يتفنن بعض المواطنين اللامسؤولين في تجاوز القانون، فلكل واحد طريقته فنجد من يبني محلات على الأرصفة ومن يحول موقف الحافلات إلى محل، كل حسب مصلحته الخاصة دون أن يراعي تشويه المنظر العام، وتفاقمت هذه الظواهر نظرا لتهاون السلطات المحلية في وضع حد لمثل هذه التجاوزات، فتنوعت وتطورت إلى أن خلقت ظاهرة جديدة إستفحلت في الأحياء السكنية وبصفة خاصة بالأحياء التي تضم عمارات، فعند دخولك إلى مثل هذه الأحياء التي تعم بها الفوضى بشكل ملفت للإنتباه، يخيل اليك أنك بصدد الدخول إلى أحد الأحياء الفوضوية ولكن الحقيقة عكس ذلك، فهذه الأحياء قانونية ويمتلك سكانها وثائق تثبت ملكيتهم لها، ولكن هذه الملكية لا تتعدى حدود البيت أو السكن، فالمساحة الخضراء أمام العمارة في ملك للدولة وليست ملك القاطن بالطابق الأرضي عكس ما يخيل لسكان هذا الطابق حيث يعطي الحق لنفسه في إحتلال المساحة الموجودة أمام العمارة، وبالتحديد أمام شرفته، فيتفنن في الإستيلاء عليها، فتجد من يحولها إلى مستودع أو مطبخ أو حديقة، ويتم بناؤها بواسطة الآجر، وكأن الأرض ملكه، وهناك نوع آخر يطوق المساحة أمام بيته والتي يعتبرها ملكه هو الآخر بواسطة سياج دون أن يستغلها أو يستعملها، وهو ما يثير الإستغراب، ما الفائدة من تطويقها؟! ويمنع سكان العمارة من دخولها، وهو ما يؤدي في كثير من الأحيان إلى مشادات بين الجيران تتجاوز الأربع مرات أو أكثر في اليوم، فقد أكد السيد رابح أحد سكان عمارة بالطابق الثالث أن المشاكل مع جاره في الطابق الأرضي لا تنتهي نظرا لسقوط أغراضه من الشرفة داخل المساحة المحتلة من طرفه الذي يرفض اعادتها إليه، وهو ما يؤدي إلى مشادات ينتهي أغلبها بتدخل الجيران، وتتوالى النتائج السلبية لمثل هذه التجاوزات، كما أن بعض سكان الطابق الأرضي يبنون مستودعاتهم فوق قنوات صرف المياه، وهو ما يؤدي إلى صعوبة تصليح هذه الأخيرة في حالة إصابتها بعطب، والطفل هو الآخر نال نصيبه من مثل هذه التصرفات اللامسؤولة، فهو يجد صعوبة في إيجاد مكان يلعب فيه دون الإبتعاد عن المنزل ونظرا لإحتلال جميع المساحات الخضراء فلا يبقى للطفل من خيار سوى المكوث بالمنزل أو المجازفة واللعب بعيدا عنه والتعرض للخطف أو الإعتداء أو أي نوع آخر من الجرائم المنتشرة في الآونة الأخيرة، ونصل إلى أهم نتيجة سلبية نتجت عن مثل هذه التصرفات الجاهلة وهي التشويه التام للمنظر العام، وهو المتظاهي الذي لا نجده في الدول المتقدمة، وهو بلا شك علامة من علامات التخلف التي أبت أن تختفي من شوارعنا وأحيائنا وأسواقنا في ظل تزايد عقلية مثل هؤلاء الأشخاص الذين لم يجدوا من يردعهم فتمادوا، فإلى متى هذا التخاذل؟