من المفارقات العجيبة و الغريبة والتي تقشعر لها الأبدان وتشمئز منها النفوس، وتقطع أنفاس كل مواطن غيور على وطنه ورموزه، أن تجد السلطات الجزائرية والمنظمات الوطنية و الأسرة الثورية تجتهد وتستعد لإحياء ذكرى أحداث 17 أكتوبر ,1961 التي جرت وقائعها بفرنسا و التي ذهب ضحيتها مئات الجزائريين، ذنبهم الوحيد أنهم طالبوا بحقهم في المساواة والاستقلال وتقرير المصير. وبالمقابل نسمع عن الجزائريين يبحثون عن الأدلة التي تثبت أن آباءهم حركى وخونة، وأنهم قدموا خدمات لفرنسا أثناء تواجدها الاستعماري في الجزائر. يحدث هذا من أجل الحصول على الجنسيةالفرنسية، ومنحة قدامى المحاربين التي أعلن عنها الوزير الفرنسي هوباز »فالكو« بمناسبة ''اليوم الوطني الفرنسي للحركى !''. المفارقة الأخرى أن منظمات فرنسية تدعو السلطات الفرنسية للاعتراف بجرائمها في حق الإنسانية التي ارتكبتها قواتها الاستعمارية طيلة وجودها في الجزائر، بما في ذلك الجرائم التي طالت الجزائريين الأبرياء المغتربين بفرنسا، فيما نجد جزائريين اليوم حررهم الأبطال والشهداء من براثين الاستعمار يتسوّلون لدى أسيادهم، ويفتخرون بماضي آبائهم الأسود ويترجّونهم أن يعلّقوا لهم نياشين وأوسمة الخيانة، حتى ينالوا جنسية أجنبية لا تشرّف، ويحصلوا على كمشة من النقود لا تسمن و لا تغني من جوع .. ! هكذا أصبحت الوطنية في زمننا المتردي تباع في سوق النخاسة وبأثمان بخسة، عندها تزول القيم والكرامة والشهامة، فيصبح كل شيء قابلا للبيع و التنازل في أي ظرف وأي لحظة .. ! وليكن في علم هؤلاء المتملقين أن آباءَهم محفوظون في سجل التاريخ الذي لا يُهمِل ضمن قائمة »الحركى بامتياز« دون حاجة الى تكليف أنفسهم بنشاط آبائهم المعادي للثورة التحريرية المباركة. فكما يقال: »الحركي راه امّركي«