أعلنت غامبيا انسحابها من المحكمة الجنائية الدولية واتهمتها بتجاهل “جرائم حرب” ترتكبها دول غربية وبالسعي فقط لمقاضاة الأفارقة، لتصبح بذلك ثالث دولة أفريقية تقرر الإنسحاب من هذه المحكمة خلال شهر بعد بورندي وجنوب أفريقيا بينما تبحث كينيا اتخاذ موقف مشابه. أعلن وزير الإعلام الغامبي شريف بوجانغ أن هذا الإجراء “نابع من حقيقة أن المحكمة الجنائية الدولية هي في الواقع محكمة دولية لملاحقة وإذلال الملونين، وبخاصة الأفارقة رغم أنها تسمى: المحكمة الجنائية الدولية”. وجاء في بيان غامبيا -التي يشكل مواطنوها نسبة عالية من المهاجرين الأفارقة المتدفقين على أوروبا- أنها سعت لمثول الاتحاد الأوروبي أمام المحكمة الدولية بسبب موت مهاجرين في مياه البحر المتوسط، لكنها لم تتلق ردا. وقال البيان “هناك ما لا يقل عن ثلاثين بلدا غربيا ارتكب جرائم حرب سافرة ضد دول مستقلة ذات سيادة ومواطنيها منذ إنشاء المحكمة الجنائية الدولية، ولم يوجه اتهام لمجرم حرب غربي واحد”. وسبق لرئيس غامبيا يحيى جامع أن دعا المحكمة إلى التحقيق في موت مهاجرين أفارقة في البحر المتوسط، علما بأن رئيسة هيئة الإدعاء في المحكمة الجنائية الدولية حاليا هي فاتو بنسودا، وهي من غامبيا، وعملت مستشارة لجامع في سنوات حكمه الأولى بعد أن تولى السلطة إثر إنقلاب في عام 1994، وتولت بعد ذلك منصب وزيرة العدل. وهذه ليست المرة الأولى التي يسحب فيها جامع بلاده من مؤسسة دولية، ففي 2013 انسحبت غامبيا من رابطة الكومنولث التي تضم 54 عضوا منهم بريطانيا ومعظم مستعمراتها السابقة، واصفة إياها بأنها “مؤسسة للاستعمار الجديد”. ولم يتسن الاتصال على الفور بمسؤولين في المحكمة الدولية للتعليق، لكن مجيء هذه الخطوة عقب انسحاب بورونديوجنوب أفريقيا يزيد من الضغوط على أول محكمة دائمة في العالم للتحقيق في جرائم الحرب.
استهداف إفريقيا على نحو جائر وتواجه المحكمة الجنائية الدولية التي تأسست عام 2002 اتهامات بتنفيذ أجندة للاستعمار الجديد في أفريقيا، حيث تركزت جميع تحقيقاتها العشرة في هذه القارة باستثناء تحقيق واحد، كما أنها تعاني من نقص تعاون بعض الدول ومن بينها الولاياتالمتحدة التي وقعت على ميثاق تأسيس المحكمة إلا أنها لم تصادق عليه. وبينما يبحث برلمان كينيا اتخاذ قرار بالانسحاب، تصاعدت المخاوف الدولية من انتقال عدوى الانسحاب من المحكمة الجنائية الدولية إلى دول أخرى، خصوصا في القارة السمراء. ودعا وزير العدل السنغالي صديقي كابا -الذي يرأس جمعية الدول المشاركة في معاهدة إنشاء المحكمة الجنائية الدولية- إلى التوصل لتسوية مع الدول الأفريقية المعترضة. وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قد أعرب عن أسفه لقرار جنوب أفريقيا بالانسحاب، وحثها على “إعادة النظر في قرارها قبل أن يدخل انسحابها حيز التنفيذ”، معتبرا أن المحكمة الجنائية الدولية “عنصر أساسي في الجهود العالمية الرامية إلى إنهاء الإفلات من العقاب ومنع النزاعات”. يذكر أن المحكمة الجنائية الدولية تضم 124 عضو، وهي أول هيئة قانونية ذات اختصاص قضائي عالمي دائم للمقاضاة في جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، لكنها لم تصدر سوى خمسة أحكام على أساس معايير موضوعية خلال 14 عاما كلها ضد أفارقة، مما جعلها عرضة لانتقادات بأنها تستهدف إفريقيا على نحو جائر.