أطلقت وزارة الاتصال، منذ أزيد من سنتين، برنامجا واسعا لترقية أخلاقيات المهنة والممارسة المهنية للصحافيين الجزائريين، عبر تنظيم ندوات تكوينية مستمرة، لاقت استحسانا واسعا، خاصة وأنها سمحت بالتعرف على تجارب البلدان الأجنبية وتبادل الخبرات. نظمت وزارة الاتصال، منذ جوان 2014، عدة ندوات تكوينية لفائدة الصحافيين، على مستوى المدرسة الوطنية العليا للصحافة وعلوم الإعلام، عرفت مشاركة متنوعة لكفاءات أكاديمية وعلمية، وطنية وأجنبية. البرنامج، الذي جرى تنفيذه شهريا وأشرف عليه وزير الاتصال حميد ڤرين، حمل رسالة مفادها، وجود رغبة قوية للحكومة في الرقي بالممارسة الإعلامية لمصاف معايير الاحترافية والمهنية، مثلما هو الحال في جميع الدول المتقدمة تنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة التي أقر 22 أكتوبر يوما وطنيا للصحافة. ركز ڤرين في كافة مداخلاته على أخلاقيات المهنة، باعتبارها فاعلا حيويا في تكريس إعلام نزيه يرقى إلى تطلعات المواطن ويخدم المصالح العامة. مثلما شدد في مختلف المناسبات على توخي الدقة في نقل المعلومة من مصدرها، معتبرا “الموضوعية في قطاع الصحافة أمرا نسبيا، غير أن المطلوب هو الدقة والتمحيص في الخبر قبل بثه لجمهور المتلقين”. وأكد الوزير، أن الناشر الحقيقي هو ذلك “الذي، بالرغم من كافة الحريات التي يضمنها له الحق والقانون، يتحلى بمزايا أخلاقيات المهنة بعيدا عن كل قذف أو شتم أو افتراء أو تشهير”. ولفت وزير الاتصال، إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي فضاءات هامة في الحياة اليومية، لكنها لا ترقى إلى الاعتماد عليها كمصدر للمعلومة بالنسبة للصحافيين، لذلك دعا إلى توخي الدقة في نشر الأخبار وبثها. واعتبر ڤرين، أن صفة الصحافي ترتبط بممارسي المهنة داخل مؤسساتهم الإعلامية وعلى صفحاتهم بمواقع التواصل الاجتماعي، وأكد أن الالتزام بأخلاقيات المهنة يمتد إلى فضاءات الفايسبوك وتويتر في النشر وإبداء المواقف. ومن أبرز المزايا التي برزت خلال الدورات التكوينية، العمل على تسويق صورة الجزائر بالخارج، مثلما ورد في محاضرة للخبير الجزائري في علوم الإعلام والاتصال البروفيسور عبد الرحمان عزي، الذي دعا إلى استعمال الذكاء الإعلامي لتأدية هذه المهمة والدفاع عن القضايا الوطنية وذات العلاقة الوطيدة بالمصالح العليا للبلاد. وللاطلاع على صدى هذه الدورات التكوينية التي استفاد منها عشرات الصحافيين وحتى طلبة الإعلام، رصدت “الشعب”، انطباعات وآراء عديد الإعلاميين الذين حضروا أكثر من لقاء تكويني وخلصوا إلى جملة من النتائج. - إسمهان مومني: مبادرة مهمة إسمهان مومني الصحافية بالتلفزيون الجزائري، اعتبرت في تصريحها ل “الشعب”، أن الدورات التكوينية التي أطلقتها وزارة الاتصال لصالح الصحافيين مبادرة مهمة وتستحق كل التشجيع. وقالت في تصريح ل “الشعب”، إن “التكوين يبقى مهما لعموم الصحافيين للاقتراب أكثر من معايير المهنية وبلوغ الاحترافية المنشودة في هذه المهنة النبيلة”. وأوضحت أن أهمية الدورات التكوينية، تجلت في الموضوعات المعالجة من جهة، وجعلها مفتوحة أمام جميع الصحافيين من مختلف ولايات الوطن، من جهة أخرى. وأكدت إسمهان، أن التركيز على مسألة أخلاقيات المهنة في معظم الدورات، اختيار صائب، بالنظر لتراجع العامل الأخلاقي في الممارسة الإعلامية بشكل مستمر، “بسبب الدخلاء على المهنة وغياب الضمير المهني وسيادة المصالح المادية والشخصية على حساب المهنية والمصداقية والسطو على حق المواطن في المعلومة الصحيحة والموثوقة”. - محمود جديدي: التكوين محور مفصلي محمود جديدي، الصحافي بالقناة الإذاعية الأولى، قال إن الدورات التكوينية مهمة ومفصلية في المسار المهني للصحفي واعتبر أنها تسمح “بتحيين المعلومات والتعرف على المستجدات وأيضا التذكير بالقوانين التي تؤطر مهنتنا، لذلك يتوجب علينا، كإعلاميين، المشاركة في التربصات والندوات والدورات التكوينية”. وأوضح