مناداة المواثيق الدولية بحرية الإنسان وحمايته وضمان رفاهيته تعد ظاهرة الإجرام في حق الطفولة، أحد الاوجه الأساسية التي اهتم بها المشرع ودسترها في تشريعات خاصة من خلال قانون حماية الطفولة من العنف والاستغلال، وكذا التشريعات الجزائية أوالعقابية، وقانون الاسرة، حيث ربط المشرع فكرة حماية الطفل في شقين ألا وهما: «حماية الطفل من نفسه، وحمايته من غيره... فالدستور الجزائري المعدل بتاريخ 07 مارس 2016 قد اقر صراحة على حماية الأسرة التي تمثل في شكل حقوق الطفل وهذا حسب مادته 72 « حيث تحظى الاسرة بحماية المجتمع والدولة، من خلال تكفلها بحماية الاطفال العاجزين ومجهولي النسب، وقمع العنف ضد الاطفال... مايعني ذلك ان الدستور اقر صراحة على فكرة مواجهة ظاهرة العنف ضد الطفولة بشتى انواعها ودسترها في هذه المادة التي أقرت ذلك صراحة.... كما عزز المشرع هذه الفكرة بمواد قانونية التي تكفل حقوق الطفل، من ضمنها المادة 314 من قانون العقوبات في فقرتها الأولى: والتي حددت مختلف اوجه ظاهرة العنف ضد الطفل، سواء كانت الروحية أو الجسدية :»بأن كل من ترك طفلا أو عاجزا غير قادر على حماية نفسه بسبب حالته البدنية أو العقلية، أو عرضه للخطر في مكان خال من الناس أو حمل الغير على ذلك،يعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات..... فالعديد من الأطفال يتعرضون لأشكال مختلفة من العنف والاستغلال والإيذاء، بما في ذلك الاعتداء والاستغلال الجنسي والعنف المسلح والإتجار بالأطفال وعمالة الأطفال والعنف القائم على نوع الجنس، والترهيب، وكثيراً ما يحدث في صمت،والترهيب على الانترنت، وعنف العصابات، وختان الاناث وزواج الأطفال، والممارسات التأديبية المصحوبة بالعنف الجسدي أو العاطفي، وغير ذلك من الممارسات الضارة الأخرى... لهذا اقترنت التشريعات الجزائرية بظاهرة استغلال الأطفال على نحو المتاجرة،وتعريضهم للأخطار أخرى، فقد ضمنت المادة 314 من نفس القانون السالف الذكر، في الفقرة الثانية على مختلف اوجه العنف الإساءة الروحية والجسدية.. كترك الطفل عاجزا، غير قادر على حماية نفسه، أوتعريضه لخطر المرض سواء الجزئي او الكلي، وكذا بتر أعضاءه والمتاجرة بها. فالمشرع لم يكن في منأى أيضا عن حماية الطفل من نفسه، حيث اقر صراحة على ضرورة حماية الطفل من مختلف انواع الجرم والإجرام وعدم المخاطرة بمستقبل الطفولة لانتهاك الآداب وتحريضهم على الفسق والدعارة والتسول. وذلك في المواد342 إلى غاية المادة 349. من قانون العقوبات الجزائري. فجميع الأطفال لهم الحق في الحماية من العنف والاستغلال والإيذاء. إلا أن ملايين الأطفال في جميع أنحاء العالم من كافة الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية والفئات العمرية والأديان والثقافات يعانون يومياً من العنف والاستغلال والإيذاء. وهناك ملايين آخرين معرضون للمخاطر كالخطف، وهذا ما ورد في المواد من 322ألى المادة 325 من قانون العقوبات. في خطف القصر وعدم تسليمهم.. ويتعرض بعض الفتيات والفتيان لأخطار خاصة بسبب نوع الجنس أو العرف أو الأصل في الوضع الاجتماعي والاقتصادي. وغالباً ما ترتبط مستويات التعرض للمخاطر العالية بالأطفال ذوي الإعاقة والأيتام ومن جماعات السكان الأصليين والأقليات العرقية وغيرهم من الجماعات المهمشة، وهذا ما أقرته إتفاقية حماية الطفل لسنة 1989 صراحة على عدم تعريض الطفل لمختلف انواع العنف.