رغم أن بداية موسم الاصطياف صادفت دخول الشهر الفضيل الا ان المواطنين توجهوا الى البحر للاستمتاع بمياهه المنعشة، وفي زيارة لشاطئ تامنفوست الشرقية وجدنا عائلات جالسة على رماله تنظر الى اطفالها الذين أبو الا ان يرمو بأنفسهم في مياه البحر ولممارسة رياضتهم المفضلة والسباحة.... اقتربت «الشعب» من بعض العائلات التي كانت متواجدة هناك لتسألها عن سبب تواجدها بهذا الشاطئ فكانت لنا هذه الآراء.... «أتذكر طفولتي في كل حبة رمل» يمينة بن واليو 54 سنة واجابت قائلة: «شاطئ تامنفوست او «لابيروز» كما نسميه اكثر من شاطئ بالنسبة لي فهو المكان الذي قضيت فيه سنوات طفولتي التي جعلها اجمل، فوالدي كان ياتي بنا واخوتي في كل مساء من فصل الصيف، هنا كنت العب مع اخوتي وابناء جيراني واصدقائي دون اي حسابات او خوف، كان الأمر بالنسبة اشبه بالحلم الذي اريده ان ينتهي، ولكن استفقت عندما كبرت وتزوجت وذهبت الى تامنراست في الجنوب الجزائري وهناك كنت كالسمكة التي اخرجت من مائها، فظروف زوجي حينها كانت تمنعني من تنقل الى العاصمة بصفة دورية، ولكن وبسبب وفاته عدت الى بيت اهلي مع اطفالي وهنا استطعت تجاوز الم الفراق وحزن المصاب الجلل». وأضافت يمينة قائلة: «كانت امواجه الهادئة الونيس الذي يخفف عني عناء التفكير في مستقبلي كأم ارملة، والحمدلله ان والدي لم يبخل عن ابنائي بشيء والغريب ان ابنائي ارتبطو بهذا الشاطئ مثلي تماما فصاروا يأتون اليه في كل مساء بعد ان يذهب المصطافين ولا يبقى فيها الا السكان المجاورين له، فللا يفصلنا عنه سوى اربع امتار فقط، لذلك بالنسبة لنا اكثر من مجرد شاطئ للسباحة والاصطياف». جمال داودي، 39 سنة، وجدناه رفقة زوجته في شاطئ تامنفوست الشرقية، صرح ل»الشعب» قائلا: «الهدوء وتواجد العائلات فيه هما السبب وراء اختياري له، فزوجتي الحامل في شهرها التاسع نصحها الطبيب بالمشي، لذلك احضرها في كل مساء الى هنا لتمشي بكل حرية على الشاطئ دون ان أكون مجبرا على مرافقتها وهي تسير، فأنا اجلس على رمال الشاطئ الذهبية مستمتعا بمنظر الشاطئ الذي يرسم خلفية جميلة للجزائر العاصمة التي تبدو وكأنها لوحة رسمت حديثا لها، الأمر الذي جعلني اتساءل عن سبب عدم فتح خط بحري من تامنفوست الى العاصمة فهي لا تبعد كثيرا من هنا واعتقد ان المسافة لا تتعدى ال 12 كم فقط، بل اكثر من ذلك اخبرني والدي ان المستعمر الفرنسي قبل خروجه من الجزائر كان من بين مشاريعه بناء جسر من هذا المكان الى العاصمة، فلو استطاع الجزائريون فعل ذلك سيكون الأمر رائعا وسببا في ادخال الكثير من المال الى الخزينة». واستطرد جمال قائلا: «ستكون قفزة نوعية ان استطاعو تحقيقي هذا المشروع على ارض الواقع خاصة وان تامنفوست تحتوي الكثير من المناطق السياحية إالى جانب هذا الشاطئ هناك شاطئ المرسى الغربيىة، وكذا المطاعم المتخصصة في اكل السمك والمثلجات، الى جانب ميناء تامنفوست، وكذا متحف تامنفوست الذي يطل على الشاطئ وهو برج عثماني كان مخصصا للمراقبة يحتوي في داخله غرف نوم، مطبخ وسجن، فالناظر اليه يجده شامخا يرفض الخضوع لتأثير القرون عليه، وفي الجهة المقابلة للمتحف ترى كنيسة مغلقة يعود تاريخها الى القرن التاسع عشر». أما زوجته زوليخة، التي عادت لتجلس بالقرب من زوجها فقالت: «في كثير من المرات آتي مع زوجي الى هنا للاستمتاع بمنظر البحر الجميل، لأخفف عن نفسي الخوف الذي يتملكني مع اقتراب موعد الولادة وهذا الشاطئ عائلي مئة بالمائة ربما لتواجده في منطقة سكاني، واغلب رواده من العائلات التي تقطن حوله، كما انه شاطئ آمن للأطفال لأنه موجود في خليج ما يجعله هادئ في اغلب الأوقات كما انه ليس عميق لذلك يفضله الأولياء عن كثير من الشواطئ المجاورة». الكرة الحديدية والصيد هوايتي المفضلة رضا بو قاسي، 30 سنة، عامل بإحدى المؤسسات العمومية، اخبرنا انه يأتي إلى هذه الشاطئ بصفة دورية كل نهاية أسبوع: «لا يختلف عندي هذا الشاطئ في فصل الصيف أو الشتاء فأنا غالبا ما اقضي نهاية الأسبوع هنا، فأنا من محبي الكرة الحديدية والملعب الموجود هنا «ملعب الكرة الحديدية تامنفوست» هو بمثابة المكان الأفضل لممارسة هذه الرياضة، ما يعطيني فرصة للالتقاء بمحبيها لتبادل الخبرات ولعب دورات ومسابقات». وأضاف رضا قائلا: «عند الانتهاء من اللعب انزل الى الشاطئ للاستمتاع لمياهه، ففي فصل الشتاء احضر الصنارة لامارس هواية اصطياد الاسماك، وفي الصيف امارس رياضة السباحة إلى ساعات متأخرة من الليل، لأنهي سهرتي برمي الصنارة في البحر علني اصطاد سمكة قبل عودتي إلى المنزل». فادي، سوري وجدناه رفقة أصدقائه يلعبون كرة القدم على شاطئ تامنفوست، اقتربت «الشعب» وسألته عن المكان فقال: «في كل مساء آتي مع اصدقائي للعب الكرة أو السباحة على هذا الشاطئ الجميل، فنحن سوريون استأجرنا منزلا في هذا الحي اين وجدنا الهدوء والراحة فبعضنا طالب وآخرون يعملون بمطعم للأكلات الشامية و....»، وواصل فادي حديثه قائلا: «أجد في هذا المكان بعضا مما تركت في وطني الجريح سوريا فأنا من اللاذقية، حيث يقبع المتوسط على شواطئها ليرسم لوحة في غاية الجمال، فرائحة البحر وصوت أمواجه يعيد إلى مخيلتي ذكريات جميلة لطفولتي التي عشتها بسلام وأمن واستقرار كامل، ولكن جاءت الحرب لتحولنا قذائفها إلى مشتتين في الأرض، فبعدما قتلت عائلتي لم أجد بدأ من الرحيل، وها أنا هنا بالجزائر التي استقبلتني بحب، ولم تبخل عليّ بعلم أو عمل». ختاما... هذه آراء بعض المصطافين الذين يفضلون شاطئ تامنفوست عشية حلول الشهر الفضيل، والأكيد شهر الصيام لن يمنعهم من الاستمتاع بهذا الجو، حيث سيكون للصائمين القبلة المفضلة للصائمين في السهرات الرمضانية.