أكد أمس الاستاذ عمار بوحوش من جامعة الجزائر أن الدولة سخية علميا وماليا ليس فقط في مجال مجانية التعليم وإنما في الانفاق على كل ما له صلة بالعلم والبحث العلمي، وأرجع الوضعية الراهنة للباحث الجزائري إلى سوء التنظيم وإلى ميله للوصاية. وأوضح عمار بوحوش الذي نزل ضيفا على »الشعب« أن الغلط ليس في الدولة وإنما في الباحثين الذين لم يتخلصوا من عقلية انتظار إخطار الوصاية، معتبرا أنه حتى لو تم توفير الأموال اللازمة لتغطية نفقات البحث العلمي على نطاق واسع فلن تكون هناك أية نتيجة على حد قوله. وعن نسبة البحوث التي تستغل من طرف الإدارة أوضح عمار بوحوش أنه في غياب إحصائيات رسمية حول الاستفادة من هذه البحوث، فإن نتائج هذه الأخيرة ليست دائما مضمونة وصحيحة، مشيرا في نفس السياق إلى أن دولا مثل الاردن والسعودية يطرح مشكل التمويل فيهما بحدة لغياب تمويل كاف للبحوث، لكن في الجزائر مثل هذا المشكل غير مطروح، ومع هذا واذا لم تتغير التشريعات، فإن الجزائر ستكون مقبرة للبحث العلمي. وضعية البحث العلمي في الجزائر ليست على ما يرام ولا تعود الى مشكل التشريع فحسب أو الى مشكل الوصاية التي لم يتخلص منها الباحث، وانما إلى غياب التنسيق بين المؤسسات والمتخرجين أو المؤسسات تبقى بعيدة عن مجال البحث العلمي، هذا الاخير لايمكنه أن يتطور في ظل اختلال هذه العلاقة، وهو ما يفسر غياب التأثير المتبادل بين الطرفين. وحسب عمار بوحوش، فإن المؤسسات ليست فقط وزارة التعليم العالي، وإنما كل هيئة لها صلة مباشرة بمجال البحث العلمي، وهي جميعها بدون استثناء تبحث عن الخبرات المستوردة ولا تبحث عن الانتاج المحلي، دون أن تستفيد مما هو مستورد على النحو المنتظر. وقال المتدخل أن فرق بحث موجودة وبكثرة، لكن الباحثين لايحركون ساكنا للدفاع عن مهنتهم ملقيا كل اللوم عليهم، في ظل ما اعتبره بمشكل عدم وجود تكليف بإنجاز بحوث معينة من الجهات المسؤولة أو كما سماها بالمؤسسات التي كان يفترض أن تكلف فرق البحث لإنجاز دراسات وبحوث حول ملفات لها صلة مباشرة بعملها حسب المهام والتخصصات . يبدو أن الافكار التي طرحها السيد عمار بوحوش حول الباحث ومسؤولياته في وضعية البحث العلمي لم ترق لبعض الباحثين الحاضرين في ندوة أمس، إذ حاولوا الدفاع عن الباحث الجزائري بعد أن رمى بوحوش الكرة في مرماه، حيث أعتبروا أن السلطة السياسية هي من تتحمل وضعية البحث العلمي وهي المطلوب منها تثمينه في إطار بحثها عن الحلول للمشاكل المطروحة، ولا يمكن بأي حال تجاوز الباحث ضمن استراتيجية النهوض بالبلاد - حسب نفس المتدخلين - الذين ربطوا تدارك النقائص المسجلة في مجال البحث العلمي بالعودة الى الباحث لإيجاد الأجوبة اللازمة عن التساؤلات المطروحة في الميدان، فالمشكل إذن من وجهة نظرهم ليس في غياب الذكاء أو الباحث في الجزائر بل في غياب الاهتمام بهذا المفكر كقوة قادرة على تلبية الاحتياجات الملحة، وتحرك الجهات المسؤولة لا ينبغي أن يتم حال بروز أزمة معينة، إنما الاهتمام بالبحث العلمي ينبغي أن يترجم في إطار سياسة فعالة تأخذ بعين الاعتبار الأولويات الملحة.