.. وتحقق حلم الجزائريين وعادت الجزائر الى المونديال بعد غياب 24 سنة، وبامتياز بعد الفوز المحقق في المباراة الفاصلة أمام المنتخب المصري التي جرت بمدينة الخرطوم السودانية، حيث أثبت »الخضر« انهم الأجدر للوصول إلى نهائيات كأس العالم، بعد مسيرة بطولية وفنية من الطراز العالي.. يا لها من ليلة تاريخية للكرة الجزائرية التي كانت في القمة من كل النواحي .. وأفرح زملاء زياني كل الشعب الجزائري الذي كانت له ثقة كبيرة في هذه التشكيلة التي اكتسبت قوة اكثر مع مرور الجولات بقيادة المدرب رابح سعدان... ورغم ذلك، فإن المهمة لم تكن سهلة، وجاتءت مباشرة بعد كابوس القاهرة الذي كان بمثابة رعب للفريق الوطني الجزائري الذي عان الأمرين في مصر من اعتداء على الحافلة التي كانت تقله إلى الفندق والتي جاءت تكملة للحملة الإعلامية الشرسة الخارجة عن الأخلاق الرياضية التي مارسها الإعلام المصري على المنتخب الوطني والجزائر. كما أن أنصار المنتخب الجزائري لم يفلتوا من »موقعة« القاهرة التي تبقى نقطة سوداء في المسار الرياضي المصري، الذي أراد أن يستخدم كل وسائل التخويف على المنتخب الجزائري ليصل إلى مبتغاه.... لكن هيهات فإن الفريق الجزائري والعقلية الجزائرية فوق كل هذه الممارسات وأثبت الفريق الجزائري أنه رياضي ولم ينساق في الرواق السيء وانما حافظ اللاعبون على رزانتهم وبقوا مركزين على الموضوع إلى غاية الذهاب إلى الخرطوم.. في الخرطوم أين وجدوا الجو المساعد لهم والذي منحهم كل الثقة التي كانوا يحتاجونها، خاصة وأن الآلاف من الجزائريين الذين تنقلوا إلى السودان كانوا بمثابة السند الحقيقي لزملاء مطمور الذين كان عليهم إثبات قدراتهم فوق الميدان وهو ما حدث، واكدوا أنهم بحق أحسن بكثير من المصريين وأن هزيمة القاهرة أتت لظروف استثنائية وممارسات تأسف لها العالم بأسره.. إنتهى الحلم يا »شحاتة« ومن ناحية أخرى، فقد اثبت سعدان أنه بحق التقني المحنك الذي لا يعرف المستحيل وأن التجربة الكبيرة علمته الكثير في المناسبات الكبرى.. فقد تفوق على شحاتة مرتين وباقتدار .. ولا يمكننا أن نحتسب ما حدث بالقاهرة، مرة أخرى نكررها، لأنها فعلا حضرنا في ملعب »الرعب« كما يسمونه ورأينا كيف مورس الضغط على لا عبينا منذ أن وطأت أقدامهم أرض النيل.. لكن فوق الميدان الحقيقي كانت الغلبة »للخضر« الذين أكدوا أن المصريين لا يمكنهم رفع رأسهم أمام زملاء زياني خارج مصر.. فالخطة التي اختارها سعدان لمباراة أمس اعتمدت على السيطرة على كل المساحات فوق الميدان والضغط على حامل الكرة وعدم ترك الأروقة للاعبين المصريين.. وغير سعدان من عمل وسط الميدان مقارنة بمباراة القاهرة حيث بدا مقني في دور هجومي أكبر واللعب بأكبر عدد من المهاجمين لاعطاء كرات لصايفي الذي بقي كرأس حربة.. هذه الخطة كانت مغايرة، في حين أن شحاتة لم يغير في خطته واحتفظ بنفس اللعب كونه لا يملك فريقا فنيا مثل الفريق الجزائري الذي يمكنه تغيير مجرى اللقاء في كل لحظة.. هذه الإستراتيجية جعلت الفريق الجزائري يدخل بقوة في المباراة منذ البداية حيث شاهدنا أن اللاعبين