بالرغم من تبني الجزائر سياسة إعادة الإعتبار لقطاع الصحة التي جسدتها منذ عدة سنوات، إلا أن تحدي ترقية الخدمات الصحية مازال هاجس الساهرين على تفعيل آداء القطاع بهدف الوصول إلى خدمات في مستوى مقبول كمرحلة أولى، ثم محاولة القفز لتحقيق خدمات نموذجية، من شأنها إعادة تكريس الثقة بين المريض ومؤسساته الاستشفائية. تعكس مؤشرات الصحة في بلادنا التقدم المحسوس المسجل، ويؤكد الإرادة القائمة على صعيد عدة مستويات، على إعتبار أن الأرقام جد مشجعة، يتصدرها الارتفاع المعتبر في تعزيز القطاع بالتشكيلة الطبية، حيث عرف السلك الطبي نموا ناهز نسبة 70 ٪ خلال عشرية واحدة في الهياكل العمومية، بينما قفز عدد الأطباء الممارسين من 21000 من بينهم 4000 أخصائيون في سنة 1999 إلى 35000 طبيب من بينهم 13000 أخصائي خلال السنة الفارطة، إلى جانب تكثيف نظام المناوبة الذي من شأنه تغطية النقص والعجز الذي يحدث في عملية التغطية والتكفل بالمرضى.ويرتقب أن يشكل النظام التعاقدي للعلاج بعد استكمال عملية تجسيده ودخوله حيز التنفيذ خلال نهاية السنة المقبلة... لكن يتضح من خلال استقراء وتقصي واقع المؤسسات الاستشفائية العمومية الوقوف على حجم النقائص الكبيرة التي مازالت تضعف من مردود القطاع الصحي يستثنى منها زرع الأنسجة وعلاج الأمراض المستعصية والعمليات الجراحية الناجحة التي تجريها فرق الأطباء على مستوى عدة حالات.لكن يبقى استقبال حالات المرضى وتحديد المواعيد وصعوبة افتكاك تأشيرة الفحص لدى الأخصائي واستمرار الخدمات في مصلحة طب الأمومة دون المستوى، من شأنه أن يدفع القائمين على القطاع في التفكير الجدي لخلق آلية رقابة حسبما يراه الكثير من المتتبعين والمهتمين على مستوى جميع المصالح الاستشفائية التي مازالت تشوب معاملتها للمرضى شأفة البيروقراطية وتترسخ فيها المحسوبية والوساطة، وكم من حالة متدهورة تستدعي التعجيل بالتكفل، غير أنها تتفاجأ بأبواب موصدة.وإن كانت خدمات العيادات الخاصة لا تروق للكثير من الجزائريين، حيث يفضلون عنها المستشفيات العمومية كونها لا تكلفهم نفقات هم في غنى عنها، وإلى جانب أن الكثير من المرضى يدركون أن الأجهزة التي تحوز عليها المستشفيات العمومية والأطباء من الكفاءات أهم بكثير مما تعرضه المستشفيات الخاصة من علاج.ويمثل التسيير الجيد والعصري للمؤسسات الاستشفائية بعد إسناده للكفاءات، احدى العوامل الجوهرية التي من شأنها أن تعيد الإعتبار للخدمات الإستشفائية، أما بخصوص سياسة الإصلاح الجذري للقطاع الصحي والتي تسري بوتيرة نوعا ما شبه بطيئة، ينتظر أن تسجل تقدما معتبرا بعد الانتهاء من تجسيد النظام التعاقدي للعلاج... فهل سينجح إرساء النظام التعاقدي في تفعيل خدمات المؤسسات الإستشفائية؟