دقت الفيدرالية الوطنية للصحافيين الجزائريين ناقوس الخطر حول الظروف الاجتماعية / المهنية التي تعيشها بمرارة أسرة الإعلام الشريك القوي في تعزيز الديمقراطية والتعددية والنضال بلا هوادة من أجل تطبيق المبدأ المقدس "حق المواطن في الإعلام" وعدم الحيلولة عنه قيد أنملة مهما كانت الضغوط والاكراهات. وجاء هذا الموقف في وقفة ترحم على أرواح تسعة صحافيين رحلوا عنا في ظرف سنة وهم في مقتبل العمر المهني، ويتعلق الأمر بشوقي مدني واحميدة غزالي، ومراد تيروش، ومولود، ومحند وليليا وحياة وسامية وتوفيق. ونبهت الفيدرالية أمس في وقفة ترحم وإجلال أمام أرواح الصحافيين الذين غادرونا في صمت رهيب وهم في أوج العطاء إلى الظروف المزرية التي يوجد فيها الصحفي الذي يفني عمره من اجل مهنة المتاعب الساكنة أفئدته والسارية في عروقه، وهي ظروف تستمر دون تحريك ساكن من أصحاب القرار والفاعلين في السياسة الذين تركوا الصحفي وشأنه يغرق في الهموم والمشاكل، يذكر عند ارتكاب الأخطاء وإلصاق به تهم السب والشتم والقذف وغيرها من الأوصاف المدرجة في قائمة الجرائم الإعلامية غير المستخف بها قانونا واستصغارها. ووجهت الفيدرالية في ذات الوقفة الترحمية بدار الصحافة الطاهر جاوود نداء من تسع مطالب أساسية للتكفل بالصحفيين الجزائريين الذين يسقط الواحد منهم تلو الآخر ويغادرنا دون رجعة في رمشة عين تحت حدة أمراض وأزمات قلبية مفاجئة لها علاقة مباشرة بالظروف الاجتماعية/ المهنية التي تدحرجت فيها الممارسة الإعلامية إلى الأسفل وفقدت قيمتها ومعيارها. وزادت انحدارا في ظل اقتحام من لا علاقة لهم بالمهنة الصحفية القطاع والنظر اليه كواجهة أعمال وبزنسة لتكديس ثروة بلا وجه حق. واحتوت هذه الانشغالات عريضة مطالب تلاها عبد النور بوخمخم الأمين العام للفيدرالية في جمع غفير لأهل المهنة شرحت واقع الصحافة وتحديات المرحلة وكيفية الخروج منها بالتكتل ووحدة الصف والكلمة والمرافعة بلغة واحدة عن ممارسة إعلامية ترتقي إلى المهنية والاحترافية وإعلائها فوق الحسابات. وانصبت جملة المطالب المرفوعة التي تشكل خارطة طريق للعمل الصحفي مستقبلا وفق قاعدة النزاهة وأخلاقيات الضمير واخذ في الحسبان الانشغالات الاجتماعية المهنية على محاور مهمة، منها إلغاء كل أشكال تجريم الممارسة الصحفية التي تكيف قانونا في قضايا القذف بعقوبة السجن والغرامة المالية المفرطة بإسقاط المواد المضيفة إلى قانون العقوبات في طبعته المعدلة عام 2001 . ودعوة الطبقة السياسية والجمعيات المدنية للوقوف إلى جانب الصحافيين ودعمهم في ممارسة المهنة من خلال أحقية الوصول إلى المعلومة والحقيقة وكشفها مهما كانت مرة . وتشمل المطالب تجنيد الموارد المالية لدى صندوق دعم الصحافة وتوظيفها في ترقية المهنة وعلاج مشاكل الإعلامي وما أكثرها، إقرار عقد مهني جديد لتحديد الأجور وسلمها وطرق الترقية والتأمينات وغيرها من الآليات التي تؤمن الصحفي من تقلبات الزمن وممارسات الابتزاز والتهديد . وتخص المطالب أيضا اعتماد البطاقة الوطنية للصحافيين المجمدة بلا سبب منذ قرابة عشريتين بضبط بطاقة تعرف بالإعلاميين وظروفهم المهنية وتخصصاتهم وتنقلاتهم، وتحيين المعلومات عنهم بعيدا عن عموميات الأشياء وفوضويتها ، وتضبط الممارسة الإعلامية على أساس شروط مهنية لا تقبل المساس والقفز عليها وعدم تركها لمن هب ودب. ويدخل هنا التكوين النوعي والتربص الدائم والتأطير اللازم. وهي مهمة تضطلع بها آلية ضبط تحافظ على توازن الممارسة واستقامتها والحيلولة دون الانحراف والسقوط في أيد اللوبيات وجماعات المصالح والضغط. وجاء في العريضة إلحاحا على ترسيم أزيد من 230 صحفي يعملون في أكثر من عنوان بعقود عمل تفتقد في الغالب إلى أدنى الشروط، منها الأجرة الزهيدة التي لا تتجاوز أحيانا "السميغ" ناهيك عن عدم التصريح لدى الضمان الاجتماعي والتأمين . وطالب في الوقفة التضامنية بضرورة رفع حالة الجمود لمشروع إسكان الصحفيين الذي شكل بادرة أمل للكثير من الإعلاميين الباحثين عن موطن استقرار بعيدا عن كابوس التنقل من إقامة لإقامة مؤجرة بأغلى الأثمان مضيفة لكلفة الحياة ومعاناتها. إنها انشغالات متراكمة حسست بها الفيدرالية مطالبة الإعلاميين الالتفاف حولها بعيدا عن قاعدة " تخطي راسي'' . ولم تتردد في توجيه الدعوة إلى النقابة الوطنية للصحافيين " أس.أن.جي" من أجل الانضمام إلى هذا الركب والعمل معا في صف واحد من أجل إعلاء الكلمة ورفع شأنها بعيدا عن المشاحنة الكلامية والانغلاق على الذات.