وقد عرفته. المادة الثالثة من الاتفاقية على أنه : « أن جميع الأعمال والإجراءات المتعلقة بالطفل ينبغي أن تأخذ في الحسبان مصالحه الحيوية وعلى الدولة أن توفر للطفل الرعاية الملائمة في حالة قصور الوالدين أو من يتولون تلك المسؤولية في تقديم هذه الرعاية». * عوامل أساسية ربطها القانون لتفاقم هذه الظاهرة النكراء في حق البراءة: عوامل مرتبطة بالعيش والعمل في الشوارع، والعيش في مؤسسات الرعاية والاحتجاز والعيش في مجتمعات بها تركيزات عالية من عدم المساواة والبطالة والفقر. كما أن الكوارث الطبيعية والنزاعات المسلحة والنزوح قد تعرّض الأطفال لمخاطر إضافية. ومن القطاعات المثيرة للقلق أيضاً الأطفال اللاجئون والأطفال النازحون داخلياً والأطفال المهاجرون الغير مصحوبين. كما يرتبط التعرض للمخاطر أيضاً بالعمر؛ فالأطفال الأصغر سناً يكونون أكثر عرضة لأنواع معينة من العنف وتختلف المخاطر بتقدمهم في السن. وهذا راجع لعدم قدرتهم على مواجهة العنف الذي يتعرضون له.. وكثيراً ما يُمَارس العنف والاستغلال والإيذاء من قبل شخص معروف للطفل، بما في ذلك الآباء والأمهات وغيرهم من أفراد الأسرة والمربون والمعلمون وأرباب العمل وسلطات إنفاذ القانون والجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية والأطفال الآخرون. ونسبة صغيرة فقط من أعمال العنف والاستغلال والإيذاء يتم الإبلاغ عنها والتحقيق فيها، ويتعرض عدد قليل من الجناة للمساءلة. ويحدث العنف والاستغلال والإيذاء في البيوت والأسر والمدارس ونظم الرعاية والعدالة وأماكن العمل والمجتمعات المحلية في جميع السياقات، بما في ذلك نتيجة للصراعات والكوارث الطبيعية. وهذا ما ضمنته المادة 315 من قانون العقوبات. وهناك أدلة كثيرة على أن العنف والاستغلال والإيذاء يمكن أن تؤثر على صحة الأطفال الجسدية والنفسية على المدى القصير والطويل، مما يضعف قدرتهم على التعلم والاندماج في المجتمع، ويؤثر على انتقالهم إلى مرحلة البلوغ مع آثار سلبية لاحقاً في الحياة، فيصبح في منأى عن الجنس البشري. وبهذا الصدد نادت جميع المواثيق الدولية بحرية الإنسان وحمايته وضمان رفاهيته، مع التركيز على الأطفال جيل المستقبل، إلا أن ما يعانيه الأطفال الآن في بعض مناطق العالم بعيد كل البعد عن كل ذلك، فما زالت دول العالم الثالث تشهد قضايا انتهاك لحقوق الأطفال والإساءة إليهم بمختلف السبل. وبالنظر إلى الأوضاع في البلاد، فإن عمالة الأطفال تمثل مصدر قلق دائم للسلطات، باعتبارها الدافع الأساسي لمزيد من الاعتداءات والانتهاكات. وبالرغم من أن العمل ليس بالضرورة سيئاً للأطفال، إذ يستطيع الأطفال مساعدة ذويهم في متطلبات المنزل أو في مجال عمل الأسرة، إلا أنه بشرط أن يكون العمل خالياً من الأخطار ولا يؤثر على النشاط المدرسي وغيره من الأنشطة العادية للطفل، وهنا تدخل دور منظمات المجتمع المدني، في تعزيز فعالية القانون بالمجتمعات.... وهذا الاجراء النوعي يعد من انجع الإجراءات التي على الدولة ان تبادر في تنفيذها.... من خلال معاقبة الجاني او مقترف الجرم في حق الطفولة، وتوقيع جزاءات عقابية فورية ومشددة لكل شخص ارتكب جرما متعمدا الاساءة إلى كل معالم البراءة في الطفل، دون ما وجه حق...