غاص الدكتور محمد هدير استاذ بالمدرسة العليا للصحافة في اعماق التحولات الكبرى التي يشهدها الاعلام في محيط جيواستراتيجي متغير وتهديدات تفرض وجود سلطة اعلامية قوية لا تكتفي بنقل المعلومة من مصدرها بل تصنع الراي العام وتوجهه. وقال هدير وهو يحلل المتغيرات المتسارعة في عالم القرية الوحيد الشافاف ان التنوع والتعدد ية التي فتحت المجال لكثرة العناوين والقنوات زادت من اهمية الاعلام العمومي وعززت موقعه في الخارطة باعتباره حامل مشروع أمة ومرافق لمسار انماء دولة يسلط الضوء على الانجازات وينبه الى الاختلالات ليس بتوظيف السلبيات وتضخميها واتخاذها ورقة متاجرة وتلاعب بل اقتراح حلول لتعقيدات. وهنا يظهر الفرق بين الاعلامين الخاص الذي يجري وراء اشباع مارب ذاتية والدفاع عن مصالح صغرى غايتها تعزيز المكاسب والمنافع وبين العمومي السائر على نهج الموضوعية في تقديم معلومة مؤسسة موثقة لا تقبل المساوة والشك. وهذا الاعلام العمومي الذي خرج كفاءات واطارات سامية هو الذي كان في الواجهة اثناء الماساة الوطنية وسنوات الفوضى والجنون يواجهة تراجيديا الموت ولم يتخلى عن القلم والكاميرا والميكروفون في التصدى للارهاب الهمجي مقدما اغلى الاعضاء واكثرهم حبا لمهنتهم وتفانيهم لها مساهما في بقاء الجزائر صامدة واقفة. هذا الاعلام العمومي الذي تشبع بروح الوطنية والمواطنة واصل مساره دفاعا عن قيم الجمهورية مواجها حملات مسعورة تردد على الملا من اعلى المنابر والفضائيات “من يقتل من “ ثم استبدالها “بمن يتصالح مع من” ، اثبت بالملموس انه الاجدر بالتوقف عنده والاشادة به . انه اعلام شريك كامل في ترقية المشهد التعددي والعالم الافتراضي الذي قهر الحوجز وقرب المسافات الجغرافية وغير مجرى التاريخ.فليس من باب الصدف ان تستثمر الدول الرائدة في الليبيرالية في الاعلام العمومي وتراهن عليه في ايصال رسالتها الى ابعد الاصقاع حماية للمصالح وتامينا للنفوذ.ليس من الغرابة في شيء ان تلجا اعتى الدول ليبرالية الى هذا الخيار وتجعل من الاعلام العمومي صحافة اذاعة او تلفزة وجهتها في مخاطبة الاخر والصراع معه لحسم معارك فرض الذات والنفوذ.