جديدي، في تصريح ل “الشعب”، أن ما يلاحظ على بعض الدورات التكوينية التي يؤطرها إعلاميون أجانب، يحضرون في إطار اتفاقية، لا يقدمون المنتظر منهم، وذلك “لأنهم يتحدثون فقط عن تجاربهم الإعلامية واعتلاء سلم النجاح ونلاحظ الفارق في أسئلة الصحافيين التي لا تلقى الجواب المنتظر”. وأكد المتحدث، أن الصحافي الجزائري يحمل حقائب الخبرة المهنية حتى في بداية ممارسته الإعلامية، مشيرا إلى أن ذلك ناجم عن احتكاكه بالميدان وسهولة الوصول إلى المعلومة، بفضل شبكة التواصل، سواء مع المسؤولين أو الصحافيين. - عبد الحكيم أسابع: الاحترافية تفرض تكوينا مستمرا عبد الحكيم أسابع، الصحافي بجريدة النصر، قال إن تكوين الصحافيين من أهم حقوقهم الأساسية، باعتبار أن التدريب والتكوين يمكّنان من تحقيق الكفاءة في أداء العمل الصحفي ويزيدان الصحافي إحساسا باستقلاليته. وأوضح، أن “الإعلام صناعة قائمة بذاتها، تحتاج إلى التدريب والتكوين المستمر الذي يؤدي في النهاية إلى الرقي بمهنة الصحافة وزيادة الكفاءة المهنية”. ورأى أسابع في تصريح ل “الشعب”، أن تكوين الصحافيين لا يجب أن يقتصر على دور الجامعات والمعاهد في تلقينهم المادة العلمية التي توضع بين أيديهم على امتداد سنوات الدراسة، وإنما يجب أن يشمل دورات تدريبية متواصلة، ليتمكن الصحافي من تقوية قدراته وتقديم مادته بموضوعية ومهنية، ما يضعه في خانة الملم والجدير بحمل صفة ‘'صحافي''. وأضاف، أهمية الدورات التدريبية المتخصصة التي بادرت بتنظيمها وزارة الاتصال، تبرز في كونها تسمح للصحافيين، خصوصا المبتدئين منهم، بالاطلاع على تجارب محترفين يملكون خبرة طويلة في هذا المجال ويستطيعون توجيههم لامتلاك تقنيات العمل الصحافي في مجالات محددة، كي يوسعوا آفاق معرفتهم من جهة ويلمّوا بالخطوات الأساسية الشاملة الواجب اتباعها في مسارهم المهني. وأكد أن الإعلام القوي والصحافيين المدربين تدريباً جيداً والمتحلين بالمسئولية، من المكونات الهامة للمجتمع الحديث، كون التكوين واحترام أخلاقيات المهنة يشكلان قاعدة المهنية، وبالتالي قدرة المؤسسة الإعلامية على تقديم خدمة إعلامية عمومية أفضل وأكثر تميزا لجمهورها وهي العلاقة التأثيرية التي اهتمت لها كبريات الصحف ووسائل الإعلام الحديثة. - سليمة طواهرية: الدورات لاكتساب خبرات سليمة طواهرية، الصحافية بيومية المجاهد، وصفت الدورات التكوينية “بالمفيدة للغاية”، لكونها تناولت مواضيع متعددة مهمة تساهم في إثراء المعلومات الشخصية للصحافيين والمحترفين والمبتدئين ومكنتهم من الاطلاع على تجارب بعض البلدان المتطورة في ميدان الصحافة. واعتبرت في تصريح ل “الشعب”، أن “الدورات مبادرة طيبة من الوزارة الوصية التي أتمنى أن تتواصل في المستقبل”. وأضافت، “شخصيا شاركت في عدة دورات تناولت مواضيع مختلفة حول أخلاقيات المهنة والسرقة العلمية وحول استعمال في العمل الصحفي لوسائل الإعلام والاتصال في تأدية مهامه”. - عبد الوهاب بوكروح: برنامج تكويني في محله عبد الوهاب بوكروح، مدير الموقع الإلكتروني الإخباري “الجزائر اليوم”، ذكر أن الجهد الذي يبدل من قبل وزارة الاتصال “يبقى محمودا وجاء في محله وبخاصة في ظل ظرف خاص جدا يميز الصحافة الجزائرية على أكثر من صعيد”. وأوضح في تصريح ل “الشعب”، أن ظهور القنوات التلفزيونية الخاصة الأجنبية التي تتطلب تكوينا وتدريبا، يجعل من هذه القنوات إضافة لصالح الجزائر وتمكنها من إيصال صورتها إلى الخارج، فضلا عن الدفاع عن مواقفها في المجالات الجيواستراتيجية والسياسية والاقتصادية، إلى جانب الرقي بأخلاقيات المهنة. وأفاد بأن بروز أنواع جديدة غير تقليدية من الإعلام، على غرار الوسائط الرقمية، مكن الصحافيين خلال هذه الدورات من الاطلاع على تجارب بعض الدول السباقة إلى هذا الميدان. مضيفا، أن الوزارة مكنت الإعلاميين من الاحتكاك والتعرف على الدور الذي يمكن أن تضيفه هذه الوسائط وتحضير الجميع للتحول التدريجي.