تحتضن دار الثقافة، هواري بومدين بسطيف، وبلدية بني ورثلان شمال غرب الولاية بداية من اليوم أشغال الملتقى المخصص لحياة الفضيل الورثلاني، وعلى مدار يومين كاملين، حيث ستلقي كوكبة من الأساتذة الأكاديميين سلسلة من المداخلات العلمية التاريخية، تتناول شخصية هذا العالم الجليل، ومواقفه، أفكاره ومآثره الخالدة. وهذا تحت شعار «الوسطية في فكر الفضيل الورثلاني». يتم هذا الرعاية السامية لوزير الثقافة ووالي سطيف، من تنظيم مديرية الثقافة للولاية، وبالتعاون مع دائرة وبلدية بني ورثلان، في الطبعة الرابعة «للملتقى الوطني للشيخ الفضيل الورثلاني وعلماء المنطقة»، ويقام هذا الملتقى بمساهمة العديد من الأطراف الثقافية، الإعلامية، والحركة الجمعوية سطيف. ويشارك في هذا الملتقى حوالي 20 أستاذا متخصصا في التاريخ، يمثلون 7 جامعات جزائرية على الأقل، ولعلّ من أبرز الأسماء الحاضرة في هذا الحدث الثقافي فضيلة الشيخ العلامة الطاهر أيت علجت، الذي تتشرف سطيف باستقباله وتكريمه في هذا الملتقى. وموازاة مع فعاليات هذا الملتقى نظمت مديرية الثقافة مسابقة تاريخية تتمثل في اختيار أحسن بحث حول شخصية الفضيل الورثلاني ومسيرته العلمية والنضالية وتمّ توجيه هذه المسابقة لطلبة الثناويات والمتوسطات المتواجدة بإقليم دائرة بني ورثلان. كما يأمل القائمون على هذا الملتقى ترسيمه من قبل وزارة الثقافة، حتى يكون إضافة متميزة للحياة الثقافية بسطيف، لأن الرجل ذو شخصية عالمية فريدة تستحق كل التقدير والتبجيل، تركت بصمات خالدة في محاربة الإستدمار، والذود عن الجزائر والأمة الإسلامية إجمالا. فقد أفنى الرجل حياته في سبيل خدمة العلم، الثقافة، والدفاع عن القضية الجزائرية وإسماع صوتها في مختلف المحافل الدولية، ولم يدخر في ذلك جهدا إلى أن وفاه الأجل بالعاصمة التركية أنقرة في 12 مارس 1959م. ولد «الفضيل الورثلاني» في الجزائر سنة 1323ه الموافقة 1906م،ونشأ في أسرة كريمة، وحفظ القرآن الكريم وتعلم مبادئ القراءة والكتابة،وتلقَّى تعليمه في المدارس التي افتتحها المصلح الجزائري «عبد الحميد بن باديس» في مدينة قسنطينة. وقد أوفده «ابن باديس» إلى فرنسا ليكون مندوبًا عن جمعية علماء المسلمين بالجزائر، كما أقام في باريس عامين نجح خلالهما في إنشاء النوادي لتعليم اللغة العربية ومبادئ الدين الإسلامي، ومحاربة التحلل الخلقي في صفوف المغتربين الجزائريين. وهاجر إلى القاهرة سنة 1939م، وانضم إلى جماعة الإخوان المسلمين، وصار من أعضائها البارزين. ثم سافر إلى اليمن وكان وراء الحركة الدستورية التي أطاحت بحكم الإمام يحيى، لكن الحركة لم تنجح، وحُكِم على زعمائها بالإعدام. وقد هرب «الفضيل» من الحكم بالإعدام وتنقَّل بين عدة دول أوربية حتى استقر في بيروت. ورجع إلى القاهرة بعد قيام حركة الجيش المصري سنة 1952م، ولم تطل إقامته بها فغادرها سنة 1955م إلى بيروت؛ بسبب الأوضاع السيئة في البلاد،وفي أثناء إقامته بالقاهرة قام بالتعريف بقضية بلاده التي تحتلها فرنسا وترتكب فيها أبشع الجرائم. توفي الفضيل الورثلاني سنة 1378 ه الموافقة لسنة 1959م.