أكد أمس الدكتور عمار بوحوش أن الوضعية التي يعيشها البحث العلمي في الجزائر تعود في الأساس إلى التشريعات والإجراءات الإدارية المنظمة لهذا المجال ، والتي لا تمنح مراكز البحث والجامعات الاستقلالية المالية . ويرى بوحوش الذي قدم محاضرة حول '' البحث العلمي في الجزائر '' بمركز الشعب للدراسات الإستراتيجية '' أن التشريع المنظم لعملية البحث في الجزائر تجعل من الالتزام بالقوانين والإجراءات الهدف لمراكز البحث ، في حين أن الأساس هو أن يكون الإنتاج الفكري وإجراء البحوث هو الغاية التي تصبو إلى تحقيقها هذه المؤسسان ، إلا أن التشريعات الحالية المطبقة في الجزائر لا تمكن من تحقيق هاته الغاية، كونها لا تمنح الاستقلالية المالية لمؤسسات البحث العلمي، بل تجعلها دوما مرتبطة بالوصاية ، مطالبا في هذا الشأن بمنح دعم لهذه المراكز يمكنها من الحصول على تنصلها من الوصاية ،كما هو الشأن في جميع الدول المتقدمة ، مشيرا في هذا الإطار أن فرنسا قد بدأت هذا العام في منح الاستقلالية لجامعاتها مع إعطائها دعم سنوي لكي تبقى هذه الجامعات حكومية . وبيّن الدكتور ذاته أن قلة الحرص والمتابعة من قبل المسؤولين لعملية البحث قد زاد من تهميش هذا القطاع في الجزائر، ويضاف إليها سوء التنظيم والتسيير في هذه المراكز وقلة المؤطرين الأكفاء ،وقلة العناية بنشر المعرفة كلها أسباب قد ساهمت في الانحطاط العلمي ببلادنا. ويرى صاحب الأربعين سنة في مجال البحث العلمي أن الخروج من الوضع الراهن يكون بالاقتداء بمراكز البحث العالمية ،من خلا ل تحيين التشريعات المنظمة لها ، ومنحها الاستقلال المالي ورفع غطاء الوصاية عنها ، مشددا في هذا الإطار على التأكيد أن هذه الحلول بمقدورها تحريك عجلة البحث العلمي في الجزائر لان الدولة تنفق في هذا المجال بسخاء إلا أن سوء التسيير و تحبيذ بعض الباحثين لاستمرار الوصاية هو من جعل الجزائر بلدا مستهلكا للبحث العلمي وليس منتجا له . تجدر الإشارة إلى أن الدكتور عمار بوحوش هو أول أستاذ جزائري درس بكلية العلوم السياسية والإعلام باللغة العربية، وهو أول جزائري متحصل على دكتوراه دولة من جامعة أمريكية ، نشر له 12 كتابا في العلوم السياسية ،وكذا 87 بحثا آخر نشرت بمجلات ،وصدرت بعدها في كتب ،كما عمل بوحوش كممرض في صفوف جيش التحرير خلال الثورة التحريرية ،وكان ضمن طاقم رئاسة الجمهورية في عهد الرئيس الراحل هواري بومدين.