تعرف الجزائر في الآونة الأخيرة، انتشارا كبيرا للأمراض المزمنة خاصة الخطيرة منها والتي تحولت إلى شبح يهدد المرضى، حيث يبقى الآلاف منهم ينتظرون الموت البطيء في ظل غياب فرص تكفل حقيقية. فالأرقام المخيفة والإحصائيات الرهيبة توضح مدى خطورة الوضع الذي آلت إليه حياة المواطنين الجزائريين فرغم الانجازات الضخمة في عدد الهياكل الصحية وكذا الميزانية الكبيرة المخصصة سنويا للقطاع إلا أن حقيقة الوضع يعكس تماما ما يعانيه الجزائريين لاسيما في النقاط البعيدة من وطننا الكبير. فقر الدم، السكري، السرطان، القصور الكلوي، كلها أمراض مزمنة تفتك سنويا بآلاف المواطنين نتيجة صعوبة ضروف الحياة وغياب الرعاية الصحية الكافية، حيث تشير الأرقام إلى وجود 3 ملايين شخص يصارعون السكري، هذا المرض المزمن الأكثر انتشارا في الجزائر تعاني منه شريحة كبيرة من السكان في مختلف الأعمار منهم 25 بالمئة شباب، وإن كانت هناك بعض الإجراءات المطبقة للتقليل من متاعب هذا الداء، إلا أن التكفل بمضاعفاته لازال يؤرق المصابين. أما فيما يتعلق بالأمراض الأخرى الناتجة عنه كالقصور الكلوي، ضعف البصر وغيرها من الأمراض، فحتى الصغار لم يسلموا من هذا المرض، والأخطر من ذلك أن فئة كبيرة من المصابين غير مؤمّنين لاسيما الشباب منهم، حيث 6 إلى 8 من هؤلاء المصابين يتعرضون سنويا إلى بثر أرجلهم مما يزيد في معاناتهم أكثر، وهذا يتطلب عناية خاصة بهم، كما أن 700 ألف طفل ومراهق مهددون بالإصابة بالعمى والإعاقة جراء إصابتهم بمضاعفات المرض في ظل غياب تلك التأمينات التي يفتقد إليها 1,4 مليون مريض، وهو ما يجعلهم يجدون صعوبة في الاستفادة من الأدوية الباهضة الثمن، الأمر الذي جعل الجمعيات المختصة في هذا المجال تدق ناقوس الخطر لتدارك الوضع. إلتهاب الكبد الفيروسي يقضي على آخر الآمال مرض التهاب الكبد الفيروسي، هو الآخر تحول إلى شبح يهدد مليون ونصف مريض، مما أاصبح ينذر بكارثة صحية حقيقية، ورغم مساعي الوزارة المعنية في مكافحة هذا الدّاء من خلال الإعلان عن برنامج وطني خاص يهدف إلى الحد من انتشاره بعدما غطى على 6 ولايات بأكملها، حيث تشير آخر الأرقام إلى وجود 1,5 مليون مصاب بالكبد الفيروسي بفئتيه (ب.و.س). ورغم وجود إحصائيات رسمية تبين حالات الوفاة بهذا المرض، إلا أن المختصين يؤكدون على خطورة الوضع ويطالبون بضرورة التكفل بالمصابين، ورغم إنشاء لجنة وطنية مكلفة بمتابعة المرض سنة 2007، إلا أنها لم تباشر عملها إلى يومنا هذا، وهو ما يجعل هذه الفئة تنتظر الموت البطيء خاصة المصابون بسرطان الكبد. السرطان بأنواعه يفتك بالجزائريين أما داء السرطان، فإن إحصائيات وزارة الصحة، تسجل حوالي 300 ألف حالة سرطان سنويا، بمعدل حالة لكل ألف نسمة، وهو رقم كبير إذا أُخذ في الحسبان لاسيما في ظل قلّة الرعاية الصّحية لسبب أو لآخر، بدليل وجود 5 مخابر للكشف على مستوى المدن الكبرى فقط، فيما تفرض المنظمة العالمية للصحة، مخبر لكل 500 ألف نسمة. وتشير إحصائيات سنة 2007 عن تسجيل 3500 حالة سرطان رئة، سنويا، بسبب التدخين، أما عدد الوفيات فيبقى الرقم مخيف، 1500 وفاة في السنة. كما تضاعف مرض سرطان الثدي في الجزائر ب 5 مرات في أقل من 20 سنة، مما جعل هذا المرض يأخذ المرتبة الأولى في قائمة السراطانات بإحصاء 7 آلاف حالة جديدة سنويا من ضمن 35 ألف حالة المسجلة في نفس الفترة تخص كافة الأمراض، ويتسبب هذا الداء الخبيث الذي يفتك بالأمهات غالبا في وفاة 3500 شخص سنويا، كما تحتاج 80 بالمئة من النساء المريضات للتدخل الجراحي الاستئصالي. من جهة أخرى، يوجد 11 ألف جزائري مصاب بالقصور الكلوي، ورغم قلة العدد مقارنة بباقي الأمراض المزمنة الأخرى، فإن هذا لا يمنع المرضى من مواجهة صعوبات في العلاج خاصة فيما يتعلق بتصفية الدم، ورحلة البحث عن عملية زرع التي ينتظرها أكثر من 3 آلاف مريض، لكن هذا الداء مرشح للإرتفاع حسب تقديرات المختصين، كونه سيتم تسجيل حالات جديدة بسبب مضاعفات الأمراض الأخرى كالسكري وضغط الدم، مما يجعل 6 ملايين جزائري مهددون بالإصابة بالقصور الكلوي، ومن المتوقع تسجيل 4500 إصابة جديدة بسبب تلك المضاعفات، والأخطر من هذا كله أن المرضى لازالوا يعانون من قلة مراكز تصفية الدم، بالمقابل انتشرت مراكز خاصة لذلك جعلت المريض مجبرا على الذهاب اليها رغم تكاليفها الباهضة، كما أن عملية زرع الكلى لا تتم سوى على مستوى 10 مستشفيات فقط عبر كامل القطر الوطني بمعدل 200 عملية سنويا، مما يجعل المرضى يموتون وهم في انتظار دورهم الذي قد يدوم سنوات عدة. أما فيما يخص الصحة العقلية فإن أكثر من 300 ألف شخص مصاب بداء الزهايمر، الذي يصيب الشيوخ، فضلا عن 350 ألف شاب يعانون من داء إنفصام الشخصية، غير أن الدولة لا تتكفل إلا ب 10 بالمئة من هذه الشريحة في ظل غياب المرافق الضرورية في المستشفيات التي لا تتوفر سوى على 5000 سرير. أما داء العصر "الإيدز"، أو ما يعرف بمرض بفقدان المناعة المكتسبة، فآخر الاحصائيات كشفت عن تسجيل 873 حالة جديدة في سنة 2008 مقابل 3357 حامل للفيروس. الأرقام رهيبة ومخيفة في آن واحد والتكفل لازال بعيدا عن المستوى مما يتطلب وضع استرتجية طبية واضحة لوضع حد لمعاناة المرضى