كثيرة هي الأسماء الأدبية في الجزائر ممن تريد أن تسيطر على المشهد الإعلامي. حاملة في فلسفتها أن تكون كل القنوات والصفحات الثقافية إليها مجرورة طيّعة. وتحت إمرتها...وبمبتغاها هذا تكون بعض النماذج وليس كلها قد حققت ما ظلت تصبو إليه...دون دراية منها أن هذا الطموح لا يمكنه البتة أن يكون مشروعا ولاصائبا ولا ضامنا لقامات كبيرة أصيلة والسبب هو أنه مغشوش ومموّه في العمق... ورغم ذلك بقيت مصرة ومتشبثة برأيها حتى ولو على حساب المبادئ المتعارف عليها ؟ وهذا ما يُطلق عليه ازدواجية الشخصية عند المثقفين يوم يتلفظون بأشياء سحرية لكنهم لا يطبقونها على أرض الواقع. مع نهاية القرن الماضي، شخّص علماء النفس الاجتماعي بأن النجومية الزائدة عن حدها. أو قل السعي الحثيث نحوها...مثلها كمثل من يجر سمكة من عمق بحر على بعد كيلومترات. ثم عند وصوله للساحل يكتشف بأنه كان يجر هيكلا عظميا لا غير...؟ هذه الظاهرة أكيد هي متفشية في الوطن العربي برمته وما أكثرها في الجزائر. حيث لا يقتصر الأمر على الحياة الأدبية، بل نلتمس ذلك في عدة جوانب كالفن والسياسة والرياضة...فغالبا ما تصادف رجلا مرموق المكانة سياسيا وله نفوذ حاد.. لكن بمجرد أن تستمع إليه أو تجالسه سرعان ما تبكي على حالك وحال هذه الأمة. وتتسائل بحسرة منقطعة النظير عن وطنك التعيس ولماذا هي الأمور هكذا تسير عرجاء ومقلوبة رأسا على عقب...وتخلص عن أنه كم من عالم جليل ومؤهل كفء مهمش ويعيش على الهامش...بينما جماعات حتى لا نقول عصابات من المتسلقين المتملقين يجلسون على كراسي في قمة الهرم ويصنعون لأنفسهم هالة من التقديس. بل يعبثون بالمال العام؟ ويتحكمون في مصائر من هم أكثر منهم تأهيلا وهِمة... نفس الشيء في الفن تجد عددا من الوجوه لطالما ظلت تحتكر المشهد سواء السينمائي أو الغنائي أو في المسرح لعقود دون أن تترك فرصة لمواهب صاعدة. قادرة على تقديم الاضافات النوعية. بل هي تقف حجر عثرة في طريق بروزها وتألقها...حتى لا تزاحمها مكانها. في الرياضة كذلك تجد مواهب خلاقة ومبدعة. لكنها تُدفن وتُقبر في قُراها وأريافها...لا لشيء سوى أنها لم تجد من يأخذ بيدها ويوصلها نحو ملاعب العشب الاصطناعي ؟ا هي التي ظلت تخاطب نفسها فوق أتربة الفقر والتهميش...بل كما شاهدنا مرات عدة بعض فرق الأحياء يلعبون فوق مزابل ؟ا في الأدب كما قلنا كذلك توجد أسماء تمتلك نصوصا وأفكارا الأجدر بها أن تكون هي محل اهتمام ومتابعة...لكن الأغرب عن كل هذا أن من يعرقل بروزها هذا ليس وسائل الاعلام التي كما قلنا تلهث وراء عدد معين من الأسماء دون غيرها.. وكأن بها وحدها هي من تحمل مشعل الإبداع وستظل محتكرة الصفوف الأمامية دوما...بل أن القمع يجيء من هذه الأسماء نفسها ضد من تراهم هم أدنى منها قربا سواء جغرافيا أو قرب العلاقات...أي بتعبير آخر أن الأسماء الكبيرة تثبط عزائم الأسماء الصغيرة...وتحاول احتوائها بأي شكل من الأشكال...وإن حاولت أن تقترب منها ومحاورتها فإن ذلك لا يدخل إلا من باب أنها أسماء على الطريق وبحاجة إلى رعاية. بل هي في الأصل لا ولن ترضى من أحد أن يسرق عنها هذا المجد والريادة المزعومة. مشكلة هذه الأسماء الكبيرة أنها لا تنتج وإن حدث وأن أبرزت انتاجها للوجود فإنك غالبا ما تجدها تكرر نفسها أو تتلصص على جهود الآخرين... وعندما يتعرضون للنقد... يدافعون عن أنفسهم بمصطلحات ومعاجم نقدية ما أنزل الله بها من سلطان.... كالميتا والتناص والإسقاط الفوقي والإسقاط الأفقي والعمودي بل أن التشابه في النصوص يدل على تقارب الرؤى والهموم المشتركة. إذا ظاهرة وجود أسماك كبيرة تبتلع الأدنى منها والأضعف هي ظاهرة بيولوجية...وجدت منذ بدء الخلق...وهي ظاهرة حية تلزم جميع الكائنات...لكن في الوسط الحيوي والبيئي لا توجد كانت تساهم في تغذية هذا الصراع إلا بين بني البشر..وكأن بها ظاهرة الحمية والتكالب بل التآلب.... يوم يغيب العقل ويصبح الفعل الحيواني هو الرائج السائد وهنا....تغيب صفات التكريم عن بني آدم التي كُرم بها.وتصبح غرائزه هي من تتحكم فيه جملة وتفصيلا...من سلوكياته إلى تصرفاته وصولا إلى نوعية خطاباته ما يتلفظ به من عبارات تدل على حالات هستيرية يعاني منها. ولا تأبى مغادرته أبدا إلا من رحم ربك. شاعر وصحفي جزائري عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.