لعلّ أول وأكبر تحدٍ ينبغي مواجهته، مع بداية السنة الجديدة 2017، هو تجاوز هاجس الخوف من تداعيات الوضعية الراهنة التي تحمل صعوبات في ظل انعكاسات الصدمة المالية الخارجية، وذلك بشحذ الهمم والتشمير على السواعد كل في موقعه من أجل كسب معركة النمو. إن العائق الصعب الذي يجب التعامل معه بإلحاح وثقة بالنفس أن يشطب من ورقة الطريق أدنى شعور بالإحباط والانتقال إلى تحويل عناصر سلبية (مثل الزيادة في الرسم على القيمة المضافة) في قانون المالية الى عناصر قوة من خلال التوظيف الجيد للكم الهائل من أحكام هذا القانون المسّطرة لفائدة المبادرة الاستثمارية وبالأخص لصالح المؤسسة الإنتاجية. في هذا الإطار، فإن المؤسسة الجزائرية بكافة أنواعها وفي جميع القطاعات الإنتاجية أصبحت حقيقة أمام منعرج مصيري وحاسم، كون المزايا التفضيلية المخصّصة لفائدتها ولصالح المتعامل المستثمر، ينتظر منها ان تجسد الاهداف المسطرة بالمساهمة الفعلية في تنمية مؤشرات النمو من خلال الرفع من حجم الإنتاج باحترام المعايير العالمية، والاستغلال الامثل للموارد المتاحة لانجاز المشاريع المختلفة في آجالها. ولا يمكن تجاوز هذا المنعرج الحاسم إلا بالتركيز وبسرعة على تجميع كل القوى المتاحة وضم الإمكانيات المادية والبشرية الى بعضها ضمن رؤية مناجيريالية دقيقة تعتمد على قيمة العمل وفتح المجال أمام الكفاءات المتوفرة وتكريس روح المبادرة وتكافؤ الفرص من أجل التحسين السريع لمؤشر الانتاج والانتاجية، تماشيا مع متغيرات السوق المحلية والدولية. يؤكد خبراء محليون- بعيدا عن أي وهم أو مغالطة- أن الجزائر ليست حاليا في تلك الوضعية السلبية التي عرفتها في 1986، بل تتوفر، لحسن الحظ، على أوراق قوية تساعد على انجاز الوثبة فتتخطى مرحلة الخطر والإفلات من أخطبوبط التقشف، لكن شريطة التزام مسار ترشيد عقلاني للنفقات العمومية وحسن تدبير الشأن العام ضمن توّجه جماعي لبناء أرضية النموذج الاقتصادي للنمو الذي من بين ما يرتكز عليه أخلقة الحياة العامة. وطبيعي في مرحلة لا تزال تستفيد من مناخ استثماري مفتوح للمبادرة المحلية وللشراكة الاجنبية، يمكن الرهان فيها على الجهاز الاقتصادي الجزائري بكامل مكوناته وعناصره وفي جميع القطاعات لبناء خيار اقتصاد انتاجي ومتنوع لا مجال فيه للذهنية المريضة بفيروس «الريع» ومختلف أشكال الفساد الذي يرتقب أن يكون في هذه المرحلة الدقيقة تحت طائلة المكافحة القانونية والواسعة لكافة أشكاله بما يحمي السوق والمنافسة النزيهة، ويحمي أيضا المقاولة الصغيرة والمتعامل المستثمر من أي تلاعب، ابتزاز أو تعطيل. لقد تحققت مكاسب كثيرة تؤسس للنمو الحقيقي مثل بناء المنشآت القاعدية وقواعد الامداد اللوجيستية الى جانب نجاح العديد من المشاريع الاستثمارية خارج المحروقات، ويكفي فقط ان ينهض العنصر البشري الخلاق للثروة لتأسيس ثقافة القيمة المضافة من خلال بعث تشكيل تكتلات اقتصادية مندمجة وفقا لفروع النشاطات التي تملك عناصر التنافسية تحت عنوان بارز، أن لا تسقط الجزائر مرة أخرى في مخالب صندوق النقد الدولي.