إنتاج 3217 طن من السمك خلال 2016 يشتكي الصيادون بمختلف موانئ سكيكدة من قلة الثروة السمكية بسواحل خليج سيرجينا وسطورة وواديي بيبي وطنجي، مثلما يعاني صيادو السردين في منطقة القل والمرسى، جراء التلوث البحري الناجم عن إلقاء المواد البتروكيماوية في الساحل الشرقي للعربي بن مهيدي، الذي يمتد، بحسب الصيادين، الذين التقت بهم جريدة «الشعب» بميناء سطورة، إلى مسافات بعيدة لقوة التيارات البحرية. بينما أثر التراكم المتواصل للنفايات البحرية على مدار سنوات طويلة، على تآكل مصادر التغذية البحرية كالطحالب والفطريات والأعشاب البحرية التي تتغدى منها أسماك السردين والبوغة واللاتشا وكلب البحر... التفاصيل في هذا الاستطلاع الميداني. الصيادون بالولاية يشتكون من قلة الوسائل الموضوعة تحت تصرفهم، من بينها على الخصوص قلة قوارب الصيد والسفن القابلة للصيد في المسافات الطويلة وقوارب صيد السردين العصرية ذات التجهيزات المتطورة، ويطالبون منذ عدة سنوات بتجديد كلي للأسطول الحالي الذي لم يعد قابلا للاستعمال ويتآكل من سنة لأخرى. هذه الوضعية أثرت على حركية الصيد البحري، التي اكتفت بالصيد ضمن مسافات قريبة من السواحل وبوسائل المهن الصغيرة. كما يخلق هذا النوع من الصيد اكتظاظا وحركة كبيرة في الميناء، قد يؤدي على الأمدين القصير والمتوسط، كما أكد لنا أحد الصيادين، الى استنزاف الاحتياطي السمكي الموجود في المسافات أقل من 7 اميال بحري، إضافة إلى تأثر المدخول اليومي للصيادين أنفسهم، وبالتالي التأثير على الحركة العامة للنشاط البحري. كما تفتقر الموانئ الثلاثة بالولاية، منذ زمن ليس بالقصير، للعوامل المكملة والمساعدة على تنشيط حركة صيد الأسماك في أكبر ساحل على المستوى الوطني ب140 كلم، منها الغياب الكلي لورشات إصلاح السفن وقوارب الصيد، وانعدام ورشات حقيقية لصناعة السفن ولو في إطار تشجيع الاستثمار في هذا الميدان الهام. مخطط عمل لتدارك العجز قال حسين بوصبيع مدير الصيد البحري والموارد الصيدية بسكيكدة ل «الشعب»، «إن قطاعه شرع في تطبيق مخطط عمل على مراحل، يهدف إلى تحقيق عملية متكاملة ومضبوطة لتجديد الأسطول الحالي للصيد البحري. يرتكز هذا الأخير على ترك الحرية للصيادين لاختيار نوعية السفن والقوارب التي يريدون الحصول عليها، سواء عن طريق الدفع المباشر أو اللجوء إلى القروض البنكية على مراحل وأقساط. وتتم عملية التجديد هذه وفق منهجية محددة، حيث تتطلب العملية حصول المهني على خبرة في هذا المجال من طرف خبير متخصص، ويتم بعدها شطب القارب أو السفينة القديمة من السجل الخاص بالسفينة أو القارب». وأضاف بوصبيع، «يسمح للصياد الذي يتقدم بطلب التجديد الحصول على قوارب أو سفن تفوق العرض والطول والقوة بالمقارنة مع الوسيلة السابقة التي كان يملكها. ويمكن للخبير المعتمد أن يدقق في الخبرة التي يمنحها للصياد كل المواصفات التقنية للسفينة أو القارب الجديد، وتعد الخبرة الوثيقة الرئيسة لعملية التجديد»، موضحا «أنه لحد الآن تم تجديد سبع سفن وقوارب مهترئة وغير قادرة على مواصلة العمل». وأكد مسؤول القطاع في نفس السياق، «أن اقتناء السفن والقوارب الجديدة يتم بالورشات الموجودة في الجزائر وبومرداس ودلس وتنس وبوهارون وجيجل، ولا يسمح باللجوء إلى الخارج في هذا المجال». ويعد الأسطول الحالي قديما وأخذ في التآكل منذ مدة طويلة رغم عمليات الترقيع والإصلاحات التي تجري عليه دوريا. أكبر احتياطي دون استغلال للعلم، فإن سكيكدة تحتوي على أكبر مخزون احتياطي من السمك بالسواحل الوطنية، وتتواجد فيها كل انواع الأسماك، وفق الدراسة العلمية التي قامت بها الباخرة العلمية سنة 2011. استنادا لنفس الدراسة التي