دعا الباحث والدكتور الجزائري عمار بوحوش إلى ضرورة إعادة تقييم الوضع الخاص بالبحث العلمي في بلادنا الذي أصبح حسبه مقبرة لوأد أفكار وابتكارات الشباب الباحث في الوقت الذي فسح فيه المجال واسعا لاستيراد أفكار وبرامج قد تكون في نفس مستوى الإنتاج المحلي. وانتقد الدكتور عمار بوحوش خلال محاضرة ألقاها أمس "بمركز الشعب" للدراسات الإستراتيجية حول موضوع البحث العلمي في الجزائر، القوانين المعمول بها على مستوى الجامعات الجزائرية وكذا الإجراءات الإدارية التي تعرقل أداء الباحثين عوض ان تسهل عملهم، مشيرا إلى أن البحث العلمي ليس في أزمة فحسب بل ليس هناك من يشعر بأنه بحاجة إليه بعد أن أصبح التركيز على استيراد الحلول والبحوث الجاهزة والسريعة. ولا يمكن - يضيف المحاضر - الاعتماد على الحلول الغربية أو الترقيعات التي وصفها بالتعبير العامي "دوا عرب" لإصلاح مجتمعنا والنهوض به بل يجب التركيز على البحث العلمي والخبراء الذين يستطيعون إحداث التغيير النوعي، مؤكدا أنهم وحدهم أبناء الوطن والباحثين يمكنهم فهم مجتمعهم وإيجاد الحلول اللازمة لمشاكله لأن لكل مجتمع خصوصياته وميزاته التي لا تنطبق عليها خطط وبرامج المجتمعات الأخرى. وأعاب محدثنا على القائمين على البحث العلمي ما أسماه ب تبنيهم "لسياسات التقطير" في تمويل البحوث العلمية والباحثين بدعوى التقشف، واصفا هذا الإجراء بالبخل، مشيرا الى انه يمنع على الباحثين التمويل المادي ذاته الذي يصرف على استيراد البحوث الجاهزة، ضاربا المثل بما يطبق بالدول الأوروبية وبالتحديد بفرنسا التي شرعت جامعاتها ال85 ومنذ بداية السنة الجارية في العمل بطريقة الاستقلالية المالية في تسيير شؤونها وابتداء من 2012 ستتمتع كامل الجامعات الفرنسية بالاستقلالية التامة في التسيير المالي وستكتفي الدولة بتقديم مساعدات رمزية لكل جامعة في شكل حوافز للباحثين. كما استشهد السيد بوحوش بالتجربة الأمريكية التي وصفها بالفريدة من نوعها، حيث أن جل الجامعات حولت إلى مراكز أفكار وبحث من قبل وزارة الدفاع التي تعتمد في كل مشاريعها على ما تجود به أفكار الجامعيين وبحوثهم حتى أصبحت تستثمر أكثر في جامعاتها بحيث تمول أي بحث تريد إنجازه، وحذر المتحدث من مغبة جلب الأدمغة والباحثين الجزائريين والإطارات المهاجرة إلى الوطن والاحتفاظ بهم كديكور في مكاتب فخمة مغلقة دون الانتفاع بهم واصفا هذا الإجراء بالخطر الكبير على بلادنا. ودعا الدكتور بوحوش في ختام محاضرته إلى تغيير أسلوب العمل الحالي الذي وصفه بالبيروقراطي والهادف إلى تقديس القانون عوض العمل به كما حمل الباحثين جزءا من مسؤولية تردي وضع البحث العلمي ببلادنا لأنهم يقبلون بالوصاية في تسيير بحوثهم وأعمالهم مضيفا ان الدولة لديها سخاء علمي مالي غير ان المشكل في سوء التنظيم وفهم القوانين. للإشارة تم تكريم الدكتور عمار بوحوش من قبل "مركز الشعب للدراسات الإستراتيجية" وذلك بحضور عدد من الوجوه السياسية والفكرية المعروفة.