ورهانات المنافسة، المصداقية والمعايير الأخلاقية للعمل الإعلامي وعلاقتها بالمجتمع من خلال القنوات، برامج الإعلام الجواري في الجزائر ودورها في تعزيز التنمية والفكر للأستاذة بركون كهينة وغيرها من المداخلات الأخرى التي تناولت الأداء الإعلامي للقنوات التلفزيونية بين حق المواطن في الخدمة العمومية وأخلاقيات المهنة، مع تنظيم جلسة تكريمية لعائلة الأستاذ والصحفي الراحل مزياني أحمد، معتبرا اللّقاء فرصة لتشريح واقع وآفاق مجال السمعي البصري في الجزائر والنظرة الاستشرافية للقطاع.