قامت بإعداد خرائط جيوفيزيائية للمناطق التي تتواجد فيها الأسماك في السواحل، فإن المناطق البحرية للولاية تتوفر على احتياطات هائلة من السمك الأحمر والأبيض خاصة. وبينت النتائج التي توصلت إليها أن المواقع البحرية الممتدة بين سواحل العربي بن مهيدي وخليج راس الحديد، تعد من أحسن السواحل التي تتواجد فيها الاسماك الحمراء، وفي مقدمتها الجمبري من نوع «الملكي» والذي يصطاد في أماكن تزيد عن 03 اميال بحري، وتصل الكمية التي تنتجها السفينة الواحدة العاملة بين سطوره والعربي بن مهيدي إلى 200 كلغ للواحدة، ويوجه جمبري سكيكدة منذ نحو 04 سنوات إلى تجار مدينة عنابة الذين يصدرون كميات مهمة منه الي إسبانيا وايطاليا وفرنسا، ولكن الأسطول البحري الحالي لا يتلاءم مع إمكانيات الولاية في مجال صيد الاسماك ولا مع الشباب الذين يتخرج كل سنة من المدرسة الوطنية للصيد البحري بمدينة القل. السردين ب600 دينار استقرت أسعار السردين في برجها العالي بأسواق السمك بسكيكدة خلال الأيام الاخيرة في حدود 600 دج للكيلوغرام الواحد حتى أن الاقبال عليها تراجع، فليس بمقدور المواطن ذي الدخل الضعيف مقارعتها. وإذا كانت أسعار السردين تعرف عادة انخفاضا محسوسا في مثل هذه الفترات من العام، فإنها شذت هذه المرة عن القاعدة. زيادة على السردين، فإن أسعار الأنواع الأخرى من السمك بنوعيه الأزرق والأبيض، قفزت كذلك إلى مستويات مرتفعة جدا إذ يتجاوز سعر الجمبري 1800 دينار والروجي 1000 دينار، أما المارلون فإنه لم ينزل من عتبة 1300 دينار. سجلت مديرية الصيد البحري والموارد الصيدية على لسان مديرها حسين بوصبيع، انخفاضا محسوسا في إنتاج السمك خلال السنة الماضية، مقارنة بالسنة التي سبقتها بإنتاج 3217 طن من السمك مقابل 4105 طن في 2015، مرجعا الأسباب لعدة عوامل، أبرزها انخفاض عدد خرجات الصيادين إلى البحر بسبب سوء الأحوال الجوية وكذا عدد الخرجات غير المجدية والتي تكلل دون إنتاج حيث مثلت 5٪ من مجموع الخرجات الكلية والمقدرة ب25429 خرجة، إضافة الى موجة الجفاف التي ضرب الولاية منذ مدة طويلة، لأن الأمطار تسهم عادة في جرف المواد التي تتغدى منها الأسماك نحو البحر، وهذا لم يحدث منذ الشتاء الماضي. وأضاف المتحدث، مقابل ذلك تم خلال سنة 2016 تسجيل زيادة في عدد الصيادين بدخول 268 صياد جديد ليصل تعدادهم الإجمالي بهذه الولاية إلى 4718 صياد، فضلا عن ارتفاع عدد وحدات الأسطول البحري بالولاية إلى 519 سفينة مقابل 504 سنة 2015، معتبرا «أن السمك الأزرق كانت له حصة الأسد من منتوج 2016 حيث شكل 85٪ من الإنتاج الكلي، أي ما يعادل 2727 طن يليه السمك الأبيض ب267 طن والقشريات ب214 طن والرخويات ب9 أطنان». 8 مشاريع في تربية المائيات تستحدث 100 منصب عمل فيما يتعلق بالاستثمار في تربية المائيات في الأقفاص العائمة فقد تم تسجيل 8 مشاريع، ستوفر استنادا لذات التوقعات، 100 منصب عمل دائم ويقدر مبلغها الاجمالي 171 مليار سنتيم، وتتم التربية، بحسب ما أكد عليه مدير القطاع، داخل الأقفاص العائمة سواء في المرسى وغيرها من السواحل الشرقية أو في المواقع البحرية الملامسة لحدود ولاية جيجل. وينص دفتر الشروط على أن ينجز المستثمرون هياكل لتخزين الأسماك ممثلة في أجهزة للتبريد الى جانب منشآت لحفظ الوسائل المستخدمة في عمليات التربية ونقل المنتوج. وأشار ذات المسؤول، إلى أن 4 ملفات أودعت لدى مديرية أملاك الدولة للحصول على عقود الامتياز وتنتظر بعض الإجراءات الإدارية ليدخل أصحابها في مرحلة التجسيد الفعلي في الميدان، بينما تجري دراسة الملفات الأربعة المتبقية لمنح أصحابها رخص الاستغلال وسيكون المجال مفتوحا للمستثمرين في كل سواحل الولاية، بدءا من المرسى وخليج راس الحديد في الشرق إلى غاية سواحل بلدية واد الزهور عند الحدود مع ولاية جيجل، وبهذا الخصوص فان» مزرعة تربية الجمبري بمنطقة المرسى أوضح مدير القطاع «بأن شهر جوان الماضي تم خلاله تفريخ أمهات الجمبري حيث أسفرت العملية عن 80 ألف يرقة تم استزراعها على مرحلتين الأولى بمنطقة المرسى حيث تم استزراع 60 ألف يرقة فيما خصت الثانية 20 ألف يرقة أرسلت إلى ولاية جيجل». ..