تشكّل قمّة الثلاثية المقرّر عقدها غدا، أبرز المحطّات الاقتصادية الهامة، التي سوف يعكف فيها الشركاء الاقتصاديون والاجتماعيون وكذا الحكومة على تقييم الأداء الاقتصادي، وبحث سبل وميكانزمات تفعيل وتيرة النمو واتّخاذ قرارات جريئة من شأنها أن تفضي إلى الدّيناميكية المستدامة، على مستوى أداء الآلة الإنتاجية، مع تنويع النسيج المؤسساتي وتكثيف منظومته. ويتوقّع عمار طاكجوت، القيادي في الاتحاد العام للعمال الجزائريين والأمين العام لفدرالية عمال النّسيج والجلود، أن يتم تقييم أهم الاجتماعات الثلاثية الفارطة، خاصة ذات البعد الاقتصادي وفتح نقاش مستفيض حول الآليات والميكانزمات التي من شأنها أن تساهم بل وتعجّل في إنعاش الاقتصاد الوطني، والوقوف على مدى تجسيد النّموذج الاقتصادي الجزائري، إلى جانب تناول ملف القدرة الشّرائية. دون شك فإنّ اجتماع القمّة الثلاثية ال 20، سوف يوضّح معالم خارطة الطريق لمواصلة تعبيد مسار التنمية الاقتصادية، بالاعتماد على النموذج الاقتصادي للنمو، الذي سوف يتم تشريح فعاليته، ويبدو أنّ الشريك الاجتماعي جد مهتم بإدراج ضمن أجندة الأعمال، ملف القدرة الشّرائية على ضوء قانون المالية 2017، وأكّد عمار طاكجوت القيادي في المركزية النقابية في تصريح خصّ به «الشعب» بخصوص أهم الملفات التي تحظى بالنقاش خلال القمة ال 20 لاجتماع الثلاثية المقرر عقده في ولاية عنابة، أنّه من المنتظر أن تجرى حوصلة شاملة عن اجتماعات الثلاثية الفارطة، أي تقييم دقيق لأهم الثلاثيات ذات البعد الاقتصادي، إلى جانب أنّ طاولة النّقاش سيثار فيها مدى تجسيد النموذج الاقتصادي الجديد والحديث سيتعمّق حول أبرز وأهم الميكانزمات والآليات التي من شأن التعويل عليها في إنعاش الاقتصاد الوطني. تطلّع الشّريك الاجتماعي لمناقشة ملف القدرة الشّرائية قال طاكجوت أنّ مسألة تطهير المحيط الاقتصادي وملف الاستثمار والتمكين من العقار الصناعي، سوف تكون حاضرة بقوة في اجتماع الثلاثية، سواء على صعيد التقييم أو إمكانية إرساء إجراءات التسهيل، حتى تكون مرنة ومتاحة وقابلة للترقية، ويضاف إلى كل ذلك التطرق إلى مسألة عملية الشراكة بين القطاع الإنتاجي العمومي والخاص، التي تمّ الاتفاق عليها من قبل وأعلن عنها في العديد من اللقاءات المهمة من بينها اجتماعات ثلاثية سابقة..هل فعلا عرفت التّجسيد..؟ وكم عدد المؤسّسات التي أنشأت شراكة مع نظيرتها من القطاع العمومي أو الخاص؟ وهل توجد في الأفق مشاريع للشراكة بين القطاعين..؟ ولعل من الملفّات التي يتطلع الشريك الاجتماعي لفتحها على طاولة النّقاش، ذكر عمار طاكجوت ضرورة تقييم ميكانزمات التشغيل وكل ما أنشأته وكالات «الأنساج» و»الأنام» و»الكناك» من مناصب شغل جديدة، وما قدمته للجبهة الاجتماعية من خلال مساهمتها في امتصاص البطالة، وبالإضافة إلى حجم مناصب الشغل الدائمة المسجّلة وحتى عدد مناصب الشّغل الهشّة التي استحدثت، على اعتبار أنّ التّقييم من شأنه أن يسمح بفرصة المراجعة والتفعيل وإدخال التحسينات التي تفضي إلى أداء أفضل. وعلى صعيد آخر تنتظر النّقابة تناول مسألة الإدارة المركزية وعلاقتها بالمؤسسة الاقتصادية العمومية، والوقوف على ما أسماه بالضغط الإداري..متسائلا ينبغي معرفة إذا تحسّنت العلاقة بين الإدارة المركزية والمؤسسة الإنتاجية، إلى جانب تحديد مدى تسجيل ثقل بيروقراطي على المؤسسة الصغيرة والمتوسطة؟ ويتطلّع الشّريك الاجتماعي في هذا اللّقاء المهم نحو إثارة ملف اجتماعي جوهري، يتمثّل في مدى تأثر القدرة الشرائية للجبهة الاجتماعية، ومدى تأثر العمال بالرسوم والزيادات التي تضمنها قانون المالية لعام 2017، وانعكاسه على المستوى المعيشي للعائلات خاصة الطبقة المتوسطة، حيث قال طاكجوت بهذا الخصوص: «..