حالة من التأثر البالغ عاشها الزملاء والأقربون بمقبرة سيدي يحيى بأعالي بئر مراد رايس يوم الخميس في توديع واحد من أعمدة الصحافة الجزائرية «بشير حمادي» الذي ووري جثمانه في أجواء كئيبة عاشت «الشعب» أدق تفاصيلها. أظهرت هذه الأجواء مكانة الفقيد بشير في قلوب الإعلاميين وغير الإعلاميين لما تميز به من خصال وميزة كانت محل حديث جميع من شارك في تأدية واجب العزاء بمنزل الراحل بحي قاريدي القديم بجوار العناصر وكذا المشاركة في الموكب الجنائزي المهيب الذي جرى بعد صلاة العصر زادته ثقلا وبطئا حركة مرور مكتظة عن آخرها على الطريق المؤدي إلى المقبرة. أظهرت الأجواء قيمة القامة الإعلامية القادمة من سلك التعليم ملتحقة بمهنة الصحافة والاندماج مع أسرة جريدة «الشعب» أثناء إدارة عبد القادر بن صالح رئيس مجلس الأمة حاليا، مديرية الجريدة، وبينت كيف نجح طالب العلوم السياسية آنذاك في شق طريقه إلى العلى في مهنة المتاعب جاعلا منها فضاء للفكر المبدع والكلمة الصادقة التي تعلو ولا يعلى عليها. أظهرالموكب الجنائزي المهيب الذي حضره وزراء، إطارات سامون للدولة والرفقاء والأصدقاء لتوديع أحد عمالقة الصحافة الجزائرية ونماذجها المتميزة في التسامح والجدال بالتي هي أحسن بعيدا عن التطرف والغلو وإقصاء الآخر ما يتمتع به الفقيد حمادي من محبة وتقدير. كيف لا وقد جمع الراحل الذي تأثر لفقدانه القريب والبعيد مختلف الإعلاميين رغم تباينهم الأيديولوجي والعقائدي واللغوي في حياته أثناء الحوارات الساخنة بالجامعة والسجالات الفكرية على واجهة العناوين الصحفية حول أمهات القضايا. وجمعهم في مماته حيث شارك في توديعه إلى مثواه الأخير من حملوا أفكارا متناقضة ورؤى متباينة حول اتجاهات الإعلام والبناء الوطني واختلفوا في مقارباتهم حول الأسباب والآليات والأولويات. وكانت كلمة عبد الرحمان نذير زميله في الدراسة التأبينية أكبر تعبير وأصدق شهادة حية عن بشير حمادي الذي غاب عنا على حين غفلة لكنه سيبقى حيا في قلوب من عرفوه عن قرب وتقاسموا معه مسيرة عمر بحلاوتها ومرارتها ومن تمتعوا بكتابات الفقيد الصحفية الجريئة التي تكشف جوانب منيرة من الإعلام الجزائري الأحادي والتعددي إلى أبعد الحدود.