تعاون بين دول الضفة في الأمن والدفاع إلزامي اعتبر الدكتور نبيل دريس أستاذ وباحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، بجامعة البليدة 2، بأن شعار الملتقى يحمل الكثير من الدلالات والمفاهيم لواقع الدفاع الوطني في الجزائر وفي المنطقة المغاربية وارتباطه في الراهن بعديد القضايا المتعلقة بالإرهاب وتجريم الفدية ومحاربة الجريمة المنظمة. الجزائر ليست في منأى عن التهديدات التي ظلت تلاحق المؤسسات الأمنية خاصة على ضفتي المتوسط متخذة ضفافه منافذ للعبور إلى الضفة الغربية من أوروبا أوإلى منطقة الساحل الصحراوي. حيث يتحدث بالتفصيل عن الحوض المتوسطي والإجراءات والتدابير المتخذة لتحقيق غاية الأمن في المنطقة بعيدا عن أي تهديد مهما كان نوعه. «الشعب “ التقته في الملتقى مشاركا ومتدخلا في الموضوع وحاورته لمعرفة المزيد من التفاصيل. الشعب: بصفتكم مشاركا في الملتقى الدولي لسياسات الدفاع الوطني ماهي الاستراتيجية التي تبنتها الجزائر في تحقيق هذه الخطة الأمنية ؟ وأين تكمن توازناتها ؟ د.نبيل دريس : أملت على الدول المهتمة بتأمين البحر المتوسط ضرورة البحث عن ميكانيزمات جدييدة تعالج بها هذه التهدييدات، حيث لم ييعد من الممكن معالجتها في إطار المفهوم التقليدي للأمن. وقد تمثلت هذه الميكانيزمات في مبادرات تعاون وحواربين دول ضفتي المتوسط وأييضا بينها وبين الحلف الأطلسي أطلقتها هذه الدول كمنابر سياسية للتشاور وتبادل الرؤى يبينها وأييضا للتعاون الميدانيي للقوات العسكريية لهذه الدول . والجزائر بدورها معنية بهذه التفاعلات، حيث بات لزاما عليها تطويير مقاربة أمنية في البحر المتوسط، إذ انضمت لمختلف الفعاليات والمبادرات الأمنية على غرار الحوار المتوسطي لحلف شمال الأطلسي ومبادرة 5+5، وقد ساعدها في هذا تغير نظرتها إزاء البحر المتوسط والدول الفاعلة فيها وأييضا تغير نظرة هذه الدول للجزائر خاصة بعد خروجها من أزمتها الداخلية، إذ أصبحت هذه الدول ترى أن الأمن في البحر المتوسط لن يتحقق بإقصاء الجزائر، فالجزائر حسبها أصبحت دولة محوريية بين دول الضفة الجنوبية للمتوسط ولذلك فقد أوكلت الدولة الجزائرية في دستورها واجب الحفاظ على أمن مواطنيها إلى الجيش الوطني الشعبي الذي اضطلع بهذه المسؤولية بكل مستوياتها وضروراتها سواء تعلق الأمر ببناء القدرات الدفاعية للأمة في ظل تنامي التهديدات التقليدية وغير التقليدية التي تواجهها الدولة في فضاء جغرافي وجوار إقليمي شديد التوتر، وفضلا عن تعزيز فرص التعاون بين دول ضفتي المتوسط وأييضا بينها وبين الحلف الأطلسي في قطاعات الأمن والدفاع الوطني٫. تأثرت منطقة ضفتي المتوسط بإفرازات نهاية الحرب الباردة، هل التهديدات الجديدة التي ظهرت قلصت من مفهوم الأمن كظاهرة ؟ مفهوم الأمن كما أشار لذلك المختصون والأكادييميون يخضع لمنطق التطور والتحول، فمدلوله قد اختلف عبر التاريخ، فبعد أن كان ييشير في فترة ما إلى أمن الدول ضد التهدييدات العسكريية التي تأتي من الخارج – دول أخرى-،ظهر مع تطور نمط الحروب الدولية الممكنة بصيغ أخرى على غرار الأمن الجماعي أو الأمن التعاوني، ثم تغير مدلوله في ما بعد الحرب الباردة، إذ أصبح ييعبر عن أمن الأفراد والجماعات أكثر من أمن الدول التي أصبحت في بعض الأحيان هي من تهدد أمن الأفراد والجماعات. وقد مس توسع مفهوم الأمن في هذه الحالة المسؤولية السياسية عن ضمان الأمن من الدولة الأمة إلى المؤسسات الدولية والإقليمية والمنظمات غير الحكومية وحتى الإعلام والرأي العام. ثلاث بؤر للتوتر تحيط بالجزائر هل القدرات الدفاعية كفيلة بصد الخطر دون تعزيز التعاون المشترك بين بقية الأطراف ؟ نظرا لما تعرفه المنطقة المحيطة بالجزائر من تفاعلات وصراعات، أدى إلى بروز محاولات للهيمنة على المنطقة، إضافة إلى ما تعرف من مشكلات أمنية زادت من حدة الاهتمام بها كمنطقة جيو إستراتيجية ساخنة تتمركز فيها الكثير من المصالح والإستراتجيات، وعليه أضحى الاهتمام بالجانب الأمني من الجزائر وجميع الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط أكثر من أي وقت مضى، لكن اقترن ذلك بضرورة بناء منطقة دفاعية خاصة بكل دولة في إطار تسابق نحو التسلح، أو في إطار مشترك بين الدول المعنية. وهذا يعني أن على الدولة أن تتخذ جميع الاحتياطات اللازمة لحماية أمنها سواء تعلق ذلك بالمحافظة على الهدوء والاستقرار داخل حدود سيادتها دون اللجوء إلى الحرب، وذلك يكون عن طريق السياسات الداخلية والخارجية كالعلاقات الدبلوماسية الناجحة. كيف يمكننا فهم التصورات الأمنية الجزائرية في حوض البحر الابيض المتوسط ؟ ييقوم التصور الأمني الجزائري في البحر الأبيض المتوسط على مقاربة شاملة، يينبغي تعاون جميع الدول المتوسطية لتحقيقه، كما أنه لا ييتجزأ، فما ييمكن أن أمن واستقرار دولة يينعكس بالضرورة على كل المنطقة مع الإشارة إلى أن القضاييا الأمنية التي يعرفها شرق المتوسط تختلف عما يعرفه غربه، والجزائر لها موقف ثابت منها،لاسيما النزاع في الشرق الأوسط، كما أن المستجدات على مستوى دول الساحل ييمكن أن ييكون لها تأثير على الأمن والإستقرار في المنطقة، فلا ييمكن على سبيل المثال عزل ما يحدث في ليبيا عن المنطقة لاسيما أنها دولة متوسطية. المقاربة الأمنية انتقلت من التركيز على الدولة إلى التركيز على الفرد هل معناه الاستغناء عن الدولة ككيان أم كمؤسسات قائمة بواجباتها ؟ مفهوم الأمن الذي ظهر في ظل المستجدات، وطرح هذه المرة بصفة رسمية من خلال تقريير الأممالمتحدة حول التنمية البشريية، حيث ييركز هذا المفهوم على الفرد وليس على الدولة، انطلاقا من أن أمن الدولة ورغم أهميته لم ييعد ضمانا أو كفيلا بتحقيق أمن الأفراد، لم ييحظ مفهوم الأمن الإنساني بإجماع المختصين، لكن الإجماع فقط حول أن المقاربة انتقلت من التركيز على الدولة إلى التركيز على الفرد، أي من التركيز على أمن الدولة إلى التركيز على أمن الأفراد الذيين ييعيشون داخل حدودها.