من المفروض أن يفتح النقاش حول مدى تأثّر القدرة الشرائية وما هي الانعكاسات المسجّلة..إنّها أمور ضرورية تستحق النقاش في المرحلة الحالية..». فتح النّقاش من أجل بلورة رؤية اقتصادية دقيقة وإن كان جدول أعمال القمّة ال 20 لاجتماع الثلاثية، لن يخلو من الوقوف على مدى تجسيد النموذج الاقتصادي الجديد، وطرح العديد من الملفات الاقتصادية المهمة مثل الاستثمار والعقار الصناعي..اغتنم عمار طاكجوت الفرصة ليدعو إلى ضرورة فتح النقاش من أجل بلورة رؤية اقتصادية دقيقة، والتأكد من حقيقة وضع الاقتصاد الوطني في سكة النمو، حتى يتسنّى له الانتعاش الحقيقي في مرحلة قصيرة أو متوسطة وحتى يتحرر من التبعية النفطية ولا يبقى مهددا بأي أزمة. ويعتقد القيادي في الاتحاد العام للعمال الجزائريين أن الوقوف على حصيلة حقيقية تعكس الأداء الاقتصادي في الواقع، بات حتمية لا مفر منها، إلى جانب التأكد من ترجمة الآليات على أرض الواقع ، أو مازالت غير كافية لتحقيق الدينامكية المنشودة، وينبغي أضاف طاكجوت يقول في نفس المقام أن معرفة ..هل فعلا هناك اتصال فعلي حول الدينامكية وسط الجبهة الاجتماعية، أم أن عملية التنمية في حاجة إلى قرارات جديدة؟ مهم جدا..على اعتبار أنّ الحصيلة تساعد كثيرا في سد النقائص ومعالجة أي مشاكل تطرح. وخلص طاكجوت إلى القول في هذا المقام، يجب التأكد من أنّ اقتصادنا بالفعل بدأت تظهر عليه ملامح الإنعاش، حتى نطمأن ونواصل بنفس الوتيرة والأداء ولا نستبدل الميكانزمات التي تمّ إرسائها.. وفي ردّه على سؤال يتضمّن طبيعة ركائز النمو، التي من الضروري توفرها للإقلاع الاقتصادي، أشار عمار طاكجوت الأمين العام لفدرالية عمال النسيج والجلود، أنه لا يمكن بناء اقتصاد في وقت قصير، والخطوة الأولى حسب تقديره تتمثل في تنظيم المؤسسة الاقتصادية، كون المؤسسة العمومية اليوم تحتاج إلى نجاعة أكبر، وحتى المؤسسة الخاصة يتطلب منها فعالية اكبر وتكثيف عددها، على اعتبار أننا اليوم في حاجة إلى ما لا يقل عن 2مليون مؤسسة اقتصادية صغيرة ومتوسطة، علما أن عددها اليوم لا يتجاوز 600 ألف مؤسسة خاصة، وتحتاج هذه المؤسسات إلى العناية الكافية، مقترحا إنشاء اتحادات مهنية تنضم إليها المؤسسات مثل البناء والبلاستيك..و..و..حتى يتسنّى إحصائها وتصنيفها على ضوء النشاط، والوقوف على أي نقص مسجل وتكون بمثابة خارطة للمؤسسات الاقتصادية تسهل عملية توجيه الاستثمار. ومن بين التحفظات التي آثارها تاكجوت صعوبة وتعذّر حصول الديوان الوطني للإحصائيات الحصول على معلومات عن المؤسسة الخاصة، لأنه بدون إحصائيات لن يتسنى التخطيط..وقال يجب أن تسهل مهمة الحصول على المعلومة من داخل المؤسسة الخاصة، لأن هذا من شأنه أن يقلص من حدة البيروقراطية، التي يمكن أن تظهر حيث ينتشر سوء التنظيم. إذا اجتماع القمة الثلاثية ال 20 يشكّل منعرجا حقيقيا للتقييم، وتحديد أمثل للأفق الاقتصادية التي سطّرتها الجزائر، بهدف بلوغ وتيرة أعلى من النمو ويبحث شركاء الثلاثية في هذا المنعرج الهام عن الأساليب الأقل كلفة لإنجاز أهداف النمو المسطرة، وتجسيد الخيار الاستراتيجي بتخليص الاقتصادي والمؤسسة الإنتاجية والاستثمار من التبعية المباشرة لموارد النفط، التي بدأت تتراجع ولعل فعالية النموذج الاقتصادي الجديد للنمو، الذي اعتمد على دعم الإنتاج ودعم المؤسسة في ظل ترشيد النفقات و تحفيز الاستثمار وتنويع الاقتصاد، سيتصدر ملفات النقاش، كون المرحلة الراهنة تتطلب تحديد معالم اقتصاد وطني قوي، لذا ينبغي تقييم الإجراءات التي اتخذتها الحكومة، لبلوغ أعلى سقف من النمو القوي خارج قطاع المحروقات.