آخر مسمكة ترى النور في سياق اخر، تدعم ميناء القل مؤخرا بمسمكة، بعد 4 سنوات من الانتظار، مجهزة تجهيزا جد متطور، من شأنها المساهمة في ترقية عملية بيع السمك، ومن بينها تجهيزات إلكترونية تم اعتمادها لأول مرة، إذ ستسهل من عملية بيع السمك على الطريقة الإسبانية. على غرار آلة ثلج بطاقة 10 أطنان يوميا، وغرفة تبريد بسعة 60 مترا مكعبا ومربعات لعرض المنتوج السمكي ومستودع لتخزين الصناديق الفارغة، وقد عرف المشروع سلسلة من التعطيلات وعراقيل، بداية باعتراض البحارة ومهنيي الصيد البحري حول اختيار الموقع المتوسط لرصيف الميناء، إلى التأخر في عملية الإنجاز ثم التجهيز، والمشروع يعود إلى سنة 2008، حيث وضع حجره الأساس وزير الصيد البحري والموارد الصيدية السابق واستغرقت الدراسة نحو سنة، وانطلقت الأشغال في جويلية من السنة الموالية لتنتهي بعد 15 شهرا. وبلغت تكلفة المشروع 110 مليون دينار وعرفت المنشأة في أوت 2010 حادثة سقوط سلالم إسمنتية أثناء علمية الإنجاز، وهو ما طرح وقتها الكثير من التساؤلات حول نوعية الأشغال، ورغم أن أشغال المشروع انتهت منذ أكثر من ثلاث سنوات، إلا أن الإضافية من توصيلات بالشبكات المختلفة: ماء وكهرباء زادت من التأخير، وهو عرفته إجراءات تسليم المنشأة إلى مؤسسة تسيير الموانئ والملاجئ البحرية لسكيكدة بسبب عدم جدوى المناقصة الأولى لتجهيزها. في هذا الصدد، أشار مدير الصيد البحري والموارد الصيدية للولاية، إلى أن مسمكة القل وما تحتويه من تجهيزات متطورة جدا تُعدّ الثالثة من بين المسمكات الثلاث التي تم إنجازها بكل من جيجل وزموري البحري ببومرداس، فيما استغل صيادو القل فرصة تواجد محمد حجار والي سكيكدة بالميناء، اثناء زيارته الأخيرة للمنطقة الغربية من الولاية وتفقده المسمكة، لطرح انشغالاتهم، منها المطالبة بإنجاز وحدة لصناعة صناديق الصيد وورشة لإصلاح السفن على مستوى ميناء الصيد، وهي نفس المطالب التي سبق أن رفعوها إلى الجهات المعنية مرارا منذ سنة 2004، ومخادع الصيادين لوضع العتاد وتبديل الملابس. للإشارة، تتوفر ولاية سكيكدة على 03 موانئ للصيد البحري بكل من سطورة بسكيكدة والمرسى والقل، في انتظار استلام ميناء وادي الزهور الذي توشك الأشغال به على الانتهاء، فيما يقدر عدد الصيادين ب4684 موزعين عبر هذه الموانئ التي بها 517 سفينة، تمثل سفن الحرف الصغيرة منها 68.86٪، تليها سفن صيد السردين ب25.56٪، فيما تقدر سفن الجياب فقط 6.58٪، في انتظار استلام 08 سفن جديدة أصحابها تحصلوا على تراخيص من الجهات المختصة، منها ترخيصان في إطار أجهزة دعم الدولة لتشغيل الشباب. كما قامت المديرية المعنية بمنح خلال السنة الأخيرة، 786 ترخيص لممارسة الصيد البحري. رغم كل هذه الإمكانات إلا أن الولاية تفتقر إلى أسواق للسمك، فالوحيدة المتواجدة بمدينة سكيكدة ماتزال مغلقة إلى حد اليوم، منذ أكثر من 09 سنوات، حتى الأسواق الجوارية أو المغطاة لم تخصص فيها مساحات لبيع الأسماك، كما هو معمول به في عديد الدول وحتى المدن الكبرى، لتبقى الأرصفة والشوارع والأسواق الفوضوية المكان المفضل لبيع السمك في ظروف تفتقر للمواصفات الصحية، خاصة أنها تعرض تحت حرارة الشمس والغبار والأوساخ.