منظمين وتفوقا في الكرات العالية وعمل كبير قام به الثلاثي منصوري ويبدة ومقني، رفقة زياني الذي كان يصعد بشكل أحسن كونه يعي أن العمل الدفاعي مطمئن. مسار اللقاء، منذ الدقائق الأولى أعطانا لمحة عن قدرات فريقنا الوطني الذي كانت له لمسة اضافية اسمها شاوشي الذي كان بطل هذه المباراة كونه تصدى لكرات خيالية وانقص من فعالية ابو تريكة وعمرو زكي.. وقبل نهاية الشوط الأول كانت الصفعة الحقيقية للفريق المصري الذي تلقى هدف يبقى في التاريخ من المدافع عنتر يحيى الذي اسكن الكرة في مرمى عصام الحضري بطريقة الكبار.. منح فيها التقدم للجزائريين الذين احتفلوا مع انصارهم بالطريقة التي لايعرفها إلا اصحاب الزي الابيض والاخضر. التفوق فنيا وبسيكولوجيا كان التقدم في المرحلة الاولى فنيا وبسيكولوجيا حيث ان هذه الضربة ولو وحيدة فقد كانت قاضية كونها اسقطت عمرو زكي وزيدان ومحمدي ارضا في ارضية محايدة بعيدة كل البعد على »الرعب« في القاهرة والممارسات المشينة التي لايمكننا ان انساها وسأكررها في كل مرة لأنها ارتسمت في اذهان كل الذين حضروا بالقاهرة والملايين الجزائريين الذين كانوا يتابعون اللقاء واخبار المنتخب الوطني من مصر. واختار سعدان في الشوط الثاني مبدأ الحذر، بعد تدعيمه لخط الوسط والدفاع ودخول »المحارب« زاوي الذي ساعد كثيرا زملاءه في التصدي لحملات ابو تريكة وزيدان وسيد معوض.. ومال الفريق الجزائري الى الدفاع .. فكان الضغط مستمرا على الدفاع الذي برز فيه الحارس شاوشي الذي تصدى بأعجوبة للحملات وقاد الدفاع باقتذار كبير الى غاية نهاية المباراة، وفوز الفريق الجزائري بالمقابلة الفاصلة، التي كان التأهل فيها احلى وألذ كونها واصلت السوسبانس وكانت بمثابة مقابلة الاثبات واعادة الاعتبار ليدخل زياني ومطمور وعنتر يحيى وغزال ومقني.. و.. التاريخ من الباب الواسع ويكونوا خير خلف لخير سلف من اللاعبين الذين كانوا قد قادو الجزائر الى المونديال. والكل كان يثق في قدرات هذا الفريق، كون معظمهم يلعب لاحسن الاندية الاوربية وقام سعدان بتشكيل اللحمة الاساسية التي استطاعت ان تكتسح الميدان وتفوز بكل المقابلات التي اجرتها، ماعدا التعادل الاول برواندا وهزيمة القاهرة التي لم تكن رياضية اصلا. والشيء الذي لابد من الاعتراف به هنا هو الدور الكبير للمدرب سعدان الذي اعطى شيئا اساسيا لهذه المجموعة، وهو الثقة وبتأني،، هذا الجو اصبح مسيطرا على التشكيلة الوطنية واعطى ثماره ونشاهده في آداء »الخضر« الذين يركزون على الموضوع بشكل كبير ويعطون صورة مضيئة للاعب الجزائري،، هذه المجموعة التي ادخلت الفرحة في قلوب الملايين من الجزائريين، الذين بعدما عاشوا »كابوس« القاهرة، احسو بالفرحة العارمة التي ملأت قلوبهم ويالها من فرحة التي تأتي بعد عناء كبير من ممارسات المصريين الذين لايحتاجون الآن الا للدموع للتعبير عن خيبتهم وخروجهم من اطار بفضل عزيمة وفنيات وذكاء الجزائريين.. يالها من فرحة. وهنا لا يسعني الا ان اتذكر كيف سمت الصحافة المصرية سعدان حيث سمته »سوسو« لأقول لها »عملها سوسو.. والجزاير في المونديال.