تنظّم جامعة عبد الحميد بن باديس الملتقى الرابع عنوانه: “الإعلام الجديد والمنظومة القيمية: رؤى ورهانات مستقبلية “. وينظم الملتقى الذي تتولاه كلية العلوم الاجتماعية مخبر دراسات الاعلام والاتصال في وقت يعرف فيه الاعلام حركية غير معهودة وتحولا غير مسبوق جعل البعض يقولون إنه سلطة أولى وليس الرابعة مثلما تداولته النظريات السابقة. الملتقى التي يقام من 9 و10 ديسمبر تتوقف “الشعب” عند محاوره وأسبابه تعميما للفائدة. الإشكالية: لقد شهد العالم تحولات دالة في تكنولوجيات الاتصال ومختلف المجالات العلمية والتفنية الأخرى تمخض عنها تغيرات طالت حياة الأفراد والمجتمعات في كل أبعادها. وقد كان لتوسع شبكة الانترنت (Internet) الأثر البارز في تلك التغيرات من خلال الربط تارة والفصل تارة أخرى بين أجزائه كنتيجة حتمية لاختزال عاملي الزمان والمكان (time and space factors)، مما سمح بالتواصل وطرح الأفكار والتعريف بمختلف الثقافات من جهة وإبراز التناقضات والصراعات من جهة أخرى. إن الانفتاح عبر وسائط الإعلام الجديد (new media) أحدث ثورة في المحتوى الإعلامي من خلال رفع الضوابط الرقابية وتحرير صيرورة إنتاج المضامين الإعلامية، الأمر الذي أدى إلى التعجيل بإستنبات جملة من التحولات على مستوى المعايير الاجتماعية (Social norms) والأنماط الحياتية، إضافة إلى تغييرات محسوسة في بنية العلاقات الفردية والاجتماعية، مما جعل تلك الوسائط تبدووأنها محركا مستمرا لهذا المجتمع المعاصر (Contemporary society) واحد أهم فواعيل صياغة الوعي الفردي والجمعي لما تحمله من أفكار وتوجهات ومضامين يصعب فرض رقابة عليها وهو الأمر الذي أعطى شعورا واضحا بقدرات هذا الأخيرة على التأثير في القيم بأبعادها الروحية والنفسية والاجتماعية والثقافية والسياسية والجمالية. وقد أصبحت منظومة القيم (Value System) راهنا من أهم القضايا التي يتم إثارتها وبحثها جراء إفرازات المشهد التكنولوجي (technological landscape) الذي نعيشه اليوم، فآثار الإعلام الجديد قد أصبحت ظاهرة للعيان (visible) على القيم والبنى الاجتماعية وأنساقها المختلفة، وخصوصا النسق القيمي للأفراد والمجتمعات، لما أحدثه الإعلام الجديد من تجاذبات على مستوى القيم بين المحلي والعالمي وبين المادي والروحي وبين الرمزي والواقعي، وبين الأصيل والدخيل، الخ. ومن منطلق أن القيم ليست منفصلة عن الواقع، وإنما هي ماثلة في الأذهان، ظاهرة في الأعيان تعكس حقائق تعبر عن التدافع القائم بين الواقع والخيال، على حدّ تعبير الدكتور عزي عبد الرحمن في طرح نظريته الحتمية القيمية في الإعلام. وبالقدر ذاته، فإن التأثير (impact) في المنظومة القيمية لا يحمل دائما الصبغة السلبية فالإعلام الجديد وبما يحمله من تأثيرات يمكن أن يكون وسيلة لتعزيز القيم وترقيتها في الممارسة وعلى مستوى البني الاجتماعية (Social structure)، وبالتالي الحفاظ وصون وحدة المجتمع من الصراعات والتفككات. وتظهر قوة القيمة (value) في التفاعل مع الآخر، إذ لا يكون هذا التواصل فاعلا إلا من خلال تبني هذا الإعلام الجديد للمنظومة الأخلاقية المتجددة والمسايرة لما يعتمل داخل رحم الثقافة العالمية، فتكون طبيعة الاستخدام (the nature of usage) هي الفيصل في هذا الأمر، وضمن هذا المنحنى فإنه لا يمكن إنكار الأبعاد التأثيرية للإعلام الجديد على القيم والمنظومة المجتمعية ككل، فما هي طبيعة تأثيرات الإعلام الجديد في المنظومة القيمية للمجتمع؟ وماهي مسلكية حدوثه؟ وما هي انعكاساته على الفرد والمجتمع؟ كلها أسئلة نحاول مقاربتها والإجابة عنها، حيث جاء هذا الملتقى الدولي الرابع تحت عنوان: الإعلام الجديد والمنظومة القيمية: التحديات والرهانات المستقبلية، كإستجابة معرفية ملحة للأسئلة القيمية والمجتمعية في ظلّ الثورة التكنولوجية التي نعيشها، وما تطرحه هذه الثورة من تحولات وتغييرات معتملة على مستوى مجتمعاتنا العربية والإسلامية، وقد سعى هذا الملتقى لمقاربة جدليات العلاقة بين الإعلام الجديد والمنظومة القيمية بالإتكاء على التراث الإبستيمولوجي لنظرية الحتمية القيمية وذلك وفق المحاور التي ارتأينا وضعها ومعالجتها منها “الإعلام الجديد… المفهوم والتطور”، «الإعلام الجديد في ظلّ مفهوم الواجب الأخلاقي”، “الإعلام الجديد بين التلقي والاستخدام القيمي”، “محتويات الإعلام الجديد بين القيمي وغير القيمي”،”الآثار الثقافية (القيمية والسلوكية) للإعلام الجديد على المستخدمين”،”الإعلام الجديد والزمن الاجتماعي” و«الإعلام الجديد والمخيال الإعلامي” .