هي فضاءات، أشياء، متحركات، حاولت أن أراها بعين مبدع لأنني قبل كل شيء أؤمن بأنها أثرت وستؤثر لا محالة على أي مبدع كان، لاسيما من أصحاب الكلمة، لأنها ترسل إلى هذا المتمعّن أو ذاك أنوارا تنير له الدّرب حتى يقول الكثير، ففيها الجمال وفيها الرّمز وفيها تلك الخصوصيات التي تساعد على تنمية الذوق الجمالي حتى لدى الإنسان العادي، وهي في الوقت نفسه تدفع الكاتب المبدع إلى التمرّس في إكتشاف الأسرار التي تعرفها الطبيعة وتعرفها طرق وأنماط الحياة المعيشية للإنسان وخاصة إذا تمعنها بعين مبدع حساس يملك بصيرة لا يملكها غيره فيؤثر هنا ويتأثر ويجسّد الجمال بطريقته الخاصة إذا عرفنا أن هناك في الحياة العامة سلبيات وايجابيات.. هكذا من خلال المدن والطيور والأسواق والحدائق والورود والبناءات والتحف والأثاث ومظاهر الاحتفال تظهر إبداعات أخرى لمبدع آخر يتأمل كل هذا ليقول الكثير... لقد كتبت عن ذلك الصندوق التحفة الذي ظل شاهدا على حفل العروس يوم زفافها وبقي كنزا بالنسبة لها وذكرى تعتزّ بها وكيف صنع وزيّن حتى أصبح عبارة عن لوحة إبداعية مهمة فتأثر به كل مبدع ولا بد له من أن يتناوله من حيث هو أداة تبين حرص الأهل منع البنت العروس هذا الرّمز المحاصب لها طول حياتها... وتناولت كذلك طرق وكيفية بناء وتزيين واجهات المنازل والتي تعتبر مقياسا معماريا وفنيا للكل، فمن خلال مشاهدة واجهة أية بناية وخاصة الفردية نكتشف ثقافة وذوق صاحبها، وهي بالتالي تؤثر في صورة البناء بشكل عام والحي كله كذلك. وذكرت كيف يتأثر الإنسان والمبدع خاصة. إن مظاهر الاحتفال عندنا في العديد من مناسبات الأعياد هي صور للفرح وإحياء العادات والتقاليد التي تكون في صالح الإنسان، من هذا كله لابد أن ندرك مدى عملنا على توفير الجو الحالم الذي يخدم الإنسان المواطن، ويساعد المبدع على العطاء، وهنا نأتي على طرح السؤال وهذا بعبارة بسيطة، هل عندنا سياحة ثقافية؟ لأن كل تلك الأشياء تدخل ضمن هذا النطاق والاهتمام، فتأتي مسؤولية الدولة والفرد في ذلك، وما يجب لفت النظر إليه أن كل واحد منا يستطيع أن يتأثر بالجمال وبكل ما يسعده ويعيده إلى ماض رأى فيها بعض تلك الأشياء بمختلف أنواعها، لكن تأثر المبدع أكثر، لأنه يعبّر عن هذا التأثر بطريقة أخرى، أشرت إليها في مقدمة هذا الموضوع، في دنيانا ينتشر الخير داخل الحيّز، فعلى الفضاءات تتحرك الطيور وتجرى احتفالات وتتزين بالتحف وهكذا هي كلمات ذكرتها، نحتها، فهل هناك من صدى؟