على الجزائر الاستثمار في التكنولوجيات المتطورة وتشجيع الابتكار بصراحة كبيرة وبلغة الواقع، قال الدكتور فريد بن يحي في ندوة نقاش “بمنتدى الشعب”، بعنوان: “أثر التكنولوجيات المتقدمة على الجغرافيا السياسية والإستراتيجية الدولية”، أن العالم يمشي بديناميكية كبرى، مبرزا تأثير التكنولوجيات على الدول، فمنها من توحدت على غرار ألمانيا التي بنت قوتها من التكنولوجيا منذ بداية 1900م وتغلبت على دول أوروبية لها مستعمرات في مختلف قارات المعمورة. أفاد بن يحي، أن الفلاسفة وعلماء الفيزياء الكبار اتفقوا على أن التكنولوجيا انتقلت إلى العالم الخفي، لأن الإنسان لا يرى بالعين المجردة سوى 4 من المائة، بينما 96 من المائة عبارة عن عالم خفي ويحتاج إلى تكنولوجيات جد متطورة أو ما يسمى ب “النانو تكنولوجيا”، الذي يمكن من تجزئة الجسم مهما بلغ من الصغر إلى ملايين أو ملايير المرات، مقدما مثالا عن “فيروس” الذي يمكن أن يساوي 500 نانو، وحبة قمح تساوي 1 مليار نانو. وهنا يكمن الخطر، بحسب الخبير، إذ يمكن تحمل حبة الرمل ب30 كلغ من المتفجرات، وتصبح تكنولوجيا النانو “سلاحا ذا حدين”، شأنها في ذلك شأن تكنولوجيا الإعلام الآلي، التي توفر المعلومات وتكسب الوقت، وفي ذات الوقت تستعمل كوسيلة لتنفيذ جرائم عن بعد، حتى النووي الذي يستعمل في تطوير الطب والفلاحة، يستعمل كمتفجرات، تؤدي إلى كارثة إنسانية، كما حدث في هيروشيما ونغازاكي في اليابان بعد الحرب العالمية الثانية. ليس ذلك فحسب، بل انتقل استعمال النانو إلى “الروبوت”، الذي يركب باستخدام مواد نادرة من الأرض، باستعمال مجهر خاص، هذا “النانو روبو” يستعمل في جسم الإنسان، يمكن أن يقدم تشخيصا دقيقا يعطي معلومات دقيقة عن هذا الأخير، كما يمكن أن يطرح من خلاله سمّا يودي بحياة الشخص بعد سنة بدون أن تعرف له آثار. وأكد بن يحي في هذا الصدد، أن الجزائر “في خطر” بالنسبة لهذه التكنولوجيات الرهيبة، خاصة وأنه تم استعمال تكنولوجية النانو في إحدى المناطق بدولة إفريقية، تسببت في إصابة كل قاطنيها بالعقم (عدم القدرة على الإجاب)، وهنا استذكر الدكتور بن يحي النظريات التي توصل إليها علماء الاجتماع في القرون السابقة التي تعتبر أن الدول لديها مسار حياة ونهاية. وأضاف في ذات السياق، أن الجزائر لديها إمكانات للتوسع لو تتخذ التكنولوجيات وتعرف كيفية استعمالها، و«ممكن أنها تضعف” لو لم تتمكن من الحصول على هذه التكنولوجيات واستعمالها في مختلف الميادين، لأن العالم في مواجهة حرب تكنولوجية كبيرة. وأوضح، أن الحصول على هذه التكنولوجيات يحتاج إلى الامتياز العلمي، ويقصد به استعمال التكنولوجيا في مجال التعليم من الابتدائي إلى الجامعة، “ليس في مرتبة العلم فقط وإنما الامتياز” التي تؤهلها ولوج المراتب المتقدمة بين دول العالم، مشيرا إلى أن الجامعات الجزائرية غير موجودة ضمن 500 جامعة التي شملها تصنيف “شانغاي”. كما تحتاج الجزائر إلى المنافسة في الرقمنة من خلال الابتكار وتطوير الأفكار، بالإضافة إلى التحديات الاجتماعية. وهنا أوضح المتحدث، أنه يجب أن يكون هناك توزيع حقيقي للرواتب، كاف لكل المواطنين، وتمثيل حقيقي للشعب في البرلمان، مفضلا التمثيل النسبي في البرلمان بدل الأغلبية سائرة المفعول في التجارب السابقة. في معرض حديثه، أكد بن يحي أن الجزائر تواجه تحديات كبرى، لأن التكنولوجيا تتطور بسرعة رهيبة، تتطلب منها الاستثمار في مجال البحث والابتكار. فالولايات المتحدةالأمريكية، تتعامل في إطار “محاضنها التكنولوجية” من خلال الشبكة العنكبوتية مع كل من المملكة البريطانية، الصين، اليابان وإسرائيل، مشيرا إلى أن الاستثمار في هذا المجال، بالنسبة للدول العربية ككل، لا يتجاوز 3٪ من الميزانية، على الرغم من أن الكثير من العلماء العرب موجودون في أكبر الجامعات والمخابر الأمريكية، منها ما ورد في كتاب ألفه بن يحي وبرينو برنارد وكتب تمهيده البروفيسور كمال صنهاجي بعنوان: “نانو علوم ونانو تكنولوجيا وتطبيقاتهما في الميدان الصناعي والاقتصادي”، يجري حاليا ترجمته إلى 3 لغات ( الروسية، الألمانية والفارسية)، وهناك باحث آخر يقوم حاليا بأبحاث كبرى بأمريكا وفرنسا واليابان حول مرض السرطان.