تعرف، الجزائر، ارتفاعا مقلقا لواردات الأدوية حيث قاربت السنة المنصرمة، الملياري دولار، ما يعكس ارتفاع عدد المرضى في بلادنا، وهو ما جعل نصف الشعب الجزائري يعاني من الأمراض، وخاصة الأمراض المزمنة، فالإحصائيات الرسمية تفيد بوجود 35 بالمئة من مجموع الشعب الجزائري مصابون بأمراض الضغط الدموي، وهو الداء الناتج عن القلق والاضطرابات النفسية، كما سجلت إحصائيات مرضى السكري نموا خطيرا حيث بلغ الرقم عتبة 4 ملايين مصاب، منهم أكثر من مليون يستعملون الأنسولين، ناهيك عن 25 ألف حالة سرطان سنويا، وهذا دون الحديث عن القصور الكلوي وأمراض الهضم والربو، وعليه فالوضع جد خطير واتخاذ الإجراءات اللازمة لتسطير سياسة وقائية تعتمد على الوقاية. عبر، رئيس الجمهورية في جلسة الاستماع التي خصصها لقطاع الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، عن عدم رضاه عن القطاع وهذا من خلال الملاحظات والتوجيهات الكثيرة التي قدمها للوزير سعيد بركات وتأتي انشغالات رئيس الجمهورية من خلال المشاكل الكبيرة التي تناقلتها مختلف وسائل الاعلام ومختلف التقارير الواردة من الولايات، خاصة الداخلية والصحراوية، والتي تشير إلى وجود نقائص كثيرة جدا تستدعي تدخلا عاجلا. وتعكس انتقادات الرئيس للقطاع عدم الوصول إلى الأهداف المسطرة في ظل التحويلات الضخمة التي قامت بها الدولة في السنوات الأخيرة دون أن تنعكس على تحسن الخدمات الصحية، فالمواطن مازال يعاني الويلات عند الذهاب إلى المستشفيات والمراكز الصحية، فأجهزة الأشعة معطلة ومراكز التحاليل لا تعمل، وهي الوضعيات التي سئم منها المواطن وتضطره للذهاب إلى مراكز التحاليل وأجهزة الأشعة التابعة للخواص الذين يفرضون أسعارا أرهقت كثيرا كاهله ودون أن تتحسن أمور المستشفيات التي تتدعم سنويا بتجهيزات تكلف خزينة الدولة ملايير الدينارات. وفي سياق متصل، انتشرت في القطاع الصحي شبكات تشبه المافيا حيث توجه المريض في أغلب الأحيان إلى العيادات الخاصة التي غالبا ما ينشط فيها أطباء يعملون بالمستشفيات، وعليه، فقطاع الصحة بات مجالا للبزنسة وتخلى كثيرا عن عمله الإنساني، وعليه، فأهمية إصدار قانون ينظم المهنة في القطاع الخاص أكثر من ضروري وخاصة تسقيف أسعار الفحص والأشعة والتحاليل التي تختلف أسعارها من منطقة لأخرى، وهو ما يعكس الفوضى الكبيرة التي يعيشها قطاع الصحة. وبالمقابل، يبقى تحيين التشريعات والاعتناء بالموارد البشرية في القطاع الصحي أكبر عامل للنهوض بالقطاع لأن تمويل المستشفيات بتجهيزات تفوق ملايير الدولارات وموظفين لا يتقاضون أكثر من 20 ألف دينار لن يفيد في شيء. ويبقى خلق توازن جهوي صحي أحسن حل لوضع حد للضغط الذي تعاني منه مستشفيات الشمال، فالعاصمة مثلا مازالت تتحمل العبء الأكبر، وكل المواطنين يقصدون العاصمة للتداوي، ما يشكل مشاكل كبيرة. ويتخوف العديد من الخبراء والأخصائيين من ارتفاع عدد المصابين بالأمراض المزمنة مستقبلا ما سيجعل المجتمع الجزائري مهددا بالانقراض لأن الآفات انتشرت بكثرة وسيضاف إلى هؤلاء المرضى الذين تحدثنا عنهم ضحايا التدخين والمخدرات، وإذا لم نتحرك لإنقاذ المجتمع من الأمراض، نتساءل عن حال مجتمعنا بعد 10 أو 20 سنة.